
بين ليلة وضحاها تحولّت مياه نهر الليطاني التي تغسل أقدام بلدة يحمر الشقيف في قضاء النبطية، من دون أن يستفيد ...
بين ليلة وضحاها تحولّت مياه نهر الليطاني التي تغسل أقدام بلدة يحمر الشقيف في قضاء النبطية، من دون أن يستفيد أبناؤها منها بقطرة واحدة على مدى جيرتهما الطويلة، إلى منهل لريّ نحو 500 دونم من الأراضي الزراعية، التي غرست بمختلف أنواع الأشجار الحرجية والمثمرة، لتكتسي غطاءً أخضرَ جميلاً، إضافة إلى زراعة مشتل من الأشجار والنباتات العطرية والطبية، مساحته نحو ستة دونمات. وتوزيع إنتاجها على المزارعين بأسعار تشجيعية، بهدف مساعدتهم على تحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية وتنمية قدراتهم في مجال الزراعة والتصنيع الغذائي. وذلك بفضل قيام «مجلس الإنماء والإعمار» قبل نحو ثلاث سنوات بتنفيذ مشروع لضخ مياه النهر لصالح بلدية يحمر الشقيف، بالتعاون مع الجمعية التعاونية الزراعية في البلدة وجوارها، عبر شبكة يصل طولها إلى 1500 متر.
هو مشروع للتنمية الريفية بامتياز، وتديره التعاونية الزراعية برعاية البلدية التي تتحمل الفروقات المادية الناجمة عن تشغيله، كما يقول رئيس بلدية يحمر قاسم عليق، الذي أوضح أن «الوكالة الألمانية للتعاون الفني» أمنت التمويل اللازم له، وقد بلغ نحو 250 ألف دولار. وقام بتنفيذه مجلس الإنماء والإعمار، وقد افتتحه وزير الزراعة حسين الحاج حسن بحضور ممثلين عن المجلس المذكور ووزارة البيئة قبل ثلاث سنوات، وتصب مياهه في خزان رئيسي في أعلى الأراضي المروية. وتتفرع منه شبكة للريّ بطريقة الجاذبية يستفيد منها المزراعون، لافتاً إلى اعتراضات مخفية واجهت المشروع بحجج وذرائع كثيرة، إلى أن تم التغلب عليها جميعاً، بينما قدمت الدولة والجهات الرسمية والسياسية المعنية التسهيلات اللازمة التي مكنت البلدية من تنفيذه بطريقة شرعية وقانونية بالتعاون مع المجلس.
يهدف المشروع إلى تطوير الزراعة في البلدة من خلال ري أكبر عدد ممكن من الأراضي البعلية التي يملكها الأهالي والمشاعات البلدية في خراج البلدة، إضافة إلى استعمال الأهالي لمياهه في تغطية حاجاتهم المنزلية، لقاء بدلات مادية رمزية، في ظل عدم وصول مياه «نبع الطاسة وآبار فخر الدين» إلى منازلهم منذ سنوات عديدة بحسب «رئيس الجمعية التعاونية الزراعية في يحمر وجوارها» ناصر عليق، الذي أشار إلى أن بلدية يحمر هي الجهة التي تؤمن استمرار العمل في المشروع في الوقت الحاضر بالتعاون مع وزارة الزراعة، والتعاونية الزراعية و«مؤسسة جهاد البناء». وهو يؤمن الاكتفاء الذاتي لأبناء البلدة على مختلف الأصعدة الزراعية وتربية النحل، ويساهم في إدخال المرأة الريفية في الدورة الاقتصادية والاجتماعية والإنتاجية المحلية، وزيادة المحاصيل الزراعية ذات الجدوى الإنتاجية والاقتصادية العالية، وتأمين فرص العمل لمن يرغب من المواطنين في القطاع الزراعي وتحسين دخلهم المادي.
ويوضح مدير المشروع نجيب ناصر أن الغاية منه، «إعادة الغطاء الأخضر للمنطقة الغربية من البلدة التي أحرقت بفعل القصف الإسرائيلي الذي كان يستهدفها إبان وجود الاحتلال في مناطق ما كان يسمى بالشريط الحدودي المتاخم لها، ومساعدة الأهالي على ري أراضيهم ومزروعاتهم البعلية الواقعة في نطاقها». ذلك إضافة إلى «تغذية المنازل القريبة منه بطريقة العدادات، وتزويد بقية الأهالي بالمياه بواسطة الصهاريج للاستعمالات المنزلية، حيث نتقاضى عن كل صهريج مياه سعة عشرين برميلاً مبلغ عشرة آلاف ليرة للمساهمة في تغطية تكاليف المولد الكهربائي الضخم الذي يضخ المياه، في حين يتقاضى صاحب الصهريج عشرة آلاف ليرة أيضاً بدلاً عن كل صهريج ينقله للمواطنين، أي ما يعادل 20 ألف ليرة، بينما كان صهريج المياه يكلف الأهالي قبل العمل بالمشروع بين ثلاثين وأربعين ألف ليرة».
