البرك الاصطناعية.. حلّ "بديل" لانقاذ ما تبقى من زراعة بظلّ أزمة المياه المستمرّة

البرك الاصطناعية.. حلّ
البرك الاصطناعية.. حلّ "بديل" لانقاذ ما تبقى من زراعة بظلّ أزمة المياه المستمرّة : هي البرك الاصطناعية، أو ما يمكن اعتباره "البديل" لحماية ما تبقّى من الزراعة في ظلّ المناخ الصحراوي الذي تتّجه المنطقة، ولبنان جزء منها، نحوه بثبات. فنتيجة الارتفاع المستمرّ

هي البرك الاصطناعية، أو ما يمكن اعتباره "البديل" لحماية ما تبقّى من الزراعة في ظلّ المناخ الصحراوي الذي تتّجه المنطقة، ولبنان جزء منها، نحوه بثبات. فنتيجة الارتفاع المستمرّ في درجات الحرارة وما ينتج عنه من تدهور في التربة الأمر الذي يشكّل تهديداً جدياً للأمن الغذائي، توقعت منظمة الأغذية والزراعة الدولية أن يعاني قطاع الزراعة في لبنان من خسائر إضافية، لاسيما أنّ المياه باتت مشكلة بحدّ ذاتها جراء الهدر الحاصل على صعيدها والعجز عن الاستفادة منها لتنمية القطاع الزراعي كما يفترض.

برك اصطناعية.. بمواجهة الأزمة المزمنة
إنّ التصدي للمشكلة المائية الناتجة عن ارتفاع مستويات الاستهلاك وانخفاض معدل الهاطل المطري يتطلب تخفيض معدلات الاستهلاك والهدر، بما يسمح بتحويل الزيادة على طلب المياه جراء الزيادة السكانية الحاصلة والمتوقعة الى جانب عبء متطلبات التنمية الاقتصادية الاجتماعية. وإنّ أيّ اختلال في التوازن بين ما هو متاح وما هو مطلوب يؤدي إلى ندرة المياه، لذا فالمطلوب زيادة حاصلاتنا من الغذاء مقابل استخدام كميات أقل من المياه وذلك عن طريق الأبحاث التي تستبدل الزراعات التي تحتاج الى كميات كبيرة من المياه عملاً بمبدأ إنتاج أكبر بمياه أقل. وانطلاقاً من ذلك تمّ تحديد الهدف المنشود ألا وهو إيجاد برك اصطناعية.



الموارد المائية في خطر
بحسب الخبير في البيئة الدكتور ولسون رزق، فإنّ مواردنا المائية محدودة ونحن بتنا تحت خط الفقر المائي العالمي. ويوضح الدكتور رزق لـ"النشرة" أنّ شبكات الري في لبنان تعاني من الاهتراء وفقدان المياه في الزراعة بحدود 50%، علماً أنّ تقنيات الري الحديث المستخدَمة تساهم في تعويض هذا النقص بنسبة 20%، حيث أنّ المشروع الأخضر يعمل على تشجيع هذه التقنية إلا أنّ الكلفة الاقتصادية لدعم مشاريع الري مرتفعة وهي قد تدفع المزارعين الى تبذير الكميات القليلة المتوافرة من الماء. و هنا يرى الخبراء، كما يلاحظ الدكتور رزق، أن الإقلاع بالقطاع الزراعي يجب ان يرتكز على إستراتيجية متكاملة لا تنحصر بكيفية الحد من آثار الجفاف إنما تركّز على كيفية تحدي الجفاف و الإقلاع عن وسائل وطرق الري القديمة التي تعتبر المدخل الأول لهدر المياه بنسبة 47%، لتصل لخلاصة مفادها أنّ استخدام طرق الري الحديثة يشكّل الطريقة المثلى التي يجب اعتمادها، حتى أنّ بعض الخبراء يشددون على إلزاميّة تطبيق هذه الطرق لأن الكثير من الدول ألزمت المزارعين بوجوب اعتماد طرق الري الحديثة للحد من الاسراف بالمياه.



البرك الجبلية آخر الكي
ويشير الدكتور ولسون رزق إلى أنّ إنشاء البرك والبحيرات الجبلية والسدود الصغيرة هو إجراء لا بدّ منه للاســتفادة من كل قطرة ماء وللتوقف عن الاستنزاف الجائر للموارد المائية وحماية المصادر المائية من التلوث واعتماد سياسة مائية وبيئية موجهة لتعزيز التنمية المستدامة. وانطلاقاً من ذلك، يتحدّث الدكتور رزق عن الفوائد المتوخاة من إنشاء البرك الجبلية التي يمكن تعدادها على عدة أشكال كزيادة المساحات المستصلحة والمساحات المروية، مع تأمين دخل اضافي للمزارع وزيادة في الإنتاجية بهدف تثبيت المزارع في أرضه، باعتبار أنّ إنتاجية ومردودية زراعته أصبحت اقتصادية ومضاعفة قياساً على إنتاجية الأرض البعلية، دون أن ننسى إمكانية اعتماد زراعات جديدة ذات مردود اقتصادي أفضل في استعمال مياه الري والاستفادة منها في تربية الأبقار والماشية. ويلفت الدكتور رزق أيضاً إلى إمكانية استثمارها سياحياً بوجود برك ومطاعم بقربها، كما وتعزيز دورة اقتصادية افضل باستهلاك كميات اكثر من البذور والاسمدة والمبيدات بإنشاء طرق زراعية اضافية وصولا إلى الأرض المنتجة.


متنفّس الشباب.. ومصدر رزقهم
وسط ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ أحجام البرك الاصطناعية تختلف تبعا لكبر البلدة واتساعها ومدى انتشار الزراعة فيها، حتى أنك قد تجد اكثر من بركة في البلدة الواحدة. وكان حفر البرك يتم في الاراضي الترابية لسهولة الحفر فيها، ثم يقام حائط من الحجارة الصخرية ويوضع الطين عليه، كي لا تتسرب المياه منها. لكن البرك التي كانت تحفر في الصخر هي الافضل، كما يقول البعض، رغم انها تتطلب جهدا اكثر، لان الصخر يحافظ على المياه من التسرب. وفي حال وجود نبع في الضيعة كانت البركة تقام حول ذلك النبع لضمان جمع مياهه باستمرار، و على سبيل المثال هناك قرى لبنانية قامت البرك فيها بما هو أكثر من ذلك، إذ كانت مكانا تقصده النسوة لغسل الأواني و الثياب، بهدف توفير المياه المجمعة في الآبار الخاصة للشرب، وقد شكّلت البرك في ايام الصيف الحارة المتنفس الوحيد لشباب القرية للقيام بهواية السباحة. وفي الوقت نفسه كانت مصدر رزق لأصحاب صهاريج نقل المياه، حيث تجدهم مصطفين بجانب البركة في انتظار توصيل نقلة الى حقل او ورشة او منزل.



أصناف جديدة لمقاومة الجفاف
إزاء هذا الواقع، تعمد الآراء العلمية التركيز على استنباط أصناف جديدة من المحاصيل العالية الإنتاجية المقاومة للجفاف والأمراض باستخدام التقنيات المتاحة كافة، وتحسين إدارة الموارد المائية وترشيد استخدامها للوصول إلى أفضل كفاءة فنية واقتصادية والبحث عن موارد اضافية، اضافة الى توسيع دور الإرشاد الزراعي والمائي الميداني على مستوى الحقل وتأمين مستلزمات ذلك وإقامة مراكز لتدريب المزارعين والمحافظة على المخزون الـجوفي ليبقى مخزوناً استراتيجياً وتشجيع اعتماد الري الحديث وإنشاء المزيد من البحيرات الجبلية وبناء السدود وإقامة محطات تكرير المياه لإعادة استعمالها لأغراض الري واستعمال مياه الينابيع البحرية قبل اللجوء لتحلية مياه البحر.