الفيتامين «د» نادر في بلاد الشمس: يفتقر 75% من اللبنانيين إلى الفيتامين «دي». نسبة تقريبية بحسب أحد أطباء العظام والمفاصل في لبنان إلا أنها تكشف حجم مشكلة صحية تتكاثر خصوصاً في ظلّ تغيّر ظروف العمل والحياة لدى النساء والأطفال... التفاصيل
يفتقر 75% من اللبنانيين إلى الفيتامين «دي». نسبة تقريبية بحسب أحد أطباء العظام والمفاصل في لبنان إلا أنها تكشف حجم مشكلة صحية تتكاثر خصوصاً في ظلّ تغيّر ظروف العمل والحياة لدى النساء والأطفال.
تقضي نادين معظم وقتها خلف جدران مكتبها. سماكة هذه الأخيرة، تمنع وصول خيوط الشمس إليه، ومعها الفيتامين «د». لكن نادين كأغلب الناس، لم تكن تعتقد يوماً أنّ عليها أن تقلق في بلاد الشمس من نقص الفيتامين «د» الذي يتكوّن بواسطة الأشعّة الشمسيّة في الجلد والبشرة ويتوزّع على الجسم. تزيد من ثقتهم هذه، بعض المصادر التي تنبئهم أنّ المرء في البلاد العربية لا يحتاج إلى تعريض نفسه لأشعة الشمس لوقت طويل لتوليد هذا الفيتامين، بل يكفي أن يمارس حياته اليوميّة في ضوء النهار لينال كفايته منه. لكنهم أخطأوا التقدير. فمنذ 6 أو 7 سنوات، حين أصبح الفحص بحثاً عن الفيتامين «د» في الجسم أكثر سهولة، اكتشف الأطباء أنّنا نعيش معظم أوقاتنا في الظلّ وخلف «السواتر»، بما أنّ 75% من اللبنانيين يعانون نقصاً في هذا الفيتامين، بحسب أخصائي جراحة العظام والمفاصل فادي زين العابدين.
ظهرت عوارض النقص لدى نادين على شكل انخفاض ملحوظ في نشاطها، كما تقول. أخضعها الأطباء بداية لفحوص دم، استبعدوا فيها قياس نسبة الفيتامين «د». إلى أن ربط أحد الأطباء بين انخفاض نسبة نشاطها بالعضل واحتمال نقص الفيتامين «د». أما أميمة فعرفت بنقص هذا الفيتامين لديها منذ ثمانية أشهر، مباشرة بعد إنجابها طفلتها، إذ كانت تشعر بدوار وببعض العصبيّة. يشرح زين العابدين أنّ أكثر من يعاني نقص هذا الفيتامين هم الأطفال والنساء بما أنّ الرجال يتعرّضون للشمس أكثر خلال تنقلاتهم اليوميّة، من دون استعمالهم «كريم» الحماية من الشمس، كما أنّ عظمهم أكثر سماكة. ويؤدي نقص الفيتامين «د» لدى الأطفال إلى توقّف في نمو العظم بشكل سليم أو التواء في العظم، بينما يتسبّب لدى الكبار في ترقّق أو العظام أو هشاشتها كسور فيها، بما أنّ الفيتامين «د» هو رفيق الكالسيوم، إذ لا يدخل هذا الأخير الجسم إلاّ كمرافق لهذا الفيتامين، الذي يعدّ منظّم الجسم الأساسي لتوازن الكالسيوم ويساعد على تزويد العظم بالمعادن وتطوير الهيكل العظمي وتكوين الأسنان.
يعيد زين العابدين سبب النقص الحاد في هذا الفيتامين لدى اللبنانيين إلى تغيّر طبيعة الحياة ونوعيّتها. فأكثريّة الناس يقضون اليوم أوقاتهم في المكاتب، والأولاد استغنوا عن ألعاب الشارع واستبدلوها بجلساتهم الطويلة أمام شاشات الكمبيوتر والألعاب الإلكترونيّة. كما أنّ الحرّ الشديد يجعلهم يتجنّبون التعرّض إلى الشمس، بينما يعمدون إلى استعمال «كريمات» الحماية الكاملة من الشمس على الشاطئ أو الزيوت التي تحرق الطبقة الخارجيّة من الجلد ولا تسمح بامتصاص أشعّة الشمس.
الحلّ برأي زين العابدين هو التعرّض يومياً مدّة نصف ساعة لأشعة الشمس المباشرة، إن كان عبر ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، الذهاب إلى الشاطئ والتعرّض قليلاً للشمس قبل استعمال «كريم» الحماية أو الزيت، أو الجلوس على الشرفة من دون أن يكون بيننا وبين الشمس أي عازل زجاجي. ويمكن أيضاً تناول الفيتامين «د» على شكل حبوب يومياً أو أسبوعياً. الخيار الأخير كان الأنسب بالنسبة إلى نادين التي بدأت منذ شهرين تناول هذه الحبوب ولحظت معها تحسّناً في حالتها. كما أنّها تحاول تعويض توصيات الطبيب بالتعرّض إلى الشمس بمدّ يدها من زجاج سيارتها في طريقها إلى العمل. أمّا أميمة التي تتناول حبوب الفيتامين «د» أيضاً، فتحاول اقتناص الوقت بين أعمالها المنزليّة، لالتقاط بعض من خيوط الشمس من على شرفة منزلها الجنوبي. ومع أنّ طبيب نادين نصحها بتناول العصائر، يقول زين العابدين إنّه «لا يمكن أي نظام غذائي أن يعوّض نقص الفيتامين «د»، بما أننا بحاجة مثلاً إلى عشرة أكواب حليب يومياً، أو نصف كيلو من سمك السلمون لنأخذ كفايتنا من هذا الفيتامين. يستحيل أن نفعل ذلك». كذلك ينصح النساء اللواتي لا يستطعن أن يعرّضن أنفسهن إلى الشمس بتناول الفيتامين «د» ابتداء من سن الثلاثين ليحاولن تجنّب ترقّق العظام الذي يتربّص ببعضهن على مشارف الخمسين.