الصقيع والمواسم الزراعية: لم يكن أمام المزارع سامي حمدان أبو سعيد من بلدة شويت في المتن الاعلى سوى النظر الى ثمار "الجوافة" المتساقطة قبل الينوع، والى الثمار الباقية على الاشجار، وهي صغيرة يبس بعضها، فيما تغضّن بعضها الآخر من "حروق" الصقيع والبرد وحال دون
لم يكن أمام المزارع سامي حمدان أبو سعيد من بلدة شويت في المتن الاعلى سوى النظر الى ثمار "الجوافة" المتساقطة قبل الينوع، والى الثمار الباقية على الاشجار، وهي صغيرة يبس بعضها، فيما تغضّن بعضها الآخر من "حروق" الصقيع والبرد وحال دون اكتمال نموها، ليخسر موسما مهما كان يعول عليه كمورد رزق ثابت.
ويقول أبو سعيد، وهو واحد من مئات المزارعين تعرضت مواسمهم للتلف نتيجة عوامل الطقس وموجة البرد والصقيع "في العام 2008 بدأنا الاعتماد على الجوافة كنوع من الزراعات البديلة وكان الانتاج وفيرا فضلاً عن جودته بحيث تمكنا من تسويقه بأسعار مقبولة"، ويضيف: "موسم الجوافة - وكما تشاهدون، معدوما ولم نتمكن من قطف ثمرة واحدة، أما ثمار (الكيوي) فكانت صغيرة غير صالحة للتسويق".
ويبدو أن ما اعتبر خياراً لمواجهة كساد مواسم التفاح والاشجار الجبلية المثمرة، حقق نجاحا في السنوات الخمس الماضية، ما شجع المزارعين على التوسع أكثر في زراعة أصناف في غير بيئتها الطبيعية، والمشكلة لا تقتصر على الانتاج فحسب، ذلك أن المزارعين استعاضوا على أشجار جبلية مثمرة كالخرمة والكرز والتفاح وزرعوا مكانها الجوافة والكيوي والافوكادو، لا سيما في المنطقة الممتدة من عاريا مرورا بشويت والعبادية وصولا الى قرى جرد المتن الأعلى، إلا أن عودة الطقس البارد قضت على آمال المزارعين وكبدتهم خسائر مادية أكبر من خسارة موسم واحد، فهم قطعوا اشجار التفاح والدراق والاجاص وزرعوا مكانها الاصناف الجديدة.
ويعيش المزارعون حالة من التردد، ما بين الاستمرار في زراعة بعض أنواع الفاكهة الاستوائية او الساحلية، او العودة الى زراعة الاشجار الجبلية المثمرة، والمشكلة أن المزارعين متروكون لمصيرهم دون توجيه وإرشاد من الجهات المعنية، وهم يبحثون عن مصدر رزق غير خاضع لمضاربات كبيرة كما هو الحال بالنسبة لزراعة التفاح.
ويقول المزارع حسين المغربي "كل مواسمنا أصبحت عرضة لعوامل الطقس وظروف المناخ حتى التفاح لم يسلم من موجة الحر غير المعهودة السنة الماضية". وقال: "ثمة بدائل لكنها غير مشجعة، ونحن في طور مراقبتها، ولا سيما زراعة الكستناء وهذا يتطلب سنوات اضافية لمعرفة الجدوى الاقتصادية من الزراعات البديلة"، لافتاً إلى أنه "لا بديل بالنسبة الينا في مناطق كفرسلوان وجوار الحوز وترشيش عن التفاح، شرط العمل على تأمين انتاج بجودة عالية وثمار كبيرة يكون مردودها مقبولا وقادرة على المنافسة في الاسواق".
ويقول رئيس "جمعية غدي" فادي غانم: "عمدنا إلى زراعة أغراس لانواع من الفاكهة تنمو وتثمر على الساحل اللبناني، كتجربة ليس أكثر، في إطار دراسة علمية نعمل على توثيقها مع خبراء من الجمعية ليكون الانتقال الى زراعات بديلة مستندا الى أرقام ودراسات وليس عملية ارتجالية، وحذرنا المزارعين من عدم الابتعاد عن الزراعات التقليدية المعروفة في الجبال، وتبين لنا حتى الآن أن (الافوكادو) شجرة قادرة على التأقلم مع التغيرات المتطرفة في الطقس، خلافاً لانواع اخرى مثل المانغا والجوافة والحمضيات"، ولفت الى ان "على المزارعين الابقاء على زراعة الاشجار الجبلية وزراعة انواع اخرى حسب ارتفاع المناطق".