بشاعة الذهب
بشاعة الذهب: كان يفترض أن ننشر هذا المقال الأسبوع الماضي، بمناسبة عيد العشاق (فالنتين)، الا أننا تراجعنا في اللحظة الأخيرة لعدم تنغيص قلب الناس، في زمن تكثر فيه الأحزان والمآسي ويندر فيه الفرح. والآن بعد ان مرّ «العيد»، لا بد من مراجعة لماهية هذا النوع من الأع

كان يفترض أن ننشر هذا المقال الأسبوع الماضي، بمناسبة عيد العشاق (فالنتين)، الا أننا تراجعنا في اللحظة الأخيرة لعدم تنغيص قلب الناس، في زمن تكثر فيه الأحزان والمآسي ويندر فيه الفرح. والآن بعد ان مرّ «العيد»، لا بد من مراجعة لماهية هذا النوع من الأعياد وهداياه.
اولا لا وجود لمثل هذا العيد في تراثنا، ويمكن القول إنه مستورد مع الكثير من السلع، لا بل تم اختراعه بهدف تسويق السلع. بمعنى آخر، تم اختراع هذا العيد والتسويق له على اوسع نطاق عالمي لأسباب تجارية، وقد تسبب في الحصيلة في تسليع الحب نفسه. ليس هذا وحسب. واذ أظهرت بعض الإحصاءات ان الهدايا الأكثر تداولا في العالم هي الورود والذهب، هل سألنا يوما، كيف يصنع الورد وكيف يستخرج الذهب وما هي كلفتهما على الطبيعة والموارد الطبيعية؟
إن زراعة الورود التي تذبل بعد حين ويتم رميها، تتطلب الكثير من المياه والتربة والعناية والأسمدة والمبيدات الكيميائية، فتتسبب في استنزاف التربة والمياه ويتم زراعتها على حساب المحاصيل الزراعية التي نحتاجها للمساهمة في حل الأزمات الغذائية العالمية، التي تتحدث التقارير العالمية في كل سنة عن زيادتها، وزيادة عدد الجياع في العالم، والحاجة الى الأراضي الزراعية، في ظل موجات التصحّر والأنباء عن تغيرات مناخية خطيرة.
الورود والزهور جميلة في أمكنتها الطبيعية. فبدل ان نقطفها او نشتريها لنأتي بها الى البيت، فلنتواضع ونذهب اليها نحن الى الحقل... ونتأملها هناك. نصوِّرها ونتصور معها. نرسمها ونكتبها في اشعارنا ونتنشق راوئحها الذكية في أمكنتها الطبيعة، مما يعزز الشعور بالحب والغبطة والتواضع والاستعداد على التضحية، بدل ان نعزز حب التملك والانانية. ففي القطف او الشراء او الاهداء، مؤشرات لحب التملك، أتعس مظاهر الحب.
اما الذهب، فان عمليات التنقيب عنه واستخراجه وصهره وغسله... تتسبب في تدمير الغابات والمساهمة في التصحّر وفي تغيير مجاري المياه وتلويثها. وتتسبب عمليات الاستخراج ايضا بآثار غاية في السلبية على التنوع البيولوجي وعلى عمال المناجم أنفسهم وعلى سكان المناطق المجاورة الذين يجبرون على النزوح.

السفير