مشروع الصرف الصحي في الكورة على غرار المشاريع المبتورة في لبنان: انطلقت اعمال «مشروع الصرف الصحي في الكورة» في شهر ايار من هذا العام، بعد طول انتظار، وشهدت طرقات الكورة بريق أمل ببدء حفريات غابت عنها لحسابات سياسية وانتخابية، حيث جرى تحويل اعتمادات هذا المشروع
انطلقت اعمال «مشروع الصرف الصحي في الكورة» في شهر ايار من هذا العام، بعد طول انتظار، وشهدت طرقات الكورة بريق أمل ببدء حفريات غابت عنها لحسابات سياسية وانتخابية، حيث جرى تحويل اعتمادات هذا المشروع مرتين الى اقضية اخرى، حتى اجتاح الثلوث البيئي بكافة اشكاله القضاء وخصوصا بلدات: بشمزين وبطرام وعابا. اقفل ما يزيد عن الثلاثين منزلا في هذه الاخيرة، وأصيب الكثير من الاهالي والاطفال بالامراض... ولطالما كانت أزمة الصرف الصحي موضع مطالبة حثيثة من قبل البلديات واتحاد البلديات منذ نشأته عام 2003 إضافة الى الجمعيات البيئية والاهالي والفاعليات الكورانية، انطلاقاً من أنه لم يعد من الجائز أن تفتقد الكورة الخضراء عام 2011 الى شبكات للصرف الصحي، ولمحطة تكرير، وأن تبقى مياهها المبتذلة جارية اما في الوديان على مرأى العين، كما هي الحال في راسمسقا وبطرام، او في حفر صحية بعيدة كل البعد عن المواصفات المطلوبة، ما يرفع من منسوب التلوث فيها.
والبلدات التي يشملها مشروع الصرف الصحي تقع في الكورة الوسطى وهي: عابا، عفصديق، عين عكرين، اميون، قسم من بترومين، بدبا، النخلة، قسم من فيع، كفرعقا، كفرحزير، كفرصارون، كوسبا ورشدبين. وقد تم اختيارها لسببين: اولهما سهولة موقعها الجغرافي وسهولة اعمال جر الشبكات فيها، وثانيهما انخفاض قيمة التكاليف المالية للتنفيذ. كما ان هذه البلدات تضم ما يقارب السبعين في المئة من التجمعات السكانية التي كان من المفترض، قبل تلزيم المشروع، اعادة النظر في الدراسات التي وضـعت لها منذ اكثر من عشر سنوات، من حيث حجم الشبكة وامتدادها بين الأحياء، لتعـكس الواقع الديموغرافي والاجتماعي المستجد، من أجل إنشاء شبكة تفي بالغرض المطلوب لفترة تمتد على اقل تقدير حتى 25 سنة مقبلة.
هذا الواقع دفع بعض رؤساء البلديات الى التقدم بطلبات رسمية الى مجلس الانماء والاعمار لتعديل سير بعض الخطوط او توسيعها او شملها بالمشروع. والبلدات التي لم توضع دراسات لها هي: دارشمزين، داربعشتار، بزيزا، بحبوش.في حين ان بلدات دده، فيع، راسمسقا الشمالية والجنوبية، بقرقاشا، حارة الخاصة، وضعت لها دراسة لكنها لم تلزم بعد. ويشير رئيس اتحاد بلدات الكورة المهندس كريم بو كريم الى أن أعمال الحفر ممتازة، لكنه يأسف كون المشروع لا يشمل كل قرى وبلدات القضاء مثله مثل كل المشاريع المبتورة والتي لا تصل الى خواتيمها السعيدة بسبب واقع الوزارات وانعدام التنسيق بينها.
الثغرات الثلاث
واستعرض المهندس بو كريم ثغرات المشروع، وهي بنظره ثلاث:
اولا: ان المشروع يقسم الى مرحلتين، الاولى وضعت لها دراسات منذ سنوات عديدة ولم تعدل، والثانية لم توضع لها دراسات، في حين ان المطلوب تجهيز الدراسات كلها حتى إذا انتهى تنفيذ المرحلة الاولى تستكمل تباعا ومباشرة المرحلة الثانية.
ثانيا: عدم تغطية المشروع لكافة قرى وبلدات القضاء مما يؤدي الى خلق مشكلة جر المياه المبتذلة بسبب عدم استكمال الشبكة وتوقفها عند بعض البلدات، اضافة الى ان المشروع لا ينتهي بمحطة تكرير، علما ان هناك محطة تكرير بين انفة وشكا غير متصلة بأي شبكة والتكاليف المالية التي صرفت عليها مجمدة لعدم فعاليتها بحيث كان من المفترض استثمار اعتماداتها في مشروع متكامل يؤدي الى منفعة عامة.
ثالثا: عهد الى البلديات إنشاء شبكات داخلية بموجب القانون وهي فعليا لا تملك القدرة المالية على القيام بأي مشروع بسبب المتأخرات المستحقة لها منذ 17 سنة، والجميع بات على علم بمبلغ المليار و300 مليون دولار المتراكم في وزارة الاتـصالات لصالح البلديات، اضافة الى انه منذ سنة لم يدخل موازنة البلديات اي مبلغ من الصندوق البلدي المستقل، وهذا كله يكبل ويجمد عمل البلديات الانمائي، مما يستلزم البحث عن حلول بديلة وإلا لا جدوى ترتجى من كل المشروع.
التكامل المفقود
مصادر مطلعة في الشركة المتعهدة أعمال التنفيذ «هومن» أكدت لـ«السفير» ان المشروع مقرر ان تنتهي اعماله بعد سنتين، الا انه قد يمتد الى ست سنوات بموجب ملحق يشمل الشبكات الداخلية للبلدات بسبب عدم قدرة البلديات المالية على تغطية هذا المشروع. ويبدو واضحا من واقع الكورة الجغرافي والدراسة الموضوعة للمشروع، أن وديان الكورة ستبقى مصبا للمياه المبتذلة ومصدرا كبيرا للتلوث البيئي اذا لم يشملها المشروع بمد شبكات جر محاذية لها، خصوصا مع تزايد عدد الوحدات السكنية على جوانبها، وهي غير متصلة بشبكة المشروع خاصة عند وادي اميون (بين كفرصارون وأميون لجهة دربعشتار)، ووادي المروج (بين أميون وكفرحزير)، والوادي بين كفرعقا وبصرما، والغراقة بين كوسبا وكفرعقا، ووادي بدبا بين طريق بطرام وبترومين... إضافة الى ضرورة فصل المياه الشتوية عن شبكة المجارير خاصة في بلدة كوسبا التي لا تستوعب شبكتها مياه الأمطار التي تتدفق. وسبق للوزير جبران باسيل أن وعد في الحكومة السابقة بعدم الموافقة على اي مشروع ما لم يكن متكاملاً، من هنا تأتي تمنيات غالبية اهالي القضاء باستكمال السير في هذا النهج وهذه الذهنية للوصول الى الغايات المنشودة، وإلا مشاكلنا كلها ستبقى عالقة ويتلاشى الامل في التخلص منها.