محاضر الضبط "شكلية" والمعالجة "رفع عتب": متى غاب الشجر... بانَ الحطب!

محاضر الضبط
محاضر الضبط "شكلية" والمعالجة "رفع عتب" - متى غاب الشجر... بانَ الحطب!: مع إقتراب موسم الأمطار وفصل الشتاء في كل سنة، ينشط تجّار الحطب في منطقة جزين مستفيدين من ارتفاع أسعار المحروقات المخصّصة للتدفئة، فيشنون هجمات منظمة على ما تبقى من الثروة الحرجية الناد

مع إقتراب موسم الأمطار وفصل الشتاء في كل سنة، ينشط تجّار الحطب في منطقة جزين مستفيدين من ارتفاع أسعار المحروقات المخصّصة للتدفئة، فيشنون هجمات منظمة على ما تبقى من الثروة الحرجية النادرة التي تتميز بها المنطقة، ويعملون في وضح النهار بتنظيم وهدوء بلا وازع أو رقيب، على قطع الأشجار الحرجية على أنواعها بما فيها الصنوبر المثمر والبري والمعمّر الذي تشتهر به المنطقة.
يسجّل في هذا السياق، غياب لافت للأجهزة المكلفة من وزارة الزراعة، حماية الأحراج في منطقة جزين، إذا لم نفترض إمرار تواطؤ محتّم وتلكؤ متعمّد عن مكافحة المسيئين الى الطبيعة وملاحقتهم، وخصوصاً أن متابعة هذه المخالفات لا تتمّ عادة إلاّ بعدما تصبح علنية في وسائل الإعلام. المعالجة الأخيرة من المعنيين جاءت على شكل "رفع عتب"، اذ يعطى المخالف كامل الوقت للتمادي بمخالفته، وتحرّر في حقه محاضر ضبط "شكلية" لا تتعدى قيمتها بضعة آلاف الليرات، وقد استحدثت هذه الطريقة لحماية الموظفين من أي ملاحقة، تحت أنظار البلديات والإتحادات والأجهزة الأمنية!...
أما آخر هذه المخالفات، فكانت تعرّض منطقة حرجية مميزة تابعة عقارياً لبلدة الميدان، لعملية قطع ممنهج، منذ 15 يوماً تقريباً، لأشجار الصنوبر المثمر والبري المنتشر بكثافة فيها. تقع هذه المنطقة بين بلدة الميدان ومرج بسري لجهة الغرب، وتحديداً قرب مشروع لتربية الدواجن، حيث يعمد مالكو الأرض، وهم من بلدة بتدين اللقش المجاورة، على قطع الأشجار في أرضهم وبعض الأراضي المجاورة لها، فيختارون بقعاً متباعدة نسبياً كي لا يظهر القطع واضحاً بالعين المجرّدة ويقومون بعد القطع بالتحطيب في المكان نفسه، على أن تنقل الحمولة تحت جنح الظلام الى المشتري بأغلى الأسعار.
وتراوح أسعار الحمولة وفق سعة "البيك آب" بين 500 ألف ليرة ومليون، علماً أن هذه الأعمال تخالف بشكل فاضح قرارات وزارة الزراعة التي أوقفت منذ فترة التراخيص المتعلقة بهذا النوع من الأعمال. وتقدّر كميات الأشجار المقطوعة منذ بدء المجزرة في هذه المنطقة، بأعداد كبيرة من أنواع الصنوبر المثمر والبري، والتي يقدّر عمرها تبعاً لعرض جذعها الذي يتنامى مع تقدمها في العمر.
إلى متى سيستمر الإستهتار بالبيئة والطبيعة في منطقة جزين؟ ومتى سيتحرّك المسؤولون جدياً لقمع ضدّ المخالفين ومعاقبة المتواطئين، بعيداً من سياسة المسايرة، ودعماً للمعالجة الجذرية التي تغرّم المرتكبين وتمنع هذا النوع من الارتكابات المشينة في حق البقية الباقية من الطبيعة!

رلى خالد - جريدة النهار