دور الوعي البلدي في التنمية المحلية: التنمية المحلية هي القدرة على الإستفادة من مصادر البيئة البشرية والمادية المتوافرة وزيادة تلك المصادر كماً ونوعاً وتطويعها بما يعود نفعه على جميع أفراد المجتمع، مع ضمان إستدامة هذه المصادر. ويبقى العنصر البشري وتطويره ماديا
التنمية المحلية هي القدرة على الإستفادة من مصادر البيئة البشرية والمادية المتوافرة وزيادة تلك المصادر كماً ونوعاً وتطويعها بما يعود نفعه على جميع أفراد المجتمع، مع ضمان إستدامة هذه المصادر. ويبقى العنصر البشري وتطويره مادياً وثقافياً وروحياً الشرط الأساسي لكل تنمية حقيقية.
التنمية لا تتحقق بمفهومها العلمي والشامل وببعدها المحلي والوطني إلا من خلال مشاركة جميع العناصر الفاعلة في المجتمع، لما تنطوي عليه هذه المشاركة من أهمية في تعديل السلوك الإجتماعي للمواطنين وفي بناء معايير وقيم إيجابية تقوم على التضامن الإجتماعي والمشاركة الشعبية في التنمية النابعة من الإحتياجات الحقيقية للأهالي، فيتحقق بالتالي الإنتماء الفعلي لدى المواطنين ويتم بناء علاقة تعاون وثقة بينهم وبين السلطة المحلية والوطنية.
أما بالنسبة لآليات تنفيذ المشاركة الأهلية، فيمكن مراعاة وضع خطة متكاملة تتضمن التوعية والتثقيف بأهمية المشاركة في الحياة العامة من خلال تعميق الحوار بين كافة شرائح المجتمع وإتجاهاته، كما يجب إعداد وتربية جيل يعي حقوقه وواجباته من خلال تعميق القيم والمفاهيم، وتشجيع الحوار والمشاركة بين الحكم المحلي والمجتمع المدني بشكل يضمن الإعتماد على الذات على المستوى المحلي.
من الضروري الاستفادة من مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات المحلية لتحقيق مفهوم المشاركة في العمل البلدي وعملية التنمية المحلية. فالبلدية هي ركن أساسي في تنمية المجتمع المحلي، وفي تطوير وضعه الإقتصادي والسياسي والتربوي والصحي والبيئي، وفي التنشئة الوطنية إنطلاقاً من تماسكها المباشر مع الكتلة البشرية التي تقع ضمن نطاق مسؤولياتها وتواصلها المتين مع السلطة المركزية .
نَصّ القانون البلدي اللبناني في :
1 - مادته الأولى أن: " البلدية هي إدارة محلية، تقوم، ضمن نطاقها، بممارسة الصلاحيات التي يخولها إياها القانون. تتمتع البلدية بالشخصية المعنوية والإستقلال المالي والإداري في نطاق هذا القانون".
2 - في مادته السابعة والأربعين: "إختصاص المجلس البلدي هو كل عمل ذي طابع أو منفعة عامة في النطاق البلدي".
3 - وفي مادتيه 49 و50 إختصاصات المجالس البلدية في إقامة المشاريع الإنتاجية وتحقيق التنمية المحلية، وجعل من مهامها إقتراح وتولي البرامج العامة للأشغال والتجميل وتخطيط الطرق وتوسيعها وإنشاء الحدائق والساحات العامة ومشاريع المياه والصرف الصحي والإنارة وحل مشكلة النفايات وإنشاء الأسواق والمنتزهات والملاعب والمكتبات العامة والمدارس والمساكن والمراكز الصحية وتنظيم النقل وإسعاف المعوقين والمعوزين ومساعدة النوادي والجمعيات، وغير ذلك من النشاطات والخدمات المحلية التي تقع ضمن النطاق البلدي.
إذا ما نظرنا الى قانون البلديات اللبناني، نرى أنه يضع من ضمن أهداف عمل البلديات: تفعيل التنمية الإجتماعية والإقتصادية للسكان المحليين، في حدود السياسة العامة للدولة وخططها التنموية.
إن آفاق العمل البلدي هي أوسع من أي تحديد قانوني. لذا يستوجب العمل البلدي إتباع منهجيات سليمة لتحقيق التنمية المحلية والتغيير المنشود نحو الأفضل، عن طريق توطيد الروابط الإجتماعية وإشراك المواطنين على أوسع نطاق في صناعة القرار والتنفيذ، وتدريبهم على المساهمة في المشاريع العامة، وعلى الحفاظ على الملكيات العامة ومصالح المجتمع والوطن... فيكبر بالتالي شعورهم بأنه بإمكانهم إذا ما تضافروا أن يحققوا التغيير الذي يتطلعون إليه، ويخرجوا من واقع المتلقي فقط الى واقع المحاور والمراقب والضاغط والمشارك في صنع القرار وتصبح البلدية نواة تغيير محلية وأهم قاعدة لممارسة التنمية وتعزيز مفاهيمها. وقد تجلّت دور هذه القاعدة في العمل الكبير التي أنجزته البلديات بعد حرب تموز 2006 في مختلف القرى المقفهرة والتي تحولت شوارعها الى مقابر للبيوت ولكل مقومات الحياة فحرصت البلديات على لملمة تلك الجراحات وعرضها على جميع المعنيين لتأمين أضعف الايمان من المساعدات حريصة على اعادة التنمية والحياة لتلك المناطق.
ان منظمات المجتمع المدني تعمل على توجيه مشاركة الناس في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية وتنظمهم في جماعات أكثر قوة للتأثير على السياسات العامة وللتمكن من الوصول الى الموارد العامة (خصوصاً بالنسبة للفقراء ً). والأمر الأهم، تنظم هذه المنظمات والجمعيات مأسسة العمل الجماعي، مما يزيد التفاعل والتضامن الاجتماعي، ويقلل من الانتهازية، ويعزز الثقة لدى المواطنين، وتسهل بالتالي التعاملات الاقتصادية والاجتماعية بين الجميع مسؤولين وأفراد وجماعات... كما يشجع التواصل الأقرب بين البلدية والمواطنين والمنظمات المحلية على تبادل المعلومات التي يمكن استخدامها لصياغة برامج تنمية مبنية وفق أولوية الحاجات المحلية، مما يجعلها أكثر فعالية وأبقى إستمرارية.
فالمشاركة بين البلدية ومنظمات المجتمع المدني والأهالي تُمكّن المجتمع من الاستخدام الأمثل لطاقات وقدرات أفراده وجماعاته المنظمة، وتعطي دوراً أكبر للمجتمع المدني، وتمكّن المواطنين من التأثير على السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي تساهم تطورا" مهما" على صعيد التنمية المحلية .