القطاع التعاوني وثقافة الاستهلاك المحلي

القطاع التعاوني وثقافة الاستهلاك المحلي
عرفت المجتمعات البشرية التعاونيات منذ أكثر من مائتي عام، وتم الأخذ به كأحد الآليات الاجتماعية الاقتصادية لتحقيق التنمية في كثير من بلدان العالم

وحسب ما يصدر من تقارير للاتحاد الدولي للتعاونيات يوجد القطاع التعاوني في أكثر من مائة دولة، ويبلغ تعداد الأفراد الأعضاء في هذه التعاونيات بشتى أنواعها ما يزيد على 760مليون عضو، بل يعتبر بعض المراقبين أن التعاونيات هي القوة الاقتصادية الثالثة بعد القطاعين الحكومي والخاص في العديد من دول العالم.

وتعتبر الجمعيات التعاونية رابطة اختيارية مكونة من عدد من الأشخاص بهدف الحصول على خدمة ما بسعر أفضل وبشكل جماعي، ولهذا تحرص دول العالم على دعم الحركة التعاونية مادياً وفنياً وترشيد مسارها والإشراف على أعمالها لتمكينها من تحقيق أهدافها في ظل وجود الكثير من المتغيرات الاقتصادية في العالم التي تتطلب إيجاد كيانات تعاونية تضمن توفير السلع والخدمات بسعر التكلفة من خلال تأمين المشتريات والواردات بشكل جماعي تحت العلامة التعاونية وتوفير بدائل السلع والخدمات التي يرتفع سعرها في الأسواق نتيجة العديد من العوامل التي من أهمها جشع وسيطرة التجار التي تلحق الضرر بمصالح أصحاب الدخل المتدني من المواطنين، ويوجد حالياً أكثر من مليون جمعية تعاونية في العالم تقدم خدماتها المختلفة لمئات الملايين من البشر الذين لا يمكنهم الحصول على السلع والخدمات بسعر التكلفة بمفردهم.

 وبما أن غاية الجمعيات التعاونية هي تحسين حالة أعضائها اقتصادياً واجتماعياً، فإن موضوعها يمكن أن يكون أي موضوع يخدم تلك الغاية، وعليه، إن الجمعيات التعاونية يمكن أن تكون: زراعية، سكنية، إستهلاكية، ثقافية، توفير، تسليف، حرفية.

 

دور التعاونية في المجتمع

تلعب التعاونية دوراً ريادياً في عملية تطوير المخزون المعرفي المناطقي لأهالي القرى ودعم أفراد المجتمع مادياً ومعنوياً والوقوف الى جانبهم للعمل على تطوير قدراتهم وإمكاناتهم ليستطيعوا بعد ذلك الإعتماد على أنفسهم للعمل بإحتراف والعيش بكرامة، فضلاً عن تثقيف وتوجيه المنتسبين إليها إنتاجياً وإستهلاكياً وتشجيع أصحاب المهارات على تصريف وتسويق منتوجاتهم.

كما تؤدي التعاونيات دوراً كبيراً في مجال تشجيع الإنتاج المحلي زراعياً وصناعياً من خلال إيجاد فرص الإستثمار، كما تساعد المنتسبين إليها على تنمية إمكاناتهم وقدراتهم وتحسين إنفاقهم إضافة إلى تصنيع منتوجات قروية طبيعية، الأمر الذي يؤدي إلى تمكين القرويين من المشاركة في الخبرات والأيدي العاملة.

وتستطيع التعاونيات الحدّ أيضاً من مشكلة البطالة وذلك من خلال خلق وعي ثقافي إستهلاكي وإنتاجي محلي وإيمان عميق بزرع الطمأنينة والاستقرار لدى المجتمع.

 

التعاونية وثقافة الاستهلاك المحلي

يبرز دور التعاونيات المحلية في التشجيع على إستهلاك المنتوجات الوطنية عبر إقناع الناس بأهمية هذه المنتوجات والقيام بحملات إعلامية تتضمن الدعوة إلى الإلتفات لتشجيع شراء الأصناف القروية المفيدة صحياً، وتنفيذ ندوات ومحاضرات تهدف إلى تثقيف وتوجيه الناس إستهلاكياً وغذائياً من أجل الحصول على صحة سليمة خالية من الأمراض المميتة.

وبعد تشغيل الأيدي العاملة وتطوير قدراتها وتنمية مهاراتها وإعادة ثقة المستهلك بمنتوجاتها، يُفترض عرض بضائعها لتسويقها بشكل سريع، فتقوم التعاونيات الزراعية بمساعدة صغار المزارعين لتسويق منتجاتهم في أسواق ثابتة ومتنقلة ومشاركتهم في إقامة المعارض التي تساعد المنتج أو المصنّع للتعرف على أساليب وطرق التسويق والتعرف على إحتياجات المستهلك وتمكنه من إعتماد الجودة والنوعية وتوضيب بضائعه بالطريقة الجيدة والمرغوبة لدى المستهلك.

 

مونة بلدية