منظمات «المجتمع المدني» تبحث عن تنمية ضائعة: بدأ أمس المؤتمر الثالث عشر لمنظمة «أونكتاد» في قطر بعنوان «عولمة محورها التنمية: نحو تحقيق نموّ وتنمية مستدامين وشاملين للجميع». ينظّم هذا المؤتمر كل أربع سنوات بهدف بحث القضايا التنموية في العالم... التفاصيل
بدأ أمس المؤتمر الثالث عشر لمنظمة «أونكتاد» في قطر بعنوان «عولمة محورها التنمية: نحو تحقيق نموّ وتنمية مستدامين وشاملين للجميع». ينظّم هذا المؤتمر كل أربع سنوات بهدف بحث القضايا التنموية في العالم. هذه المرّة تأتي مشاركة المجتمع المدني فيه لتُظهر أن معاناة الشعوب من الفقر والتمييز الطبقي لا تزال كبيرة، رغم كل ما يقال عن ردم فجوة التنمية.
ففي مؤتمر صحافي عقدته لجنة التسيير الدولية لمنظمات المجتمع المدني، قال المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية زياد عبد الصمد، إن «معدّلات النمو المرتفعة التي تحققت والزيادات الكبيرة في حجم التبادل التجاري خلال العقدين الماضيين لم يؤديا إلى تحسين الظروف المعيشية للشعوب. لذلك، على النظام الاقتصادي والمالي العالمي معالجة أوجه التفاوت المتزايد».
هذه القضية ليست طارئة، إلا أنها باتت مستفحلة، فبرأي عبد الصمد، يشهد العالم أزمة متعدّدة الجوانب: اقتصادية ومالية ومناخية وغذائية، وهي تنتج تفاوتات كبيرة ومتعددة ومتشابكة بين الأغنياء والفقراء، وبين النساء والرجال، وبين الأقوياء والأقل قوّة. أما الأزمة المالية التي نشهدها، فهي نتيجة تزايد الفجوة بين تحرير التمويل والاقتصاد الحقيقي. وهي أزمة كانت مرتقبة في المؤتمر الثاني عشر للأونكتاد.
ومن أبرز التحديات الحالية التي يشهدها العالم، بحسب عبد الصمد، هي تلك المستويات المرتفعة من المديونية غير المستدامة وعدم القدرة على توفير فرص للعمل اللائق. فالظروف المعيشية للمواطنين تحوّلت إلى تحدّ ملحّ بسبب استمرار فقدان الأمن الغذائي وتفاقم معدلات الفقر في العالم.
وفي المقابل جرى التعاطي مع هذه الأزمات على أساس «العمل كالمعتاد»، رغم أن كل هذه الأزمات تؤدي إلى تعميق الأزمات السياسية وفقدان المشروعية.
وبالتالي، يرى عبد الصمد أنه يجب تعديل النموذج التنموي المعتمد «لإنقاذ الأجيال المقبلة، باتجاه نموذج يقوم على رؤى شاملة ومؤشرات جديدة لقياس التقدم ونمو الناتج المحلي الإجمالي»، ويدعو إلى عقد اجتماعي عالمي جديد يقوم على احترام حقوق الإنسان، وعلى العدالة الاجتماعية والبيئية والاقتصادية.
ومن خصائص العقد الاجتماعي الجديد، أنه يجب أن يكون نموذجاً يأخذ في الاعتبار أهمية دور الدولة الديموقراطية والتنموية التي تخضع للمساءلة في تحقيق التنمية المستدامة والعادلة. نموذج الدولة المطلوبة هو ذلك الذي يضمن رفاهية الإنسان وحقوقه وجباية متساوية وعادلة (من خلال الضرائب التصاعدية)، وإعادة توزيع الدخل (من خلال إعمال حقوق الإنسان، مثل الحماية الاجتماعية). الدولة التنموية التي نريدها هي تلك التي تضمن المشاركة الفعالة للمجتمع المدني في صنع السياسات وفي تنفيذها.
ويرى أن السياسات الاقتصادية الكلية والسياسات الاجتماعية مترابطة، ما يعني أنّ على العالم إعادة النظر في نموذج النمو القائم على التصدير واتباع رؤية متجدّدة تحدّد الصلة بين التجارة والمرونة المالية وتعزيز السياسات المالية والنقدية والاستثمارية على مختلف المستويات، الوطنية والإقليمية والعالمية. لذلك، يدعو المجتمع المدني إلى إلغاء اتفاقيات التجارة والاستثمار، والشروط التي تفرضها الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية.
ورغم الدعوة إلى معالجة كل هذه التفاوتات، إلا أن محاولات البلدان المتقدمة، لممارسة ضغط هائل على الأونكتاد للحد من ولايتها، لم تتوقف.
في هذا السياق، دعت المنظمات غير الحكومية، الدول الأعضاء في الأونكتاد، إلى حذف كل المقترحات التي تهدف أو تسعى إلى تمييع أو تخفيف لهجة الوثيقة الختامية للمؤتمر.