
الموسم يتراجع بنسبة 75%.. ودعوات لتقييد الاستيراد من الخارج: ينتظر مزارعو التفاح دعماً لن يأتي، وهم خبروا ظروفاً أصعب وأقسى منذ اعتمدوا زراعة التفاح سبيلاً وحيداً للقمة عيش كريمة، فـ«الموسم تراجع بنسبة 75 في المئة هذا العام بفعل تغيرات مناخية تركت آثارها على ا
ينتظر مزارعو التفاح دعماً لن يأتي، وهم خبروا ظروفاً أصعب وأقسى منذ اعتمدوا زراعة التفاح سبيلاً وحيداً للقمة عيش كريمة، فـ«الموسم تراجع بنسبة 75 في المئة هذا العام بفعل تغيرات مناخية تركت آثارها على المحصول»، يقول المزارع فوزي المغربي من بلدة كفرسلوان، ويضيف: «الاسعار مرتفعة لكن لا انتاج... وعندما يكون الإنتاج وفيراً تكون الاسعار متدنية الى ما دون الكلفة».
لا يعول المزارعون في المتن كثيراً على حضور الدولة ومواكبتها لمواجعهم، وهم يواجهون الآن ظروفا مأساوية، ذلك أنه رغم تراجع الانتاج إلى مستويات غير معهودة من قبل، إلا أن «التفاح المكدس الآن في البرادات لم يجد أسواقاً للتصدير إلى الخارج» يقول بسام سعيد المشرف على براد التفاح الأكبر في المتن الاعلى الموجود في بلدة خلوات فالوغا، ويعرض سعيد تفاصيل الواقع القاتم على النحو الآتي: «كان البراد يستقبل نحو 50 ألف صندوق سنوياً، أما هذه السنة فلم يتعدَّ العدد الـ5 آلاف صندوق، وحتى مع هذه الكمية الصغيرة يواجه المزارعون صعوبات في تصريفها في اسواق بيروت، نظراً لكون الاسعار تتدنى احيانا الى ما دون كلفة الانتاج او تكون مقبولة نسبيا اذا بيع صندوق التفاح زنة 20 كيلوغراما بما بين 18 و30 الف ليرة بحسب نوعيته، وهذه الاسعار يمكن اعتبارها جيدة في ما لو كانت ثابتة وكان الانتاج وفيراً، وبرغم ذلك فإن الطلب على التفاح لا يزال قليلاً، وكميات الانتاج القليلة لدى كل مزارع لا تؤمن له ارباحا ترد ولو جزءاً من كلفة الإنتاج المرتفعة».
وفي هذا السياق، يؤكد رئيس «نقابة مزارعي التفاح والاشجار الجبلية المثمرة في لبنان» فؤاد نصر لـ«السفير» أنه «لم يعد بالإمكان تأمين فرص لتصدير الانتاج إلى الدول العربية ولذلك يتم تصريف الانتاج في الاسواق المحلية»، ولفت إلى أن «الوسطاء هم الحلقة الأكثر إفادة في مقارنة مع السعر الذي يفرض على المزارع والسعر الذي يفرض على المستهلك»، لافتاً إلى أن «الأسواق الخارجية مقفلة في وجه الإنتاج اللبناني بسبب ارتفاع الكلفة وعدم القدرة على المنافسة»، وقال «كنا نسوق إنتاجنا من التفاح في العراق والسعودية ومصر وبعض دول الخليج».
وأضاف نصر: «واجهنا مشكلات كبيرة قبل اعلان اتفاقية التيسير العربية التي أمهلت لبنان نحو سبع سنوات من اجل تطوير القطاع الزراعي ليكون منافساً في الاسواق العربية، لكن طوال هذه الفترة لم تهتم وزارة الزراعة بتحسين القطاع الزراعي والعمل على تخفيض كلفة الانتاج كي نتمكن من المنافسة في هذه الاسواق، وقد فوتت الفرصة على لبنان يوم تمكنا من تأجيل تنفيذ الاتفاقية ثلاث سنوات تحت ضغط مطالب الجمعيات والنقابات الزراعية، وقد استجاب المجلس الاقتصادي الاجتماعي العربي وأرجأ تنفيذ الاتفاقية لسنوات ثلاث ريثما نكون جاهزين، لكن طوال هذه الفترة لم تهتم الدولة اللبنانية بما هو مطلوب منها، ولا يزال القطاع الزراعي يتراجع مع عدم قدرتنا على منافسة منتجات الدول المحيطة بنا في الأسواق العربية».
وعما إذا كان ثمة توجه لدى النقابة لاعتماد أنواع جديدة من التفاح يمكنها المنافسة في السوق الخارجية، قال نصر: «هذا يتطلب مساعدة الدولة، فالزراعات الجديدة من أنواع لا تحتاج إلى تبريد ويمكن للمزارعين وضعها في منازلهم مدة طويلة وهي تتحمل مشقات التصدير من دون ان تتأثر جودتها بعوامل الحرارة، ومنها (رويال غالا) وغيرها، فضلاً عن اشجار تفاح صغيرة انتاجها وفير ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، لا يمكن اعتمادها إلا من خلال خطة إنمائية، فالمزارع وصل الى مرحلة اليأس وكلفة زراعة هذه الأنواع كبيرة وثمنها مرتفع تفوق قدرة المزارع الصغير، وكنا اقترحنا على وزارة الزراعة إقامة مشتل لهذه الاصناف في لبنان لتخفيض أسعارها، علما ان هذه الاصناف ادخل بعضها ولكن على نطاق ضيق اقتصر على المزارعين الميسورين وبعض المتنفذين في السلطة ممن لديهم امكانيات».
وطالب نصر «بخطة تحرك مستقبلية»، مؤكداً على «ضرورة النهوض بالقطاع الزراعي الذي يعتاش منه نحو 40 في المئة من الشعب اللبناني».
ويشير المزارع فوزي المغربي إلى أن «مشكلتنا تطاول جميع مزارعي التفاح في لبنان بسبب تراجع الانتاج ومشاكل التصريف القائمة»، وقال: «اننا كمزارعين حتى ولو تمكنا من تسويق الانتاج القليل الموجود لم نتمكن من سداد الديون المستحقة علينا لشركات الأدوية».
وطالب المغربي «الجهات المعنية في الدولة ان تواكب معاناتنا وتخصص مساعدات للمزارعين ليتمكنوا من مواجهة تبعات هذا الموسم»، ورأى أنه «اذا لم تبادر الدولة الى رعاية واحتضان القطاع الزراعي فسنواجه كمزارعين مشكلة اقتصادية واجتماعية بدأت تلوح بوادرها».
أما المزارع فراس زهر الدين فأشار إلى أن «مشكلتنا لا تقتصر على تراجع انتاج هذا العام فحسب، وإنما تتعدى ذلك الى مشكلة استيراد التفاح الاجنبي»، ولفت إلى أن «إغراق السوق اللبنانية بالتفاح المستورد تسبب في جمود السوق وعدم القدرة على التصريف».