التنمية المستدامة: تلبي احتياجات الحاضر دون تدمير قدرة الاجيال المقبلة

التنمية المستدامة: تلبي احتياجات الحاضر دون تدمير قدرة الاجيال المقبلة
التنمية هي ممارسة ثقافية ، إقتصادية ، إجتماعية وعلمية من منظور سياسي معين ، لإنعاش حياة شعب من الشعوب ، فتنقله ...

مؤشرات التنمية سياسة لأنعاش حياة الشعوب
التنمية المستدامة: تلبي احتياجات الحاضر دون تدمير قدرة الاجيال المقبلة

التنمية هي ممارسة ثقافية ، إقتصادية ، إجتماعية وعلمية من منظور سياسي معين ، لإنعاش حياة شعب من الشعوب ، فتنقله من واقعٍٍ معيشي متدنٍ إلى واقع أرقى . والتنمية المستدامة هي تلك التنمية الحقيقية القادرة على الإستمرار و التواصل من منظور إستخدامها للموارد الطبيعية ، والتي تلبي إحتياجات الحاضر دون أن تؤدي إلى تدمير قدرة الأجيال المقبلة على تلبية إحتياجاتها الخاصة.

يُعرف المجتمع الذي يتصف بكثافة إعتماده على المعلومات والتواصل في مختلف أنشطته بمجتمع المعلومات. وإن فالأهمية البالغة التي يكتسبها مجتمع المعلومات في العصر الحالي تنبع من الفوائد الجمة التي يمكن للدول والمجتمعات جنيها من قبل هذا المجتمع في مجالات التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وتعتبر عملية تجميع المعلومات عملية أساسية من أجل وضع السياسات الإجتماعية والإقتصادية والتنموية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. كما تعتبر أساساً لرصد التطور الإجتماعي والإقتصادي للمجتمع مع مرور الزمن، ولمراقبة تنفيذ السياسات الموضوعة على أرض الواقع مع الأخذ بالإعتبار الظروف المحيطة السياسية والإقتصادية وكذلك التجاوب الإجتماعي مع هذه السياسات.
لذلك تعتبر المؤشرات والأدلة أحدى الأدوات الأساسية التي تساعد في رصد وتقييم هذا الواقع، اذ انها تسمح بالتوصيف الكمي والنوعي للواقع كما انها توفر وسيلة لمقارنة الأوضاع بين الدول المختلفة، أو فيما بين المناطق المختلفة في البلد الواحد. وتشكل المؤشرات والأدلة أدوات قيمة لصياغة السياسات والبرامج التنموية والإقتصادية والإجتماعية ومراقبة تطور تنفيذها.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ المؤشرات تساهم في زيادة الوعي حول قضايا هامة للمجتمع وتساهم أيضاً في تعزيز وتمكين المرأة.
ووفقاُ لما تمّ عرضه ، ننطلق الآن نحو ما يُدعى بمؤشرات التنمية وآلية إستخدامها في مختلف دول العالم.

إنّ مؤشر التنمية هو مؤشر يُعتمد لقياس التنمية في الدول المختلفة. وهذا المؤشر هو مؤشر مركب يقيس إنجازات الدول في ثلاثة من نواحي التنمية هي:
1-مؤشر التعليم المركب الذي يضم نسبة غير الأميين في مجتمع ما ونسبة المنخرطين في التعليم الإبتدائي والثانوي والجامعي .
2-مؤشر أمل الحياة عند الولادة .
3-مؤشر الدخل القومي الإجمالي للفرد محسوباً بالقوة الشرائية.

و ابرز مؤشرات التنمية :
* الفقر البشري في البلدان النامية .
* إتجاهات التنمية البشرية ونصيب الفرد من الدخل .
* التقدم المحرز فيما يتعلق بالبقاء على قيد الحياة .
* الملامح الأساسية للصحة .
* اختلالات التوازن في التعليم .
* اختلالات التوازن في استخدام الموارد .
* استخدام الطاقة .
* الملامح الأساسية للتدهور البيئي .
* الأمن الغذائي والتغذية .
* الفجوات بين الجنسين في عبء العمل وتوزيع الوقت .
هذا الجزء من الكم الواسع من المؤشرات يتيح إمكانية التعرف على التطور المُحقق وآفاق التنمية المستدامة، ويعكس صورة أولية للحياة الاجتماعية والسياسية وللحقوق والحريات الفردية، التي هي عنصراً أساسياً في التنمية .

ثمّ يأتي وضعُ وإستخدام مؤشرات التنمية رداً على هاجس كبير، هو الحرص على أن تكون القرارات المتعلقة بالتنمية المستدامة مرتكزة على معلومات صحيحة، وملائمة ، ومتاحة في اللحظة المناسبة.
ومن هذه المؤشرات مثل الناتج المحلي الإجمالي وقياس التيارات المختلفة للموارد أو التلوث لا تعكس دائما مفهوم الإستدامة، فالتفاعلات بين مختلف ثوابت البيئة، والسكان، والمجتمع، والتنمية، فهي ليست مطورة ومطبقة بما فيه الكفاية.
لذلك، فإن وضع مؤشرات للتنمية المستدامة أصبح ضرورياً من أجل أن تشكل هذه المؤشرات قاعدة ذات فائدة لإدارة جميع جوانب التنمية المستدامة.

ولإستخدام مؤشرات التنمية يجب التركيز على تحليل إحصائي يمكن أن يوفر الأدلة اللازمة لتقييم وضع أو لتقييم سياسات وإستراتيجيات معينة. لذلك يجب أن تضم المؤشرات الجيدة المزايا الإحصائية التالية: التوافق مع المعايير الدولية، والمرونة للسماح بالتغيرات بناء على التقييم الدوري، ودمج التغيرات النظامية والثقافية بين الدول المختلفة .

وهذه أهم المعايير لإعداد مؤشرات جيدة للتنمية :
1- أن تعكس شيئاً أساسياً وجوهرياً لصحة المجتمع الإقتصادية أو الإجتماعية أو البيئية طويلة الأمد على مر الأجيال.
- أن تكون واضحة ويمكن تحقيقها أي ببساطة يستطيع المجتمع فهمها وتقبلها .2
3- أن تكون قابلة للقياس ويمكن التنبؤ بها .
- أن تكون ذات قيم حدية متاحة .4
5- أن توضح ما إذا كانت المتغيرات قابلة للقلب ويمكن التحكم فيها أم لا.
6- النواحي الخاصة : ينبغي تحديد الأساليب المستخدمة في إعداد أي مؤشر بوضوح وأن يتم توظيفها بدقة وأن تكون مقبولة إجتماعياً وعلمياً وأن يكون من السهل إعادة إنتاجها .
7- الحساسية للزمن :بمعنى أن المؤشر يشير إلى إتجاهات نموذجية إذا إستخدم كل عام.

وإنّ معظم دول العالم قد بذلت جهوداً من أجل وضع مؤشرات وطنية للتنمية المستدامة ، ففي المغرب مثلاً كانت مؤشرات التنمية البشرية والفقر الإنساني متطورة جداً.
وفي تونس أيضاً ، فإنّ مؤشرات التنمية المعروضة بصورة محدودة تسعى إلى تقييم التطور العام الملاحظ على الصعيد البشري، والاقتصادي، والاجتماعي، والبيئي. وقد قامت تونس بإختبار لمؤشرات التنمية ضمن برنامج العمل الوطني للبيئة و التنمية المستدامة ، ومن خلال هذا الاختبار، كان على البلدان المعنية تحليل ملاءمة هذه المؤشرات لأوضاعها الوطنية وإمكانية التعبير عن هذه المؤشرات بالأرقام منها :
- إستخدام مؤشر برنامج الأمم المتحدة للتنمية الخاص بالتفاوت (العلاقة بين الحصة من المداخيل العائدة إلى 20% الأكثر فقراً وبين الحصة العائدة إلى 20% الأكثر ثراء). بدلاً من استخدام معدلات الفقر.
- اما بخصوص أنماط الاستهلاك والأمن الغذائي، فقد تم اقتراح عدة مؤشرات مثل معدلات تغطية الاحتياجات الاستهلاكية من الإنتاج الوطني، والإنفاق لكل شخص وفي كل السنة، المخصص للغذاء.
- الصحة : تم الاحتفاظ بجميع مؤشرات الأمم المتحدة، ومع ذلك، اقترح إضافة مؤشر إمكانية الحصول على العلاج.
- تخطيط المدن والمستوطنات البشرية : إقترح عدد السكان لكل غرفة ليحل محل المساحة المتوسطة القابلة للسكن لكل شخص.
- أمافي موضوع التعليم الأساسي : تم إكمال القائمة بمؤشرات تجسد إشكاليات التعليم، التربية البيئية،والتدريب المهني .


إنّ مسألة مؤشرات التنمية أصبحت مسألة ضرورية وحتمية لا مفرّ منها، ومن البديهي أن هناك إرادة واضحة لدى مختلف بلدان العالم لوضع مؤشرات ملائمة ومطابقة لما تم تجميعه من معلومات دقيقة ، إضافة إلى أنّ هذه المؤشرات تمكّن سلطات هذه البلاد من القيام بأعمال لتحقيق الغاية المتوخاة في التنمية المستدامة وذلك تبعاً لإحتياجات وأولويات كل بلد ، حيث أنّ مؤشرات التنمية ليست قابلة للتطبيق أو الاستخدام في جميع الأوضاع لكونها لا تعكس، حقائق تلك البلدان .