المركب العلمي «قانا» - اسمه يدلّ على «حب البقاء».. ومهمته دراسة البحر: خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ارتفعت حرارة مياه البحر في لبنان 1،8 درجة مئويّّة، بسبب تغيّر المناخ العالمي. وخلال الأربع سنوات الماضيّة، غزت البحر أنواع بحريّة مهاجرة من البحرالأحمر، كالقن
خلال الأعوام الثلاثين الماضية، ارتفعت حرارة مياه البحر في لبنان 1،8 درجة مئويّّة، بسبب تغيّر المناخ العالمي. وخلال الأربع سنوات الماضيّة، غزت البحر أنواع بحريّة مهاجرة من البحرالأحمر، كالقناديل وسمكة «النفيّخة»، وانخفضت كميّات أنواع أخرى كـ«السلطان ابراهيم» و«اللقز». وسجّلت بعض المناطق البحريّة اللبنانيّة معدّلات مرتفعة من باكتيريا «القولونيات البرازيّة» و«البكتيريا العقديّة» التي تشكّل مؤشّراً لنوعية المياه، إذ تراوح المعدّل في بعض المناطق الساحلية كالرملة البيضاء في بيروت، والمسبح الشعبي في طرابلس، ومنطقة شمال صيدا، بين الأربعين والخمسين ألف وحدة في المئة ميللتر، بينما لا يجب أن يصل هذا المعدّل إلى مئة وحدة في المئة ميللتر. كما تأكّد وجود أنواع من الدلافين والفقمة في المنطقة البحريّة المقابلة لمدينة بيروت، وتم العثور على حوت واحد في شهر شباط الفائت في منطقة إنطلياس.
شكّلت تلك المعطيّات أبرز ما أكّده مدير «مركز علوم البحار» التابع لـ«المجلس الوطني للبحوث العلميّة» الدكتور غابي خلف في حديثه لـ«السفير»، خلال الطلعة البحريّة على المركب العلمي «قانا»، التي نظّمها المجلس أمس، بهدف الإطّلاع على تقنيات المركب والخدمات العلميّة التي يوفّرها.
وبحسب الأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة، فإن مركب «قانا» هو مركب علمي نموذجي، تمّ تدشينه في نيسان عام 2008، بهبة من الحكومة الإيطاليّة. وتمّ اختيار اسم «قانا» للدلالة على حبّ البقاء والمقاومة، على خلاف الأسماء الأخرى للمراكب التي تدلّ على المناطق البحريّة اللبنانيّة.
وأكّد حمزة أن المشاريع الخمسة الأساسيّة للمركب تشمل «وضع خارطة لقعر البحر، ودراسة التنوّع الحيوي، والثروة السمكيّة والثدييات الموجودة في البحر، ودراسة التلوّث البحري، خاصة بعد البقعة النفطيّة التي ولدتها الحرب الإسرائيليّة على لبنان، ورفع الوعي حول أهميّة حماية الشاطئ اللبناني والموارد المائيّة والثروة السمكيّة».
وأشار خلف إلى أن المركب يضمّ أجهزة متطوّرة كجهاز «Rosette» الذي يقيس نسبة التلوّث والخصائص الفيزيائيّة والكيميائيّة والحياتيّة لمياه البحر، وجهاز «CTD sensors system» الذي يقيس درجة الحرارة والحموضة، وجهاز «multibeam echosounder system» لرسم خريطة قعر البحر التي تساعد في تحديد مصدر الزلازل البحريّة وتفسيرها، وتحديد مصدر المياه العذبة، ومداخل المرافئ، والجهاز الآلي «ROV» لتصوير الأعماق، علماً أنه الجهاز الذي ساهم في العثور على الصندوق الأسود الخاص بكارثة الطائرة الأثيوبيّة. وتفتقرالكثير من بلدان المنطقة لتلك الأجهزة.
وبحسب خلف، تساعد تلك الأجهزة على «وضع الأبحاث العلميّة التي ينفذها «مركز علوم البحار» لدراسة التلوّث البيئي البحري والتنوّع البيولوجي، ولتحديد مصادرالمياه العذبة، والآثارات الموجودة على طول الشاطئ اللبناني، ولإقامة المناطق البحريّة المحميّة طبيعيّاً. وتساعد جميع تلك الدراسات الوزارات المعنيّة لوضع الخطط التنفيذيّة والتطبيقيّة».
وعلى سبيل المثال، أشار وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن، خلال مشاركته في الطلعة البحريّة، إلى أن «الوزارة تتعاون مع المجلس في برنامج الثروة السمكيّة لتطوير مشاريع استزراع الأسماك»، كما لم يبد الحاج حسن تفاجؤه بنتائج الدراسات العلميّة حول التلوث البحري، «فالتلوّث في لبنان مشكلة حقيقيّة يجب العمل على مواجهتها».
واعتبر وزير البيئة ناظم الخوري أن «لبنان بحاجة إلى إنشاء لجنة مشتركة بين الوزارات المعنيّة بالتلوث البيئي لمعالجة المخاطر والحدّ منها»، كما أعلن الخوري أن «الوزارة ستطلق في الفترة المقبلة حملة توعيّة تطال جميع فئات المجتمع المدني في لبنان».