مـزارعو الـورود فـي المتـن الأعلـى يطالبون بحمايـة إنتاجهـم

مـزارعو الـورود فـي المتـن الأعلـى يطالبون بحمايـة إنتاجهـم
مـزارعو الـورود فـي المتـن الأعلـى يطالبون بحمايـة إنتاجهـم: شهد قطاع زراعة الورود في المتن الأعلى وعاليه، خلال العشرين سنة الماضية، تطوراً مهماً برغم الكثير من العثرات المتصلة بتصريف الإنتاج، والكلفة العالية للزراعات المحمية، حتى بات يمثل «نحو 40 في المئة من

شهد قطاع زراعة الورود في المتن الأعلى وعاليه، خلال العشرين سنة الماضية، تطوراً مهماً برغم الكثير من العثرات المتصلة بتصريف الإنتاج، والكلفة العالية للزراعات المحمية، حتى بات يمثل «نحو 40 في المئة من إنتاج لبنان، لملاءمة المناخ الذي يساعد على إنتاج أفضل الأنواع»، على ما يؤكد الرئيس السابق لـ«نقابة مزارعي الأزهار والشتول في لبنان» أكرم جابر. إلا أن القطاع يواجه اليوم تحديات قد تفضي إلى تراجع تلك الزراعة وإهمال بيوت البلاستيك، كما حدث في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عندما أتلفت المواسم بعد إغراق السوق اللبناني بالأزهار والشتول المستوردة. وقتذاك كان المزارعون يعتمدون زهرة «القرنفل»، وتمكن بعضهم من لملمة خسارته. وعاد القطاع ليشهد نقلة نوعية، فتم تحديثه بتقنيات عصرية، فضلاً عن اعتماد أنواع عدة من الأزهار. واحتل الورد، ولا يزال، صدارة الإنتاج المحلي، إضافة إلى أنواع عدة كـ«الجربيرا» والأبصال من أصناف «ليليوم»، على أنواعه، و«اورينتال آسياتيك»، و«لونغ فلور»، و«غلوريوزا»، التي يحضر المزارعون أبصالها من نيوزيلندا وغيرها، بالإضافة إلى «التوليب» و«الفريزيا» (شم النسيم).
المشكلة القائمة اليوم أن العاملين في القطاع متروكون لمصيرهم، ولم تشملهم الدولة برعاية. وتراجع القطاع لا يطاول أصحاب المشاريع، وحلقة المستفيدين من تجار ووسطاء، وأصحاب محال فحسب، بل يطاول شريحة كبيرة من ذوي الخبرة والاختصاص والعمال والتقنيين، ما يعني أن المشكلة القائمة تنحو لتكون مشكلة اجتماعية، فضلاً عن كونها مشكلة زراعية. ويؤكد المزارع سعيد الأعور أن «بعض خيم البلاستيك في بعض قرى المتن وعاليه، اضطر أصحابها إلى تركها للحد من الخسائر، بعدما أتلفت مواسمهم بسبب تدني الأسعار وتراجع الطلب». ويشير إلى أن «القطاع يتأثر بأي انتكاسة سياسية أو أمنية، لأن الأزهار والورود تعتبر نوعا من الكماليات». وأكد أن «ما نواجهه في السنة الحالية لم نشهد مثله منذ العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006»، عازياً ذلك إلى «تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي، وتراجع المناسبات كالأعراس وغيرها، وقلة عدد المغتربين والسياح، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي والأوضاع القائمة في بعض الدول العربية».
أما أبرز المشكلات التي تواجه القطاع، فيلخصها عضو الهيئة التنفيذية في نقابة مزارعي الأزهار والشتول في لبنان سامي المشطوب، مشيراً إلى أن «تسويق الإنتاج أصبح مكلفاً جداً، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمنافسة، فضلاً عن أن المزارع لا يلقى أي اهتمام لا من وزارة الزراعة، ولا من أي جهة أخرى، حتى إن تعرضت زراعته إلى كوارث طبيعية»، لافتاً إلى ما حدث قبل ثلاث سنوات «عندما تسببت كثافة الثلوج والرياح والسيول بأضرار طالت قسماً كبيراً من الخيم في معظم المناطق اللبنانية، وكان نصيب عاليه والمتن الأعلى كبيراً، ولم نحصل إلى الآن على مساعدات وعدنا بها».
وعرض المشطوب أبرز المشكلات التي تواجهنا، ومنها غلاء الأدوية، فأشار إلى أنه «منذ ثلاث سنوات حتى الآن ارتفعت أسعار بعض أصناف الأدوية ما بين 18 و35 في المئة»، لافتاً أيضا إلى «ارتفاع أسعار الأسمدة وبالأخص (الأسمدة الذوابة) التي تذاب في المياه، حيث وصل سعر الطن إلى ألفي دولار، وأنا بحاجة مع شقيقي الذي يعمل في القطاع إلى ستة أطنان فضلاً عن الأسمدة العادية». وقال المشطوب: «هناك اليد العاملة التقنية وكلفتها عالية مقارنة مع اليد العاملة العادية، فالعامل العادي يتقاضى 25 ألف ليرة يومياً، فيما العامل التقني يتقاضى 30 دولاراً، فضلاً عن ترميم الخيم، وهناك احتياطي من الأرباح مخصص سنويا لصيانة تمديدات الري والتجهيزات الأخرى، إضافة إلى الخيم التي هي بحاجة كل ثلاث سنوات إلى تغيير شرائح النايلون. وفي المقابل هناك ثمن الشتول، وبالنسبة للورد نستورد شتوله من هولندا وأوروبا. وهنا نحن أسرى ارتفاع اليورو، وتقلب العملات الأجنبية». وأشار إلى «أننا نركز على أصناف الورد لأن الوردة (ملكة الزهور) وتشكل 80 في المئة من سوق الأزهار في لبنان».
وما فاقم المشكلة كذلك، أن المزارعين يواجهون المنافسة الخارجية وإغراق السوق المحلي بأسعار منافسة، «الزراعة في الدول المجاورة تلقى تسهلات ومساعدات للمزارعين»، كما يقول سمير الصايغ، و«عندما تتاح لنا فرصة معينة للاستفادة من ارتفاع الأسعار، خصوصا في المناسبات والأعياد، نفاجأ بوصول كميات كبيرة من الأزهار إلى السوق المحلي من دول مجاورة وحتى من الأكوادور، تصل أنواع من الزهور أيضاً». ورأى أن «الأمر يستدعي حماية الإنتاج المحلي، وإعادة النظر باتفاقية الأسواق المفتوحة». وقال: «لا نطالب بأكثر من حماية إنتاجنا»، لافتاً الى ان «المواسم تبدأ عادة في أوائل تموز، ولا نستفيد كثيراً من عيدي الأم والعشاق، لأن معظم الورد يكون مستورداً من الخارج، لأن الانتاج في لبنان يكون قليلا جداً، ولكن المشكلة أنه عندما يتحرك السوق في شهر تموز يبدأ بعض التجار باستيراد الأزهار، وتكون المضاربة على حساب الإنتاج المحلي، والحلقة الأكثر صعوبة هي تصريف الانتاج لأنها خاضعة لمزاجية وجشع تجار الحسبة أو الأمانة، فإذا وضعنا الإنتاج لديهم، يقولون بعد أيام لقد أتلفنا قسماً يصل أحياناً إلى خمسين في المئة، فضلاً عن أنهم يتحكمون بالأسعار».
ولفت إلى «أننا واجهنا مشكلة في التسويق ترافقت مع تدني الأسعار إلى ما دون كلفة الإنتاج، خصوصا في شهر رمضان الفائت، الذي صودف في منتصف الصيف، أي الفترة التي نعتمد عليها في مجال التسويق، حيث تكثر المناسبات مع حضور السيّاح والمصطافين الخليجيين الذين أتوا بأعداد قليلة إلى لبنان». وثمة مشكلة ساهمت في تأخر دورة الإنتاج، وهي مرتبطة «بتغير المناخ وظروف الطقس»، كما قال بيار الهبر، لافتاً إلى أن «موسم العنب ومواسم أخرى تأخرت، فالعنب لم ينضج حتى الآن، وهذا الأمر مرتبط بتغير المناخ، وكذلك الأمر بالنسبة للأزهار، فقد تأخرت مواسمنا برغم أنها زراعة محمية، ما انعكس سلبا على إنتاجية المزارع وتأخر فترة التسويق، فضلاً عن أن الازهار لا بد من تسويقها بعد قطفها، صحيح أن لدينا برادات خاصة لكن فترة التخزين بالنسبة للأزهار لا تتجاوز العشرة أيام، وهنا نكون أمام خيارين إما التسويق ولو بخسارة، أو قطف الإنتاج ورميه، لكننا نفضل البيع بخسارة لنرد بعض التكاليف».
وأكد المزارع شاهين بو زين الدين أن «التسويق إلى الخارج يحتاج إلى توضيب، وإلى توحيد الأصناف والأنواع بين الألوان والطول، تبعا لمواصفات مفترض اتباعها، وتلك مسألة صعبة وتتطلب المال، لكن بعض المزارعين يصدرون كميات إلى قطر والإمارات بشكل فردي وغير دائم». وأشار بو زين الدين إلى أن «كلفة إنتاج الوردة تصل إلى 200 ليرة، واضطررنا إلى بيعها قبل أسبوعين بـ150 ليرة». وأضاف: «صحيح أن سعرها الآن يتراوح بين 250 و350 ليرة، لكن ذلك لا يعوض الخسارة، فضلاً عن أننا في نهاية الشهر الحالي ينتهي موسم الصيف ولا تعود ثمة مناسبات، ونتوقع أن تتراجع الأسعار، خصوصا أن اهتمام المواطنين يتركز على تأمين موجبات المدارس والمؤونة ولا يعود ثمة سوق للأزهار».

اانور عقل ضو - لسفير