أين الدراسات لتطوير زراعة الزعفران الطبي... كزراعة بديلة؟

أين الدراسات لتطوير زراعة الزعفران الطبي... كزراعة بديلة؟
أين الدراسات لتطوير زراعة الزعفران الطبي... كزراعة بديلة؟: يعتبر لبنان موئلا للزعفران. أحراجه غنية بهذه الزهرة البرية من دون أن يسلّط أحد الضوء عليها. حتى الموسوعات النباتية العلمية لم تأتِ على ذكر الزعفران اللبناني، وكأن هذه الزهرة قُدِّر لها أن تبقى من دون ر

يعتبر لبنان موئلا للزعفران. أحراجه غنية بهذه الزهرة البرية من دون أن يسلّط أحد الضوء عليها. حتى الموسوعات النباتية العلمية لم تأتِ على ذكر الزعفران اللبناني، وكأن هذه الزهرة قُدِّر لها أن تبقى من دون رعاية واهتمام، بالرغم من طرح البعض اعتبار الزعفران كنوع من الزراعات البديلة نظرا لأهميته الطبية وكغذاء لتربية النحل؟
سالت «السفير» أربعة أكاديميين من خريجي عدد من الجامعات اللبنانية، جميعهم لم ينفِ ولم يؤكد وجود الزعفران في لبنان. بعضهم طلب منا معلومات حول شكل الزهرة ليقدم لنا الجواب اليقين. باستثناء خبيرة النبات الدكتورة إلسا ستوت التي تحدثت بثقة: «نعم، الزعفران موجود في لبنان»، وأضافت: «هناك أنواع عدة من الزعفران اللبناني، لكن هناك نوع واحد له جدوى اقتصادية».
ثمة مواطنون يجمعون الزعفران ويعمدون الى تجفيف الوصمات stigmas والسداة stamen وهي الأجزاء العلوية من الزهرة، ولكن من دون خبرات كافية، خصوصا أن الحصول على الزعفران يتطلب الخبرة والدراية، ومعرفة نوع الزعفران المجدي اقتصاديا.
ولا يزال الأمر رهن الصدفة التي ساقت المواطنين الى معرفة الزعفران في مدينة عاليه. يقوم سمير رضوان بجمع الزعفران وتجفيفه، ويقول: «الزعفران منتشر بكثرة في عاليه، وفي الارض التي أملكها ثمة كميات كبيرة، ولم يكن لي علم بأنها زعفران الا السنة الماضية، حيث كان هناك شخص يقوم بجمع أنواع من النباتات البرية (السليقة)، وله خبرة في الزعفران، فلفت نظري الى ان الأزهار الموجودة هي من نوع الزعفران الجيد، وهكذا بدأت اجمع الأزهار وأجففها».
ويضيف رضوان: «إن الاجزاء التي نجمعها من الزهرة ونقوم بتفتيتها باليد أعطتنا نفس لون وطعم الزعفران المعروف عندما نضيفها الى الطعام، ونحن الآن نعمل على اكتساب خبرات في مجال الحصول على الزعفران بطرق علمية، ونحاول بالخبرة والدراسة الحصول على الزعفران الجيد»، لافتاً إلى «اننا وجدنا الزعفران في بلدة المتين في قضاء المتن وقمنا بجلب بصيلات منها وزراعتها في عاليه».


من الأزهار العاسلة

الخبير في مجال الاعشاب العاسلة عبد الناصر المصري مؤلف «دليل الازهار العاسلة في لبنان»، قال: «الزعفران موجود في لبنان وسيكون موضع دراسة في الجزء الثاني الذي أعدّه في مجال الازهار العاسلة في لبنان»، ولفت إلى أن «الزعفران انواع عدة نميزها من ألوانها».
وقال المصري: «الزعفران من الأزهار العاسلة، ويجني النحل منه في اشهر تشرين الاول وتشرين الثاني، وهذه فترة مهمة للنحل ليحصل على غذائه وهو في طور إعداد الخلية، وان كنا لا نستفيد من عسل الزعفران كإنتاج».
وتقول سوزان أبو سعيد: «كنت أظن الزعفران الموجود في بلدتنا شويت هو نوع من انواع الزنبق، ولكن عندما قطفت بعض الازهار لاحظت أنها ذبلت بسرعة، ورجحت أنها نوع من الزعفران، لذلك، دخلت عبر الانترنت الى الموسوعات العلمية وقارنت بينها وبين تلك الموجودة في لبنان، وكانت الزهرة ذاتها، طبعا من نوع معين قصير الساق ولون أوراقه خضراء وأزهاره تميل الى اللون البنفسجي الفاتح والمتدرجة مع نسق لوني يميل الى الأبيض البنفسجي، ويخرج منه الجزء الداخلي الذي نستخرج منه الزعفران».
وأضافت: «لا نعرف اذا كان هذا النوع من الزعفران يمكن الاستفادة منه اقتصاديا، ولكننا نحصل عن طريق تجفيف الزهرة على الزعفران لونا ورائحة وطعما».


من النباتات الطبية

ويقول طارق أبو الحسن إن «تاريخ زراعة الزعفران يعود إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة وهو النوع البري لنبات الزعفران المُروّض المعروف بـ «نبات الكارترايتيناوس». وقد قام المزارعون القدماء بتربية الزعفران بانتقاء النباتات ذات المياسيم الطويلة ثم زرعها في مزارعهم. وهكذا انبثقت الأنواع «المروضة» من الزعفران خلال أواخر العصر البرونزي في كريت. ويَعتقد الخبراء أن هناك وثائق تتحدث عن الزعفران تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، حيث أنه اكتشف عقار طبي في أثناء فترة حكم أشوربانيبال. وابتداء من ذلك الوقت، تم استخدام الزعفران في الطب لعلاج أكثر من 90 مرضاً.
وعرض لخصائصه في المجال الطبي، وأكد أبو الحسن أن «إنتاج الزعفران يتركز في المناطق الجغرافية بدءا من بلدان البحر الابيض المتوسط (بلاد الغرب إلى شرق كشمير)، والعالم ينتج الزعفران حوالي 300 طن سنويا على شكل اوراق ومسحوق، حيث انتج حوالي 50 طنا من الزعفران سنة 1991. وتعتبر إيران، إسبانيا، الهند، اليونان، المغرب وإيطاليا من الدول الأكثر إنتاجا للزعفران».
ويبقى ثمة سؤال: لماذا لا يكون الزعفران اللبناني البري نوعا من الزراعات البديلة؟ وهو برسم الجهات المعنية لتقديم أفكار ومقترحات، خصوصا انه بدا وكأن ثمة ريبة وخوف من الحديث عن الزعفران اللبناني من قبل الخبراء والمواطنين، ما يؤكد أن هذه الزهرة لم تحظَ حتى الآن بالقدر المطلوب من الدراسات الاكاديمية التوثيقية.

السفير