المكدوس : المؤونة البقاعية المفضلة!

المكدوس : المؤونة البقاعية المفضلة!
يرى اللبنانيون عموماً أن البيت الخالي من غرفة المؤونة كالبيت بلا سقف، إلا أن أغلب البقاعيين يرون أن البيت الخالي من مكدوس ...

يرى اللبنانيون عموماً أن البيت الخالي من غرفة المؤونة كالبيت بلا سقف، إلا أن أغلب البقاعيين يرون أن البيت الخالي من مكدوس الباذنجان كالغرفة الخالية من المؤونة. هذا ما ردّدته أم احمد، ابنة النبي الشيت صابرين الموسوي
تجلس أم أحمد بجانب حلة نحاسية ضخمة، أوقدت تحتها الحطب لتروي مشوارها الطويل مع كبيس الباذنجان الذي لم يمر عام عليها دون إعداده. تضاؤل نسبة التوافد عليه في السنوات الماضية القليلة، بسبب غلاء المعيشة، لم يردعها من الاستمرار في صناعته. ابتسامتها المليئة بالثقة تقول «يا بنتي المكدوس البقاعي ما في بطعمتو بس بدو طولة بال ومعلمية... صرلي 34 سنة بكبس باذنجان لأؤمن لقمة العيش لولادي، صحيح بدو كتير شغل بس لما يصير جاهز بتجي الرزقة معه».
وعن كيفية صنع المكدوس، تقول أم أحمد «هو من الأكلات السورية القديمة جداً. وعادة تنتظر النسوة نهاية شهر أيلول حتى يبدأن بصناعته، ويمتد الموسم حتى أواخر شهر تشرين الأول. ففي هذا الوقت من العام يكون موسم الجوز البلدي والتركي، إضافة الى الباذنجان، الذي يعرف بالحمصي وأيضا البلدي، والمقصود هنا الباذنجان المدوّر الصغير الذي يغمر بزيت الزيتون لمدة طويلة». وتلفت إلى أن «البعض يفضل اقتراب نهاية الموسم لكي يصبح قلب الباذنجان أبيض وطمعه يميل إلى الحلاوة، وبالتالي تقوم مكوّناته الأساسية على الجوز والفليفلة الحمراء وزيت الزيتون والثوم».
في المرحلة الأولى، تبدأ أم أحمد بغسل حبات الباذنجان ووضعها في وعاء كبير وتغمرها بالماء الفاتر، ويستمر غليها على نار الحطب حتى تنضج، بعدها ترفع الحبات وتوضع مجدداً في وعاء مليء بالماء البارد، ومن ثم ينزع رأس الباذنجانة حيث يجري شقها في الوسط، من دون الوصول إلى أطرافها كي تبقى متماسكة وغير مشققة، وتدلك كل حبة بالملح البحري الخشن في الداخل لرصّها وصفّها على أن توضع عليها «بلاطة المطبخ» وهي عادة ثابتة عند كل البقاعيين.
وما بين هذه المراحل تشير أم أحمد إلى أن فترة إعداد مؤونة المكدوس هي من أجمل اللحظات التي تجمع النسوة والاقارب والجيرة، إذ يحلو معها «شوي البطاطا والبندورة والبصل» وتبادل أخبار الضيعة والذكريات المليئة التي لا تنتهي الى جانب نار الحطب.
وفي المرحلة ما قبل الأخيرة، تنتقل لعملية الرص التي تحتاج الى ليلة كاملة او أكثر لكي تخرج قطرات الماء الموجودة في داخلها، ليأتي اليوم التالي حيث «تُفرد» الحبات على الصينية، وتوضع بجانبها الحشوة المؤلفة من الجوز المقطع والفليفلة الحمراء والثوم المهروس والحرّ بحسب الرغبة. وعند الانتهاء تبدأ عملية حشو الحبات، ومن ثم رصّها جيداً بالمراطبين ذات الأحجام المختلفة الى جانب بعضها بعضا. وتشير ام احمد الى ضرورة قلب المراطبين إلى الأسفل مدة يومين لتصفيتها مرة أخرى من قطرات الماء الباقية، وبعد ذلك تعاد إلى شكلها الطبيعي للتخلص من مختلف السوائل الموجودة في الحشوة ليوضع زيت الزيتون فوقها وتترك 24 ساعة مفتوحة، وأخيراً يقفل المرطبان جيداً ويلف بالغطاء الخاص به في غرفة المونة التي تنتظر قدومه في كل عام جديد.

الأخبار

المكدوس : المؤونة البقاعية المفضلة!