الزراعات الصيفية في عكار وفرة في الإنتاج ومطالبات بدعم الصادرات: يصف مزارعو عكار مواسمهم الحالية من خضار وفاكهة بـ «الجيدة» لجهة الإنتاج الوفير، حيث أغدق السهل العكاري بخيراته على المزارعين ليعوض عليهم بعضاً من خسائر العام الماضي، فموسم البطاطا حصل على «صك برا
يصف مزارعو عكار مواسمهم الحالية من خضار وفاكهة بـ «الجيدة» لجهة الإنتاج الوفير، حيث أغدق السهل العكاري بخيراته على المزارعين ليعوض عليهم بعضاً من خسائر العام الماضي، فموسم البطاطا حصل على «صك براءة» من قبل وزارة الزراعة، تؤكد خلوّه من الأمراض الحقلية. وتم تصريفه بسرعة قياسية، إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها سوريا. وذلك بعد سنتين من الحجر بسبب الشائعات التي سرت عن وجود أمراض العفن البني والحقلي. الأمر نفسه، بالنسبة لزراعة القمح، حيث سلم الإنتاج إلى وزارة الاقتصاد، وسط ارتياح المزارعين بعد إقرار سعر 600 ليرة للكيلوغرام الواحد. أما بالنسبة لزراعة الحشائش، والبصل، والثوم، والزراعات الصيفية الشمسية، من البندورة، والخيار، والكوسا، والباذنجان، فهي تنقل مباشرة من الحقل إلى سوق الخضار في طرابلس، لتوزع على المحال التجارية بهدف الاستهلاك المحلي ولا يصار إلى تصديرها، وذلك بخلاف أصناف الفاكهة، وتحديداً موسم التفاح والإجاص، الذين تشتهر بهما جرود عكار ويشكلان 60 في المئة من الإنتاج المحلي.
إلا أن «وفرة المواسم، لا تعني بالضرورة الربح الوافر»، بحسب المزارع إبراهيم الحسن من سهل عكار، الذي يؤكد على «أن كلفة الإنتاج تفوق في كثير من الأحيان الأرباح المتوقعة»، لافتا إلى أن «غلاء المواد الأولية، وارتفاع أسعار المحروقات واليد العاملة، التي بتنا نفتقدها بسبب اعتمادنا بشكل أساسي على العمال السوريين، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية والمبيدات الزراعية التي لا تستقر على سعر معين، نتيجة احتكار بعض الشركات للسوق، خصوصاً بعد إلغاء وزارة الزراعة التسجيلات للأدوية والمبيدات الزراعية من دون تأمين البديل، ما جعل السوق حكرا على تلك الشركات، التي رفعت أسعارها ثلاثة أضعاف»، فضلاً عن «كلفة النقل المرتفعة التي نتكبدها بهدف نقل البضاعة إلى سوق الخضار في طرابلس وبيروت». ويضيف «نحن نعول على الزراعات الصيفية الشمسية التي تلاقي إقبالاً من المواطنين لأنها تكون بلدية غير مسمّدة، كما نلجأ الى بيعها بالمفرق عبر عرضها على جوانب الطرق، ما يؤمن لنا مردوداً نرقع به ميزانيتنا العاجزة». ويعتبر الحسن «أن موسم الزراعات البعلية كان وافراً في السنة الحالية، نظراً لكمية الأمطار الكبيرة التي هطلت، ما وفر علينا كلفة الري ومنحنا إنتاجاً خيراً وعالي الجودة».
ويرى المزارع خالد زكريا من بلدة فنيدق أن «موسم الإجاص الحالي ممتاز، لولا صغر حجم الحبات الذي قضم من السعر»، فحقله الذي «يضم 400 طعماً، أنتج 600 قفص بيع القفص بـ 13000 ألف ليرة للحبة الكبيرة»، لكن غالبية إنتاجه حبة صغيرة «لأن الشجر كان حاملاً السنة». ويقدر زكريا خسارته بالملايين، «فبعد احتساب كلفة المبيدات والرشّ وأجرة عمال القصّ، تضاف كلفة القطاف والنقل وعمال الفرز الذين يقومون بفرز الإنتاج حسب حجم الحبات، فكل حجم يوضب لوحده حتى يتمكن التاجر من تحديد السعر الذي لم يتجاوز 700 ليرة للكيلوغرام الواحد»، مشيراً إلى أن «كل الكوارث التي تصيب الزراعة يتحملها المزارع بمفرده، لأن التجار يعمدون إلى تحميل التكاليف الإضافية وغلاء الأسعار إلى المزارعين، فيقضمون من الأسعار ونحن مضطرون للبيع كي لا يتكدس الإنتاج وتضيع كل أتعابنا». ويتحدث عضو «مجلس نقابة سوق الخضار والفاكهة في طرابلس» الحج حسين الرفاعي عن «مشاكل القطاع الزراعي، التي تفاقمت في السنوات الأخيرة، وتحديداً لجهة التكاليف المرتفعة التي يتكبدها المزارعون والتجار، ما يدفعنا للمطالبة بضرورة دعم الصادرات عبر تجديد العمل ببرنامج «اكسبورت بلاس»، الذي كان يشكل أملاً بالنسبة للمزارعين للبقاء في أرضهم، كما أن الحاجة ملحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لدعم الصادرات الزراعية، لأن الدول المجاورة تدعم صادراتها، الأمر الذي يجعل المنافسة صعبة للغاية جراء الفارق الكبير في الأسعار».
ويتابع الرفاعي «إن غلاء المحروقات بات يوقعنا في عجز كبير، ففي حين كان براد الخضار يكلف 12 ألف ريال سعودي باتت اليوم تكلفته تتجاوز الـ 25 ألف ريال»، مؤكداً على أن «العديد من المزارعين في سهل عكار يتحولون نحو الزراعات الأقل كلفة، الأمر الذي قلص الإنتاج الزراعي إلى حدّ غير مسبوق، والزراعات التي تلاقي رواجاً الأيام هي زراعة البطاطا والزراعات البعلية، مثل القمح والشعير والذرة، كما أن السعر الذي أعطته وزارة الاقتصاد في السنة الحالية لمزارعي القمح، سوف يشكل حافزاً للمزارعين لزيادة إنتاجهم من الزراعات البعلية على حساب الخضروات»، متحدثاً عن «أننا في السابق كنا نصدر البندورة والخسّ، وغيرها إلى دول الخليج أما اليوم فيعتمد التصدير على الفاكهة بشكل أساسي».
ويتحدث التاجر جميل الشقيف وهو (من مصدري ومستوردي الخضار والفاكهة في لبنان)، عن «سنة مأسوية على جميع الصعد، فارتفاع كلفة الإنتاج بلغ حداً غير مقبول، إذ نعمد إلى شراء الفاكهة، وتحديداً الإجاص والتفاح، اللذين تشتهر بهما عكار من الحقل مباشرة ونتحمل كلفة التخزين قبل أن يتم توضيبها وتوريدها». ويضيف «نحن جماعة متروكين ونعمل وفق العناية الإلهية، إذ نورد شاحنة الخضار الى الدول العربية ونقوم بالدعاء حتى تصل»، مؤكداً على «أننا كنا نتحمل إنخفاض أرباحنا وتراجعها عن السنوات الماضية، أما في السنة الحالية، وتحديداً منذ شهر أيار فنحن نخسر أموالاً طائلة نتيجة المضاربة الخارجية ومخاطر النقل البري، حيث تنقل غالبية بضاعتنا عبر سوريا التي رفعت من ضريبة المرور وفرضت ضريبة المازوت، كما أن كلفة توريد شاحنة الى قطر عبر سوريا تفوق الـ 60 ألف ليرة سورية»، متسائلاً «أين هي الأرباح وكيف يمكننا الصمود في ظل غياب الرعاية الرسمية وتوقف العمل برنامج «اكسبورت بلاس»، أي الدعم الزراعي، الذي تشرف عليه مؤسسة «إيدال» لتشجيع الاستثمارات، والذي كان يدعم القطاعات الإنتاجية المرتبطة بعملية التسويق والتصدير والتوضيب وسواها من قطاعات النقل؟».