«الفرّيرة» لتقليص الكلفة الزراعية

«الفرّيرة» لتقليص الكلفة الزراعية
توصل المزارعون في البقاع إلى وسيلة ري جديدة، يجمع من اعتمدها على انها تقلص أكلاف الإنتاج المرهقة بالنسبة لهم ...

توصل المزارعون في البقاع إلى وسيلة ري جديدة، يجمع من اعتمدها على انها تقلص أكلاف الإنتاج المرهقة بالنسبة لهم. إنها «الفرّيرة» أو شبكة الري بالرذاذ الكثيف، والتي بدأت تشهد انتشاراً واسعاً باستعمالها في حقول الزراعات التقليدية وحتى الحشيشة.
لا يوفر مزارعو البقاع أية وسيلة أو طريقة زراعية مبتكرة حديثاً، إلا ويسارعون إلى تجربتها. هدفهم لا يتخطى العثور على وسائل قادرة على تقليص أكلاف الإنتاج الزراعي، بما يضمن لهؤلاء المزارعين، الخروج من دوامة الخسائر في الزراعات التقليدية والحصول على «هامش من التوفير»، قد يكون بمثابة ربح لهم مع نهاية موسم «لا ربح فيه ولا خسارة».
في جعبة المزارعين هذا الموسم، وسيلة ري بدأت تنتشر بسرعة ملحوظة، بعدما اختبرت العام الماضي من قبل المزارعين البقاعيين على مساحات وحقول صغيرة، وقد حققت «نجاحاً ملموساً»، سواء على مستوى «زيادة الإنتاج، أو التوفير في فاتورة المحروقات وكمية مياه الري»، بحسب ما يؤكد هشام الضيقة أحد مزارعي بلدة حزّين ــ قضاء بعلبك. إنها شبكة الري «بالرذاذ المكثّف»، أو ما يعرف لدى المزارعين بشبكة «الفرّيرة». رؤوس بخاخات صغيرة الحجم تثبّت على قضبان حديدية بارتفاعات متفاوتة ومختلفة (حسب نوعية المزروعات)، وموصولة إلى شبكة قساطل بلاستيكية رئيسية (إنش واحد)، وموزعة بأخرى فرعية بين المزروعات، ولا تفصل في ما بينها سوى مسافة 2,80 سنتم، بحسب الضيقة الذي يؤكد لـ«الأخبار» أنه اعتمد الموسم الحالي على شبكة «الفرّيرة» في حقلي البطاطا والبصل لمساحة 50 دونماً، وذلك بعدما اختبرها الموسم الفائت، حيث تبين له «زيادة في الإنتاج تفوق نسبة الثلث عن المواسم التي يستخدم لها بخاخات الري التقليدية»، موضحاً أن دونم البطاطا المروي بالبخاخات التقليدية يعطي ما بين 3 إلى 4 اطنان، في حين أنتج الدونم المروي «بالفرّيرة 6 أطنان وبنوعية جيدة جداً» كما يؤكد.
لم تقتصر زيادة الإنتاج على حقول البطاطا، وإنما في زراعات البصل والخس وحتى التبغ وحشيشة الكيف. الزيادة في الإنتاج، يردها الضيقة، إلى أن بخاخات «الفريرة» توفر كمية رذاذ كثيف لجميع أطراف الحقل بالنظر إلى «حركة الدوران السريعة جداً، والشبكة المتقاربة في ما بينها والتي تغطي سائر مساحات الحقل وحتى الزوايا الضيقة فيها»، كاشفاً أن البخاخات التقليدية يصل فرق المسافة بينها إلى 18 متراً وتغطي بشكل دائري مع دورة بطيئة، «ما يسمح ببقاء مساحات غير مروية بين الدوائر، وفي ظل عدم القدرة على تقليص المسافة بينها للحاجة إلى مياه أكثر»، مضيفاً «وإذا كان هناك هواء، وخاصة الغربي، فلن يسمح بالري بشكل جيد وسيسمح بحرق الشتول». أما شبكة «الفرّيرة» فيتم تثبيتها بشكل دائم مع بداية الموسم وفي حال التوزيع وتجزئة عملية الري، فإن المزارع يلجأ إلى «سكورة» فرعية عند حدود الحقل، «الأمر الذي يفتقده المزارع باستعماله الشبكة التقليدية حيث يلجأ المزارع أو العمال للدخول بين الشتول المروية، وينقل قساطل الألمينيوم من جزء إلى جزء وما أدراك ما تتعرض له تلك الشتول من أضرار أثناء ذلك»، يقول الضيقة.
الكلفة الكاملة لشبكة ري «الرذاذ الكثيف» للدونم الواحد، بما تحوي من قساطل ضخ رئيسية وأخرى فرعية للتوزيع مع رؤوس البخاخات لا تتعدى 100 دولار (رأس البخاخ «الفرّيرة» 70سنتاً والدونم بحاجة إلى ما بين 45 و50 فرّيرة). إلا أن هذه التكلفة التي تفوق كلفة شبكة البخاخات التقليدية، لا يرى فيها المزارع حسن زعيتر «عبئاً كبيراً» على مقدرة المزارع، فالتوفير على مستوى فاتورة المازوت وكمية مياه الري، «يمكن ان تغطي تكاليفها، فضلاً عن زيادة الإنتاج». وكما هو معروف فإن الأكلاف الأكبر التي ترهق المزارع البقاعي في إنتاجه الزراعي تعود إلى المحروقات المطلوبة لسحب المياه من الآبار من جهة، والضخ إلى شبكة الري من جهة ثانية.
المزارعون وجدوا في شبكة الري الجديدة، «حلّا لا بأس فيه»، حيث ثبت بحسب المزارع حسين برّو أنها «تقلص فاتورة المازوت بمعدل الثلث عن فاتورة الشبكة التقليدية». وفي مقارنة بسيطة بين نفقات مازوت العام الماضي لحقل بصل 46 دونماً لمدة شهر بلغت 4620 ليتراً في البخاخات التقليدية، في حين بلغت للمساحة نفسها هذا العام 3120 ليترا في الشهر بشبكة «الفرّيرة، أما على الموسم بأكمله للبطاطا أو البصل فيصل الفارق إلى ما يفوق 10 آلاف ليتر عن البخاخات التقليدية. ليس هذا فحسب فثمة توفير أيضاً في كمية المياه، فشبكة الري التقليدية تحتاج لري 50 دونماً مياه بقدرة 6 إنش مع مولد كبير، في حين يؤكد برو أن «شبكة «الفرّيرة» يمكن تشغيلها على «طلمبة» ضخ صغيرة وكمية مياه لا تتعدى الانش الواحد، مع تجزئة الحقل».



الأخبار