يوصي إختصاصيّو التغذية باختيار طريقة السلق أو الشوي أو حتّى الطبخ على البخار، بدل القلي. لكن هل فكّرت يوماً في ...
يوصي إختصاصيّو التغذية باختيار طريقة السلق أو الشوي أو حتّى الطبخ على البخار، بدل القلي. لكن هل فكّرت يوماً في أنّ بعض الأطعمة تفقد أهمّ عناصرها عند تعرّضها للحرارة العالية، وبالتالي يُستحسن تناولها نيئة؟
عندما نتحدّث عن الأكل، يجب ألّا نأخذ في الإعتبار المذاق الجيّد فقط، بل يجب التفكير أيضاً في قيمة الطعام الغذائيّة وكيف يُمكن الإستفادة منها إلى أقصى حدود. عموماً، هل يُستحسن تناول الطعام مطبوخاً أم نيئاً؟ رئيسة قسم التغذية في مستشفى معربس، جوزيان الغزال، تطرّقت إلى مختلف جوانب هذا الموضوع خلال حديث خاصّ لـ «الجمهورية».
تعزيز امتصاص بعض المواد
بداية علّقت الغزال على فوائد طبخ الطعام قائلة: «إضافة إلى أنّ هذه الطريقة تجعل مذاق الأكل ألذّ وتفوح منه رائحة أكثر شهيّة، فهي تسهّل هضم الألياف الغذائيّة خصوصاً تلك الموجودة في مصادر النشويّات مثل البطاطا.
كذلك فإنّ طبخ الطعام يسمح بامتصاص بعض المواد الغذايّة بطريقة أسهل. على سبيل المثال، عند طبخ غذاء يحوي مادة البيتا كاروتين مثل الجزر والسبانخ والبروكولي فسيستخدمها الجسم بطريقة أفضل من تناولها نيئة. كذلك الأمر في ما يخصّ مادة الليكوبين المتوافرة بكثرة في البندورة».
ولفتت إلى أنّ «وضع الزيت مع البندورة أثناء الطبخ، سيأتي بمنفعة إضافيّة للجسم. لكن بالتأكيد يُستحسن الطبخ بالزيت الذي يتحمّل درجة حرارة عالية، والأهمّ عدم ترك الزيت مدّة طويلة على النار بل وضعه دائماً في نهاية الطبخة».
الفيتامينات القابلة للذوبان
وأضافت الغزال: «لكن من جهة أخرى، يمكن للحرارة العالية القضاء على بعض العناصر المهمّة، تحديداً في ما يخصّ الفيتامينات القابلة للذوبان والتي تتفكّك على حرارة عالية، مثل الفيتامينات B خصوصاً الـ B9 والفيتامين C. من هنا يُستحسن تناول مصادر الفيتامينين C وB نيئة. والفيتامينات B موجودة بوفرة في الحبوب والبقوليات، لذا فإنّ نسبة معيّنة منها ستتفكّك وما تبقّى يمكن الحصول عليه بالمرقة».
اللحوم والأسماك والدواجن
وتابعت: «ما ينطبق على الخضار، ينطبق كذلك على الفاكهة خصوصاً أنّ غالبيّتها تحتوي على الفيتامين C. لا مانع من التنويع بين الطبخ والنيّئ، لكن بالتأكيد يُستحسن تناول بعض أنواع الخضار ومعظم أنواع الفاكهة نيئة من أجل استفادة قصوى من منافعها الغذائيّة.
أمّا في ما يخصّ اللحوم والأسماك والدواجن، فيجب التعامل معها بحذر بما أنّها تحتوي نسبة عالية من البكتيريا كالسلمونيلا والإي كولي والليستيريا... لذلك يُفضّل طبخها دائماً حتّى تفوق حرارة الطعام الداخليّة 80 درجة للقضاء على البكتيريا والتأكّد من سلامة الأكل.
من جهة ثانية، بالتأكيد توجد فوائد من تناول اللحوم نيئة، مثل السوشي الذي هو عبارة عن سمك نيّئ يزوّد الجسم بنسبة أوميغا 3 أعلى مقارنة بالسمك المطبوخ. لكن من جهتي أفضّل طبخ الأسماك بما أنّ مضارّ تناوله نيئاً تفوق منافعه».
نصائح عامّة
في ما يلي بعض توصيات جوزيان الغزال:
- يُستحسن الطبخ على البخار وبأقلّ وقت ممكن وعلى درجة حرارة منخفضة للحفاظ على أكثر عدد ممكن من الفيتامينات والمعادن.
- تقشير الخضار وتقطيعها لتسريع طبخها وبالتالي الحفاظ على كميات أعلى من المواد التي تحتويها.
- التنويع في تناول الخضار بين نيئة ومطبوخة.
- طبخ كل اللحوم تفادياً لأيّ بكتيريا موجودة في داخلها.
- إذا رغبت في تناول اللحوم النيّئة، تأكّد دائماً من مصدرها واستهلكها بكميات معتدلة.
- من المهمّ أن تمتنع الحوامل والمرضعات عن تناول اللحوم نيّئة بما أنّ البكتيريا تنتقل إلى الطفل عبر الحليب.
التسمّم الغذائي
وبما أنّ كلّ فرد عرضة للتسمّم الغذائي في حال سوء استخدام الأطعمة وقلّة النظافة، توصيكم جوزيان باتباع الخطوات التالية:
- نظافة تامّة خلال تحضير الطعام، أي غسل الخضار والفاكهة وأدوات الطبخ جيّداً وتعقيمها مثلما يجب.
- فصل الأطعمة النيّئة عن تلك المطبوخة تفادياً لانتقال البكتيريا في ما بينها، أي يجب استخدام خشبة طعام واحدة مخصّصة للحوم وأخرى للخضار. كذلك الأمر في ما يتعلّق بتخزينها في البرّاد وإبعادها عن بعضها.
- يُستحستن استهلاك الطعام في المنزل، والإكتفاء بتناوله في المطاعم فقط في المناسبات واختيار الأماكن الموثوق بها.
- التأكّد من أنّ الحرارة الداخليّة للأسماك واللحوم والدواجن تفوق 80 درجة مئويّة عند طبخها لقتل البكتيريا.
- الإنتباه إلى عمليّة تبريد الأطعمة وتناولها قبل تلفها، والتأكّد من حرارة البرّاد منعاً لتكاثر البكتيريا».
التنويع بذكاء
وأخيراً، قالت جوزيان: «القاعدة العامّة هي التنويع في تناول الخضار والفاكهة نيئة ومطبوخة، بما أنّ الإثنين سيوفّران المنافع للجسم. لكن يُستحسن عدم طهي الخضار مدّة طويلة وفي الوقت نفسه تفادي الحرارة العالية جداً، ما سيُساعد حتماً في الحفاظ على نسبة جيّدة من أهمّ العناصر الغذائيّة الضروريّة للجسم. أمّا اللحوم والدواجن والأسماك فيُفضّل أن تكون مطبوخة، وتناولها نيئة في شكل إستثنائي من حين إلى آخر بعد التأكّد من مصادرها ونظافتها ومن سلامة جهازنا المناعي».