أشجار النخيل تثمر في عاليه!

أشجار النخيل تثمر في عاليه!
إذا ما نظرنا إلى المتغيرات حولنا وما نراه من ظواهر طبيعية، نتأكد أن «الساعة البيولوجية» لسائر النباتات ...

إذا ما نظرنا إلى المتغيرات حولنا وما نراه من ظواهر طبيعية، نتأكد أن «الساعة البيولوجية» لسائر النباتات والاشجار تغيّرت وشابها ارتباك، أو أن ثمة «خللاً» في الطبيعة يفضي إلى ما نراه من ظواهر لا عهد لنا بها من قبل. فمن كان يتصور يوماً أن تتدلى ثمار النخيل من أشجار باسقة في مدينة عاليه؟ آخذاً في الاعتبار أن هذه الأشجار زرعتها بلدية عاليه قبل أكثر من عشرة أعوام كأشجار زينة ضخمة، تسلمتها هدية من الأمير السعودي جلوي بن عبد العزيز، واستقدمت وقتذاك رافعات وآليات لزراعتها على امتداد «شارع المهرجانات»، بإشراف مهندسي البلدية.
المشهد الآن يسترعي الانتباه، ويثير الفضول بين أبناء المدينة وقاصديها، فالبعض يعتبرها مجرد ظاهرة عابرة، فيما يراها آخرون غير منفصلة عن تبعات التغير المناخي، خصوصاً أنها المرة الأولى التي تتزيّن فيها هذه الأشجار بغلال وفيرة، فضلاً عن أن إثمار النخيل على ارتفاع 850 متراً هو دليل آخر على ما نشهد من ظواهر مشابهة.


أكبر من ظاهرة

«هي أكبر من مجرد ظاهرة»، يقول رئيس «جمعية طبيعة بلا حدود» المهندس الأحمدية، ويضيف «لا تمكن مقاربتها بعيداً من ظواهر مشابهة»، ويؤكد أن «هذه مؤشرات خطيرة يدأب العالم للتصدّي لها من ضمن الخطط الهادفة إلى مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ولبنان ليس في منأى عنها». وتساءل «لكن ماذا أعددنا في لبنان لمواجهة هذه المتغيرات وتأثيرها على المواسم الزراعية؟». وأشار الاحمدية إلى أن «المشكلة ليست بيئية فحسب، وانما تترتب عليها نتائج اقتصادية وأضرار طاولت القطاع الزراعي»، وشدد على «ضرورة مواكبة كل ما نراه ودراسته ومحاولة إيجاد رؤية علمية شاملة تكون المنطلق لمواجهة تحديات التغير المناخي»، لافتاً إلى أن «المشكلة كونية، لكن لننطلق من حدود وطننا ونعمل ضمن المتاح من إمكانيات والتحوّل تدريجياً الى الطاقة البديلة...».
كما حذّرت الخبيرة في المحاصيل الزراعية الدكتورة ديانا مروش أبو سعيد من «التسرع في تغيير الزراعات والتحول إلى أنواع لا تلائم الطبيعة الجبلية»، لافتة إلى أنه «لا يكفي الاستناد إلى ظواهر قد تصبح أمراً واقعاً وقد لا تتكرّر أيضاً». وأضافت «يجب ألا نخسر أنواع الزراعات الجبلية، ومدينة عاليه ومنطقتها لا تمثل بيئة ملائمة لإنتاج التمور وإن حملت بوفرة أشجار النخيل المزروعة فيها».
وإذ عزت «السبب للتغير المناخي»، قالت أبو سعيد «خبراء يؤكدون أننا موعودون بشتاء لم نشهد مثيلاً له منذ مئة سنة وآخرون يقولون أن الشتاء سيكون ربيعياً، وهذا مؤشر إلى أن ليس ثمة ما هو واضح. ومن هنا يجب التريث حيال ما نشهد من ظواهر مماثلة، ذلك أن كثيرين بدأوا زراعة الكيوي والجوافة والافوكادو في مناطق جبلية عدة وهي تعطي إنتاجاً، الا ان هذا الامر قد ينطوي على مخاطر اذا ما طرأت تبدلات مناخية فيخسر المزارعون مواسم هذه الأنواع ويكونون قد خسروا أنواع الزراعات الجبلية المعروفة».


تحذيرات من تبديل الزراعات

رئيس «جمعية غدي» المسؤول عن المشتل الزراعي للجمعية في بلدة بمكين قضاء عاليه فادي غانم أشار إلى «أننا لن نعتمد زراعة أغراس جديدة في الوقت الحاضر وسيبقى اهتمامنا منصباً على زراعة الأنواع المعروفة كالأرز والسنديان والملول والصنوبر والاشجار المثمرة»، وأكد «اننا نقوم بدراسات لفهم معمق لهذه المتغيرات، التي قد تكون طارئة، وقد تمثل مساراً جديداً على مستوى المناخ في لبنان، لذلك نتريث قبل اي خطوة في هذا المجال».
وأشار غانم إلى أن «ثمار النخيل في مدينة عاليه تستحق الدراسة»، ورأى أن «ثمة ما هو مطلوب من وزارات الزراعة والبيئة والطاقة والمياه والمؤسسات الرسمية المعنية لمواكبة هذه الدلائل الاولى على تغير المناخ، ونحن كقطاع أهلي سنكون حاضرين أيضاً وقد باشرنا بالفعل الإعداد لدراسات تتضمن رصد كل هذه الظواهر وتأمين قاعدة بيانات ومراقبتها عاماً بعد عام للوقوف على حقيقة ما هو قائم، وعندها سنحدد ما إذا كنا سنستمر في زراعة الأنواع المعروفة من أشجار ونباتات أو نقوم بإضافة أصناف جديدة، خصوصاً في مجال زراعة نصوب الاشجار المثمرة».
مصدر في بلدية عاليه أكد لـ«السفير» أن «هذه الأشجار تحمل ثماراً للمرة الاولى وبهذه الكثرة»، وأشار إلى انها «عشرات الأشجار المزروعة على أحد جانبي الطريق الرئيسية بين مدخل المدينة وساحتها الرئيسية، تحديداً في «شارع المهرجانات» وهي أشجار لها رمزية معينة كأشجار زينة فضلاً عما تمثل عاليه لدول الخليج فهي المصيف والوجهة السياحية والاستثمارية».
ولفت إلى أن «هذه الأشجار حملت بضع حبوب من البلح بعد زراعتها مباشرة، وتبين أنها كانت موجودة كموسم، لكنها لم تطل الا بضع ثمار نتيجة الظروف المناخية»، وأشار إلى أن «مشهد الثمار يُضفي عليها جمالاً أيضاً»، منوّهاً إلى أن «عدداً قليلاً من هذه الاشجار لم تنمُ ويبست نتيجة ظروف المناخ ايضاً وتغيير بيئتها الصحراوية الطبيعية».

السفير