منذ نحو عشرة أيام، انهمك أبناء القرى الحدودية، دفعة واحدة، بقطاف أشجار الزيتون المنتشرة في معظم الحقول ...
منذ نحو عشرة أيام، انهمك أبناء القرى الحدودية، دفعة واحدة، بقطاف أشجار الزيتون المنتشرة في معظم الحقول الزراعية، استغلّوا عطلة العيد، وبدأوا معاً عملية القطاف، استعان العديد منهم بالعمال السوريين، لا سيما النازحين منهم، رغم تدني الانتاج نسبياً هذا العام بسبب الجفاف.
يقدر عدد أشجار الزيتون المزروعة في قرى وبلدات اتحاد بلديات جبل عامل ( 16 بلدة) 300000 شجرة، بحسب مهندس الاتحاد الزراعي حسين جابر. وتكمن المشكلة اليوم في «الانتاج الكبير لزيت الزيتون الذي يفيض عن حاجة المقيمين، ما يعني انخفاض سعر الزيت، اذا لم تؤمن فرص تصريفه الى الخارج»، كما يشير المزارع محمد ترمس (طلوسة).
إلا ان المشكلة الدائمة تكمن في كلفة قطافه وعصره، اذ تقدّر اجرة العامل يومياً بنحو 20 دولاراً اميركياً، ويحصل أصحاب معاصر الزيتون على 10% من الانتاج، يقول المزارع جهاد قوصان (عيترون).
بسبب ذلك، خرجت اسر بأكملها للقطاف، «حتى أن كثراً قرروا تعليق دراسة أولادهم الكبار لاعانتهم في قطاف الزيتون»، بحسب محمد حمدان من بلدة ميس الجبل (مرجعيون). في المقابل، أسر كثيرة بأكملها تحوّلت الى ايد عاملة في الحقول، عدد كبير منها من الفقراء المعدمين الذين يجدون في موسم قطاف الزيتون فرصة سانحة لهم للعمل والانتاج، يبحثون عن العمل بين بلدة وأخرى، محمد أيوب (حولا) يعمل اليوم في بلدة شقرا المجاورة مع زوجته وأولاده «في هذه القرى التي يكثر فيها عدد المغتربين والموظفين نجد عملنا هذا، ونتقاسم الموسم بيننا وبين أصحاب أشجار الزيتون، الأمر الذي يحقق لنا فائدة مالية كبيرة اذا استطعنا بيع انتاجنا من الزيت، والا نضطرّ الى حفظ الزيت لسنتين أو أكثر، ما يؤدي الى انخفاظ سعره وهذا يشكل خسارة كبيرة لنا»، لذلك يفضّل معظم عمال الزيتون تحصيل أجورهم نقداً، وهذا أمر صعب لأن أصحاب حقول الزيتون لا يستطيعون تصريف الزيت أيضاً ويفضلون تقاسم الانتاج مع
العمال.
معظم المزارعين لم يتعلموا أصول الاعتناء بأشجار الزيتون، يلجأون الى أساليب القطاف البدائية، يقول حمدان «نستخدم العصيّ والمنشار، وهذا يضرّ بالانتاج في العام المقبل». لذلك يقول المهندس الزراعي حسين جابر إن «الزيتون أصيب بمرض الجفاف هذا العام، وتعرّضت حباته للسقوط، بشكل لافت، بسبب عدم ري الأراضي ورشّ الأشجار بالمبيدات الخاصة بمكافحة الحشرات، وقد قمنا بتوزيع المصائد الفورمونية على المزارعين، كبديل عن المبيدات المضرّة»، وبيّن أن «الاتحاد اعتنى بحقول مزروعة بأشجار الزيتون، حقل واحد نموذجي في كل بلدة، وحصلنا على انتاج مميز فيها، لتشجيع المزارعين على الاعتناء بالأشجار». ولفت الى «ضرورة عدم حفظ الزيت بغالونات البلاستيك، والاستعاضة عنها بجرار الفخّار أو الزجاج، للحفاظ على جودته».