تراجع تصريف الإنتاج يهدد لقمة عيش آلاف المزارعين البقاع الغربي: 70 ٪ من الخضار والبطاطا تنتظر التصدير

تراجع تصريف الإنتاج يهدد لقمة عيش آلاف المزارعين البقاع الغربي: 70 ٪ من الخضار والبطاطا تنتظر التصدير
تراجع تصريف الإنتاج يهدد لقمة عيش آلاف المزارعين: لم يتبدل الواقع المؤلم الذي يعانيه المزارعون في البقاع الغربي في العام الحالي، عن غيره من الأعوام السابقة، لا بل فقد تكثفت المشاكل وتنوعت أسبابها، لتزيد من الضغط على قطاع زراعي، هو بالأصل ينوء تحت عبء المشاكل،

لم يتبدل الواقع المؤلم الذي يعانيه المزارعون في البقاع الغربي في العام الحالي، عن غيره من الأعوام السابقة، لا بل فقد تكثفت المشاكل وتنوعت أسبابها، لتزيد من الضغط على قطاع زراعي، هو بالأصل ينوء تحت عبء المشاكل، ويتراجع سنوياً في ظل غياب الدولة عن وضع إستراتيجية زراعية، من شأنها أن تحمي المزارع ومنتوجاته، وتوفر باباً من الدعم الحقيقي للاقتصاد الوطني.
تتوزع مشاكل القطاع الزراعي في اتجاهات عدة، منها ما هو ثابت وتقليدي، ومنها ما هو مستجد، لاسيما أزمة تصريف المنتوجات، التي ازداد منسوبها في ظل الوقائع الأمنية المستجدة في سوريا، حيث معظم تلك المنتوجات تصدر برا إلى الدول العربية، لا سيما الى دول الخليج، إلى جانب ارتفاع أسعار المحروقات، وكلفة ضمان الأرض، فضلا عن غلاء الأسمدة والأدوية الزراعية واليد العاملة، وانخفاض معدلات الدعم التي تقدمها «إيدال» إلى المزارعين. ويؤكد المهندس الزراعي بلال الزغبي على أن «كل المنتوجات الزراعية، من خضار على أنواعها، إلى البطاطا والبصل، وصولاً إلى الفواكه والأشجار المثمرة، تتشابه بمشاكلها وإن تنوعت أو استجد بعضها، تبعاً للوقائع الميدانية في البلاد المستورِدة أو في دول العبور». وقال :«إن كلفة الإنتاج ازدادت أضعافاً، حيث بلغ سعر صفيحة المازوت 32 ألف ليرة لبنانية، نظرا لارتفاع أسعار المحروقات عالمياً، كما ارتفعت كلفة ضمان الأراضي الزراعية من 80 إلى 120 دولاراً للدونم الواحد، في الموسم، لمواصفات الموقع وحسب الزراعات السابقة. وتناول الزغبي «الكلفة العالية للأسمدة والأدوية الزراعية، التي يتكبدها المزارع في ظل القرار، الذي اتخذه وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن، والذي يقضي بمنع استيراد الأدوية والأسمدة من دون مراقبة أو تحليل»، لكن الزغبي مع تأكيده على صوابية واهمية القرار، لفت إلى أن «المختبرات في لبنان عاجزة عن إنجاز تلك المهمة وتحليل المواد بسرعة، بحيث يتطلب كونتينر (مستوعب) من الأدوية الزراعية ذات المنشأ الصيني أو الآسيوي ثلاثة أشهر، وتحليله في الخارج يتطلب كذلك فترة طويلة وتلحقه تكاليف عالية، وتبعات ذلك تترتب على كلفة الإنتاج وبالتالي على المستهلكين».
ولفت الزغبي إلى أن ذلك «القرار يطال بحيثياته الأدوية المستوردة من دول شرق آسيا، كونها الأرخص ثمناً من غيرها في السوق العالمية»، مشيرا إلى أن سعر الليتر الواحد من دواء (الآبامكتين) ذات المنشأ الصيني، لا يتعدى العشر دولارات، بينما الليتر ذاته من المنشأ الأوروبي أو السويسري تبلغ كلفته 75 دولاراً أميركيا»، مشدداً على «ضرورة استحداث مختبرات جديدة، وتجهيزها من أجل توفير الوقت من جهة في حال إجراء التحاليل، وتأمين الأدوية والأسمدة للمزارع بتكاليف قليلة يستطيع أن يتحملها».وأشار الزغبي إلى «الفوضى في استعمال الأدوية والأسمدة عند المزارع اللبناني». وقال: «في لبنان يتطلب الدونم الواحد المزروع 100 كيلوغرام من مركب الأسمدة، بينما الدونم ذاته يتطلب في أوروبا نصف تلك الكمية، ويعود ذلك إلى عدم الرقابة من قبل الوزارة، لاسيما وأن هناك زراعات صغيرة، والمزراع يسعى وراء الصنف الأكثر مبيعاً وربحاً وإنتاجا، من دون الأخذ بعين الاعتبار للدورات الزراعية وتبدل الزراعات موسمياً». ويلفت الزغبي إلى أن «كلفة نقل وتصدير المنتوجات الزراعية تضاعفت عن العام الماضي، حيث قفزت إجرة البراد من لبنان إلى السعودية من 3 آلاف دولار أميركي العام الماضي، إلى 6 آلاف دولار العام الماضي، عازيا أسباب ذلك إلى الوضع الأمني القائم في سوريا من جهة، وارتفاع سعر المحروقات من جهة أخرى، محذراً من اتساع المشكلة ومن التبعات الناجمة عن تراجع التصريف والتصدير، ما قد يهدّد عشرات الآلاف من المزارعين والمستفيدين من الدورة الزراعية بلقمة عيشهم وباستقرارهم الحياتي»، مؤكداً على أن «70 بالمئة من منتوجات الخضار على أنواعها، ومن البطاطا والبصل ما زالت في البرادات، مع ما ينشأ عن ذلك من تكاليف التبريد والنقل».
وتناول الزغبي زراعة البطاطا، كونها الأوسع انتشارا في المنطقة، «ما ينطبق على زراعة البطاطا ينطبق على غيرها من الزراعات»، لافتاً إلى أنها «تحتل مساحة تتراوح بين 70 و80 ألف دونم في البقاع، منها بحدود 25 إلى 30 ألف دونم في البقاع الغربي وراشيا، بحيث يبلغ معدل إنتاج الدونم الواحد بين (2 طن ونصف و3 اطنان). وتتعدى كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد منه الـ 400 ليرة لبنانية، ولا يتعدى سعره في السوق الـ 350 ليرة لبنانية، لأن الكميات المعروضة أكبر بكثير من الكميات المطلوبة للاستهلاك، خصوصاً في ظل التراجع الحاد في عملية التصريف والتصدير إلى الدول العربية وخاصة الخليج من جهة، وإلى تراجع الاستهلاك المحلي من جهة ثانية، بسبب الانخفاض في عدد السيّاح والمصطافين، الذين يفدون إلى لبنان سنويا». ولفت إلى أن «موسم البطاطا في العام الحالي مهدد بالتلف، في حال لم يتم سحبه من البرادات وتصريفه، استهلاكاً محلياً أو تصديراً حتى نهاية الشهر العاشر، لأن موسم البطاطا المتأخر يبدأ بنهاية الشهر العاشر، ولأن السوق خليجية وأكبرها في السعودية، التي تبدأ إنتاجها في الشهر الثاني عشر، وإلا يقع المحظور، وتحل الكارثة على المزارعين إن لم يصدر الإنتاج». ويحدد الزغبي «معدل الإنتاج من البطاطا ب 200 ألف طن، منها 70 بالمئة للاستهلاك وليست للتصنيع».
ورأى أن «التصدير في البحر غير وارد على الإطلاق، لأن التصدير يتم بكميات كبيرة، والسوق لا يحتمل ذلك العرض، ما قد يتسبب بالكساد». ودعا الزغبي إلى «إعادة النظر ببرنامج دعم الصادرات الزراعية - إيدال، بعدما انخفضت نسبة الدعم من 75 ليرة لبنانية على الكيلوغرام الواحد المصدر إلى السعودية، إلى 15 ليرة، وإلى عشر ليرات للمصدر إلى الأردن وسوريا». وأمل من الدولة ومن وزارة الزراعة «وضع خطة استراتيجية زراعية تحمي المزراع، وتؤمن له الدوافع لتحسين الإنتاج والنوعية وحسن التصريف، وبالتالي توفر دخـلاً هــاماً للاقتصاد الوطني».

السفير