في عالم السرعة، كثرة المشاغل، ضيق الوقت، والضغوطات اليومية، يبحث الانسان غالبا عن السلع والخدمات السريعة والسهلة المنال،
من أجل توفير الوقت والجهد، والبحث عن أسباب الراحة ورفاهية العيش. من الأمور اليومية التي نتحدث عنها هو تناول الطعام، والذي جرت العادة في مجتمعنا أن يكون محضرا منزليا بطرق تقليدية وصحية في الكثير من الأحيان.
أما في وقتنا هذا، فضيق الوقت والبحث عن الخدمة السريعة أدى الى التخلي، في الكثير من الأحيان، عن هذا النمط التقليدي في العيش، مما دعى الكثير من الناس الى الاعتماد على الوجبات السريعة للأكل اليومي.
ان الاعتماد على الوجبات السريعة "العصرية" له مضار صحية جمة، خصوصا عند الاستهلاك شبه اليومي لهذه المأكولات. ترتكز هذه المأكولات المنتشرة في مناطقنا على المعجنات الجاهزة للوجبة الصباحية (الترويقة)، وعلى اللحوم والبطاطا المقلية بالزيوت النباتية مع الخبز الأبيض، والمشروبات الغازية عند وجبة الغذاء و/أو العشاء. هذا يؤدي الى استهلاك الناس لكميات كبيرة من السكريات، والدهون غير الصحية، والتي أثبتت الكثير من الدراسات مضارها الصحية من حيث رفع خطر الاصابة بأمراض القلب والشرايين والسكري، اضافة الى بعض الآثار النفسية السلبية.
من ناحية اخرى، يؤدي ذلك الى ابتعاد المستهلك عن ادخال الخضار والفاكهة والبقوليات، البيض والحليب ومشتقاته، الشوربات، اليخنات، العصائر الطبيعية الطازجة، والأطعمة الصحية التقليدية المطبوخة في وجباته اليومية، مما يؤدي الى الحرمان من العديد من الفيتامينات، البروتيينات، والمعادن المهمة لصحة الجسم. مع العلم أن المطبخ اللبناني شديد التنوع ويحتوي على وصفات صحية ولذيذة بشكل كبير، وهي محبوبة لدى معظم أفراد مجتمعنا.
أما من الناحية المادية، يعتبر الاعتماد على طعام "الخارج" الجاهز على حساب الطعام المنزلي مكلفا جدا، خصوصا في ظل غلاء الأسعار في الأسواق الذي نعاني منه في أيامنا هذه.
هنا، تقع المسؤولية على المستثمر والمستهلك في آن معا، حيث ان ارتفاع طلب المستهلك على الأطعمة الجاهزة غير الصحية يحفز المستثمرين على تعزيز الاستثمار في هذا القطاع، وفي الوقت نفسه، لا زال الراغبون في شراء الأطعمة الجاهزة الصحية (خصوصا الأكلات اللبنانية المطبوخة) يجدون مبادرة الأسواق نحو تأمين هذه الخدمة ما زالت خجولة.
بناء على ذلك، نقترح بعض التوصيات تساهم في الحفاظ على صحة الانسان، وعلى التراث الغذائي اللبناني، ولترشيد الانفاق على مستوى الأسر، وهي:
• اعتماد الناس بشكل أساسي على الغذاء المنزلي على مستوى كافة الوجبات اليومية، ابتداء من تنظيم الوقت والتعاون على مستوى أفراد الأسرة الواحدة
• تشجيع المبادرات المنزلية عبر شراء الأطعمة الصحية الجاهزة (أطعمة مطبوخة، شوربات، سلطات، مأكولات تراثية،...)
• حث المستثمرين على تعزيز قطاع المأكولات الصحية بدلا من المطاعم المنتشرة بكثرة، والتي تأخذ طابعا واحدا
• زيادة الوعي العلمي لدى المستهلك حول أهمية استبدال الأطعمة غير الصحية بتلك الصحية