هل يقرّ النواب تشريعاً يحمي صحة اللبنانيين ويوفر المال على الخزينة؟

هل يقرّ النواب تشريعاً يحمي صحة اللبنانيين ويوفر المال على الخزينة؟
هل يقرّ النواب تشريعاً يحمي صحة اللبنانيين ويوفر المال على الخزينة؟: بعد ما يقارب العشر سنوات على البدء بالحملة من اجل إقرار قانون يكافح التدخين في الأماكن العامة ويحد من الإعلانات والترويج لهذه السلعة الخطرة على الصحة العامة والتي تتسبب بهدر اقتصادي كبير... و

بعد ما يقارب العشر سنوات على البدء بالحملة من اجل إقرار قانون يكافح التدخين في الأماكن العامة ويحد من الإعلانات والترويج لهذه السلعة الخطرة على الصحة العامة والتي تتسبب بهدر اقتصادي كبير... وضع مشروع قانون»الحد من التدخين وتنظيم صنع وتغليف ودعاية منتجات التبغ» على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب التي تعقد جلستها غداً (وبعد غد). وتزامناً مع انعقاد الجلسة العامة الاستثنائية لمجلس النواب ونظراً إلى إدراج مشروع القانون المذكور على جدول الأعمال من ضمن القوانين المنجزة والحاضرة للمناقشة والتصويت، توجهت مجموعة البحث للحد من التدخين، في الجامعة الأميركية في بيروت برسالة الى النواب، دعتهم فيها الى إقرار هذا القانون لأهميته الاستثنائية ونبهتم من بعض التعديلات المقترحة التي قد تطاوله والتصويت لصالح إقرار هذا القانون كما هو مع المطالبة بتعديله لتقويته وفقاً لنقطتين تتعلقان بتغريم صاحب المكان وضرورة وضع التحذيرات الصورية على العلب.
وكان أعضاء لجنة الإدارة والعدل النيابية آخر من ناقش هذا القانون منذ كانون الثاني عام 2010، وقد حصد دعماً كبيراً من عدد لا بأس به من النواب. هذا المشروع الذي يعكس التزام لبنان ببنود الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ لمنظمة الصحة العالمية والتي صدّق عليها لبنان عام 2005.
وقد بينت دراسات مجموعة البحث للحد من التدخين ان الأمراض الناتجة عن التدخين منذ أن صدّق لبنان على الاتفاقية الإطارية عام 2005 وحتى يومنا هذا، تسببت بوفاة أكثر من 21000 لبناني وخسارة مئات الملايين من الدولارات على النفقات الطبية. وهما خسارتان كان يمكن تفاديهما لو تم الإسراع في إقرار مشاريع القوانين التي بدأ الإعداد لها منذ عام 2003. وقد بينت الدراسات أيضا، ان لبنان سجل أعلى نسبة من الإصابات بمرض السرطان في المنطقة!
«السفير» التي نشرت مشروع القانون في الاول من حزيران عام 2010 ، ونشرت تحقيقا موسعا عن بدائل زراعة التبغ في العالم ولبنان في 8/3/2001، ورصدت المعوقات و«تضارب المصالح» التي تعيق إقراره في لجنة الإدارة والعدل في 29/3/2011 ... ترصد اليوم آخر المواقف والدراسات والعوائق عشية مناقشته في الهيئة العامة لمجلس النواب. مع الإشارة الى تأكيد الكثير من المتابعين ان المهم اليوم اقرار المشروع كما هو، ويمكن تعديله لاحقا، ولا سيما لناحية رفع الضريبة على التبغ ومكافحة التهريب، التي تعتبر من افعل الإجراءات لمكافحة هذه الآفة. وان الضريبة على التبغ يمكن اتخاذها بقرار من وزير ولا تحتاج الى قانون، كما يمكن ان يتم الضغط لوضعها في قانون الموازنة لاحقا.

تغريم صاحب المكان أيضاً
قبل ساعات على انعقاد الجلسة المنتظرة منذ سنوات لإقرار القانون قيمت الدكتورة ريما نقاش، مديرة مجموعة البحث حول الموضوع في الجامعة الاميركية أبرز النقاط التي يجب تقويتها في مشروع القانون الحالي الذي عدلته لجنة الإدارة والعدل. ورأت ان اقتراح القانون الحالي يكتفي بتغريم الشخص المخالف (أي المدخن في مكان عام مغلق) ولا يُغرّم أصحاب الأماكن العامة الذين يغضون النظر عن هذه المخالفات. على سبيل المثال، إذا قام أي مواطن بالتدخين في مطعم مغلق، يتم تغريم المدخّن من دون أن يُلزَم صاحب المطعم بأية غرامة. ورأت أن هذه الثغرة من شأنها أن تعيق عملية التطبيق حيث قد يغض صاحب المطعم المخالف النظرعن منع المواطنين من التدخين. في حين أنّ البلدان الأخرى التي طبقّت مثل هذا القانون فرضت غرامة عالية جداً على المواطن المخالف وكذلك على المالك للمكان الذي تتم فيه المخالفة. وقد تراوحت هذه الغرامة في اليونان مثلاً بين 500 و10000 يورو على المالك (بحسب عدد المرات وتكرار المخالفة) وتراوحت بين 50 و500 يورو على المواطن المخالف.

التحذيرات التصويرية على العلب
النقطة الثانية التي تركز عليها نقاش، هي حول وجود «التحذيرات الصحية التصويرية» على منتجات علب التبغ، التي من شأنها أن تعزز الثقافة الصحية بشكل فعّال لدى المدخنين وغير المدخنين حول الآثار الصحية السلبية والمميتة للتدخين، من دون أي مصاريف إضافية تتكبدها الدولة اللبنانية. وأكدت على ضرورة ان تلتزم شركات صناعة التبغ قانونياً من قِبَل الدولة اللبنانية بوجوب وضع التحذيرات الصحية التصويرية على جميع مغلفات منتجات التبغ. فاقتراح القانون الحالي لا يتضمن بنداً إلزامياً يتعلق بوضع التحذيرات الصحية التصويرية على جميع مغلفات منتجات التبغ على الوجهتين الرئيسيتين من علب وعبوات منتجات التبغ ليغطي ما لا يقل عن مساحة 40% من مساحة كل جهة، بل يؤجل ذلك إلى مرسوم لاحق! «في حين أننا لا نرى أي مبرر لهذا التأجيل الذي من شأنه أن يؤدي إلى مزيدٍ من المعوقات في التطبيق، نظراً لما نعرفه عن الصعوبات التي تُواجَه بلداً مثل لبنان، في إصدار المراسيم التطبيقية عامةً. ونرى في ذلك محاولة تعطيل لإصدار قانون فعّال، حيث استطاع ممثلو شركات صناعة التبغ تسريبها الى نص القانون المقترح، كما سبق لهم أن حاولوا ذلك أثناء إعداد قوانين مماثلة في عدد من الدول الأخرى. مما يؤكد على فعالية هذه الصور في كبح الرغبة في التدخين، وهذا ما تعرفه شركات صناعة التبغ جيداً». لذلك تطالب مجموعة البحث بضرورة إقرار بند ضمن نص القانون يؤكد على إلزام وجود تحذيرات صحية تصويرية على جميع مغلفات منتجات التبغ بالمواصفات المذكورة أعلاه وتحت رقابة وزارة الصحة ومن دون الحاجة الى مرسوم لاحقاً.

دراسة حديثة على الطلاب
قام فريق بحث في دائرة تعزيز الصحة والصحة المجتمعية، كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، بدراسة تهدف إلى تقييم مدى تأثير التحذيرات الصحية المصورة والمكتوبة بحجم كبير على علب الدخان، على البدء بالتدخين والنية في الإقلاع عنه، مقارنة مع التحذير الحالي. تناولت هذه التحذيرات المصورة و المكتوبة مواضيع رئيسية مختلفة حول تأثير التدخين غير المباشر، والتأثير الصحي على المدى القريب والبعيد، والتأثير على القدرة الإنجابية، والتحفيز على الإقلاع والخسارة المادية الناتجة عن التدخين. تم اختيار صور ونصوص عبر مراجعة التحذيرات المتداولة عالمياً وتم تحديد التحذيرات التي من الممكن ان تلائم واقع المجتمع اللبناني. ثم تم اختبارها مع ثلاث فئات من المجتمع: طلاب مدارس وجامعات من مختلف المناطق اللبنانية بلغ عددهم الإجمالي ١٢٢۹ طالبا، وراشدون من مختلف المناطق والقرى اللبنانية بلغ عددهم الإجمالي ١٥٢٣ راشدا. تم عرض ثلاث علب دخان على كل من الفئات المستهدفة، كل على حدة، بحيث تحمل اثنتان منها واحدة من التحذيرات التصويرية الواحدة والعشرين المرجو اختبارها والتي تشكل ٥٠% من حجم علبة الدخان. اما الثالثة فتحمل التحذير الحالي كما هو موجود على علب الدخان في السوق اللبناني. وقد طلب من المشاركين تقييم التحذيرات الثلاثة عبر ملء استمارة اختبارية. أظهرت النتائج ان كل التحذيرات التصويرية الواحدة والعشرين بالإضافة الى التحذيرات النصية الكبيرة الستة التي تم اختبارها، هي أكثر فعالية من التحذير النصي الحالي الموجود على علب الدخان في لبنان: «وزارة الصحة تحذر: التدخين يؤدي الى أمراض خطيرة ومميتة».
كما اظهرت الدراسة ان بعض التحذيرات التصويرية أثبتت فعاليتها مع جميع الفئات العمرية المستهدفة، في حين ان بعضها الآخر اثبت فعاليته مع فئة معينة من دون غيرها. على سبيل المثال إن التحذير الذي يشير الى صورة الجلطة الدماغية هو الأكثر فعالية لدى الراشدين المدخنين مقارنة مع التحذير الحالي، في حين ان التحذير الذي يشير الى سرطان الرئة هو الاكثر فعالية لدى الراشدين غير المدخنين.

خلاصة النتائج
- أظهرت الدراسة ان التحذيرات الصحية التصويرية الواحدة والعشرين كما التحذيرات النصية الكبيرة التي تم اختبارها هي اكثر فعالية من التحذير الحالي. 
- ان نسبة موافقة الفئة المستهدفة من المدخنين على ان التحذيرات التصويرية المقترحة تحثهم للإقلاع عن التدخين، كانت دائماً أعلى من النسبة التي حصل عليها التحذير الحالي.
- ان نسبة موافقة الفئة المستهدفة من غير المدخنين على ان التحذيرات التصويرية المقترحة تجعلهم لا ينوون البدء بالتدخين، كانت أعلى من النسبة التي حصل عليها التحذير الحالي. 
- ان التحذيرات النصية الكبيرة لم تصنف ضمن التحذيرات الصحية الخمس الاول التي اعتبرت الأكثر فعالية من قبل الفئات المستهدفة من المدخنين وغير المدخنين. 
- إن التحذيرات التصويرية هي الأمثل للتأثير على استخدام التبغ لدى جميع الفئات العمرية.
توصيات بأن تغطي التحذيرات

40% من مساحة العبوات
شكلت الدراسة دليلا إضافيا على أهمية وجوب إقرار قانون صارم لمكافحة التبغ خالٍ من الثغرات بالأخص تلك التي تتعلق بإلزام قانوني لشركات صناعة التبغ على وضع التحذيرات التصويرية على جميع منتجات علب التبغ. فقد أثبتت هذه التحذيرات فعاليتها في لبنان كما في مختلف بلدان العالم. وقد اكدت توصيات الدراسة أنّ التحذيرات الصحية التصويرية من شأنها أن تستبدل التصاميم الجميلة الخدّاعة لعلب التبغ بالعواقب الصحية السلبية. وأن اتخاذ إجراء كهذا يعتبر تحوّلاً مهماً جداً في سياسة مكافحة التبغ في لبنان، اذ ان التحذيرات الصحية من شأنها أن تستبدل التصاميم الجميلة الخدّاعة لعلب التبغ بالعواقب الصحية السلبية والمميتة كما انها تعزز الثقافة الصحية لدى المدخنين وغير المدخنين من دون ان تتكبد الدولة اللبنانية أي مصاريف إضافية. استناداً الى ما تقدم فقد أوصت الدراسة صانعي السياسات باتخاذ قرارات صارمة إزاء اعتماد التحذيرات الصحية التصويرية على علب منتجات التبغ. ان اي قانون يتم اعتماده في لبنان يجب ان يتضمن بنداً إلزامياً يتعلق بوضع التحذيرات الصحية التصويرية على جميع مغلفات منتجات التبغ على الوجهتين الرئيسيتين من علب وعبوات منتجات التبغ ليغطي ما لا يقل عن مساحة ٤٠% من مساحة كل جهة.

جريدة السفير