مزارعو البقاع يطلقون صرخة رفض احتجاجاً على الأداء الحكومي: استهل مزارعو البقاع والتعاونيات والنقابات الزراعية تحركاتهم الاحتجاجية الرافضة للواقع الزراعي المتردي باعتصام وإقفال للطريق الدولية على اوتوستراد زحلة عند منطقة الكرك أمس، مطلقين صرخاتهم واحتجاجاتهم ال
استهل مزارعو البقاع والتعاونيات والنقابات الزراعية تحركاتهم الاحتجاجية الرافضة للواقع الزراعي المتردي باعتصام وإقفال للطريق الدولية على اوتوستراد زحلة عند منطقة الكرك أمس، مطلقين صرخاتهم واحتجاجاتهم المنتقدة للأداء الحكومي، وواصفين قرار مجلس الوزراء في موضوع «ايدال» و«اكسبورت بلاس»، بمثابة إعدام لمن تبقى حياً من المزارعين والقطاعات الإنتاجية، التي ما انفكت تتعرض للكوارث الطبيعية والرسمية.
وشارك في الاعتصام الاحتجاجي عشرات المزارعين مع عدد من رؤوساء النقابات، والاتحادات الزراعية، التي تقدمها رئيس «الاتحاد الوطني للتعاونيات الزراعية» الدكتور رضا الميس، ورئيس «تجمع مزارعي وفلاحي البقاع» إبراهيم الترشيشي، ورئيس «الاتحاد الوطني للنقابات الزراعية» جهاد بلوق، ورئيس «تعاونية مربي الدواجن في بعلبك - الهرمل» علي الحاج حسن. وتحدث باسمهم الميس، الذي عبّر عن مفاجأته بقرار مجلس الوزراء، الذي قضى بتأليف لجنة لدراسة الدعم على الصادرات الزراعية، وإعطاء النتائج في مهلة 45 يوما، وهي مهلة وفق الميس «كافية لعدم بقاء أي من المزروعات والمزارعين».
وطالب الميس «بأسبوع واحد لإقرار إكسبورت بلاس من دون حسم الرديات المالية، التي يجب أن تبقى مثلما أقرت عند بداية تطبيق المشروع، والعمل على زيادتها لأن الكارثة البقاعية كبيرة، لاسيما أن «اكسبورت بلاس» له تأثير مباشر على كافة القطاعات الزراعية»، مؤكداً على أن «خطوة الإقفال سيتبعها خطوات تصعيدية احتجاجية من رمي المحاصيل الزراعية، وإقفال المزيد من الطرق». وأشار الترشيشي إلى أن «الاعتصام واقفال الطريق هو بروفة عما سيشهده البقاع المبتلي بالنكبة الزراعية، التي لم تعد تحتمل، وليعرف أكبر وزير إلى أصغر وزير في الدولة أن القطاع الزراعي مرتبط بوجود «إيدال»، ولا نريد أن نسمع من أحد عن قوانين وتعديلات جديدة فيه»، مشيرا إلى «كثرة الوعود الرسمية بانقاذ الواقع الزراعي التي تبقى حبرا على ورق، مقابل قرارات تنفذ قرارات تصب في ضرب القطاع الزراعي، كالعراقيل التي تعترض موضوع إيدال، إلى اتفاقية التيسير العربية، إلى إلغاء الزراعات الممنوعة بدون بدائل ومن ثم الغاء زراعة الشمندر السكري».
«الزراعة» تردّ
وردت وزارة الزراعة في بيان أمس، على العديد من النقاط الواردة في التحقيق المنشور في «السفير» أمس الأول، تحت عنوان «تراجع الاستهلاك المحلي إلى 30 بالمئة والتصدير 42 بالمئة، مواسم مزارعي البقاع الموؤودة... أعلاف ومراع للماشية»، كاشفة أن «القرار اتخذ بتمديد العمل ببرنامج دعم الصادرات الزراعية لمدة ثلاثة أشهر، وتكليف لجنة لدراسة تفعيل عمله برئاسة نائب رئيس الحكومة»، كما أكدت أن الوزارة «لم تلغ كافة التسجيلات للأدوية الزراعية والمبيدات من دون تأمين البديل، بل ألغت تسجيل 20 دواء من أصل 400 مسجلة في لبنان، وهي أدوية ممنوعة في كل دول العالم».
واستهلت «الزراعة» ردها الطويل بسؤال عن مصدر نسبة الـ 30 بالمئة في تراجع الاستهلاك، أما «تراجع التصدير، فهو أمر صحيح، ولكن كان ينبغي بكاتب المقال أن يتذكر أن الأسواق التي نصدر إليها الخضار والفواكه بشكل أساسي، هي أسواق الدول العربية، التي نعرف جميعاً أوضاعها السياسية والأمنية حالياً، وهو ما يؤثر على حركة التصدير»، معتبرة أنه «كان الأجدى بدل التجني على وزراء البقاع، استقساء المعلومات الصحيحة من مصادرها، فواقع القطاع الزراعي طرح على الحكومة الجديدة منذ الجلسة الأولى ثم الثانية فالثالثة، ومن الطبيعي ألا يغيب أن أي إجراء للحكومة يحتاج إلى وقت لتظهر نتائجه».
وفي ما يخص «الكوارث التي لحقت بالمحاصيل الزراعية ومنها العنب، فإن الحكومة السابقة طلبت من الجيش اللبناني إجراء الكشف على الأضرار بالتعاون مع الهيئة العليا للإغاثة، ووزارة الزراعة تحضيراً للملف، ونحن نتنظر إنجاز الملف من قبل الجيش اللبناني لتعرضه الهيئة على الحكومة». ولفتت الوزارة إلى أن توزيع الأسمدة من قبلها، «تتم فور ورود أي لائحة من قبل الجيش اللبناني، واللوائح تأتي تباعاً».
أما بالنسبة لبرنامج دعم الصادرات الزراعية، «فلقد استطاع وزير الزراعة أثناء مناقشة موازنة عام 2010 استصدار قرار من الحكومة السابقة في أيار 2010 بالإبقاء عليه، وتشكيل لجنة برئاسة رئيس الحكومة آنذاك، لدراسة آليات تفعيل البرنامج، ولكن اللجنة لم تدع إلى أي اجتماع على الرغم من مراجعات وزير الزراعة المتكررة لرئيس الحكومة السابقة»، لافتة إلى أن الموضوع «طرح في الجلسة الثانية للحكومة الحالية، وتم اتخاذ قرار بتمديد العمل بالبرنامج لمدة ثلاثة أشهر، وتكليف لجنة لدراسة تفعيل عمله برئاسة نائب رئيس الحكومة، وكان لوزير الزراعة رأي آخر ولكن الآليات الديموقراطية تلزمه برأي الأكثرية. وأكد رئيس اللجنة الوزارية دولة نائب رئيس الحكومة على إنجاز الملف بأقصى سرعة».
وأشارت الوزارة إلى أن «رفع الأرقام من 100 ألف طن إلى 600 ألف طن بالنسبة للصادرات، فهي أرقام غير صحيحة، وغير واقعية». أما «السياسات الحكومية تجاه القطاع الزراعي، فالمعروف أن الحكومات منذ عام 1992 وحتى اليوم، لم تتعاط مع الزراعة بشكل إيجابي، وكان من الأجدى بالكثيرين ممن يدلون بآرائهم تحديد المسؤوليات بدل التعمية السياسية والتعميم». وأشارت الوزارة إلى أنها «لم تلغ كافة التسجيلات للأدوية الزراعية والمبيدات من دون تأمين البديل»، بل ألغت تسجيل 20 دواءً من أصل 400 مسجلين في لبنان، وهي أدوية ممنوعة في كل دول العالم المتمدن، إلا اذا كان صاحب المقال قد تحول الى مدافع عن المتاجرين بالأدوية التي تضرّ بالصحة والبيئة والتربة والمياه، والأدوية لا تتوفر عند شركة أو شركتين أو ثلاث فقط كما يدعي». أما «العراقيل التي يتحدث عنها صاحب المقال فهي غير صحيحة، أما ما يخص المختبرات فإننا ندعوه لزيارة مختبر كفرشيما، لنرى مصدر معلوماته في انتقاده لمعدات فحص الأدوية، ومدى مطابقتها لمواصفات السلامة العامة والبيئة، وليدلنا عن الأدوية المفقودة، إلا إذا كان يبحث عن الأدوية الممنوعة عالمياً، أو أنه أصبح وكيلاً للشركات الأدوية».
أما في موضوع القمح، «فمع إصدار مرسوم الحكومة الحالية اتفق وزيرا الزراعة والاقتصاد والتجارة على سعر محصولي القمح والشعير والانتاجية للدونم، وقد أعد وزير الاقتصاد والتجارة مشروع القرار، وأحاله على وزير المالية لتأمين الاعتمادات، تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار». أما في ما يخص الاحتضان الرسمي، «فيكفي أن نذكر أن وزارة الزراعة دعمت كيلو بذار القمح بـ 700 ليرة، وكيلو بذار العدس بـ 1300 ليرة. وتقوم الوزارة بمكافحة الأوبئة والحشرات مجاناً بالتعاون مع سلاح الجو في الجيش اللبناني، وقد وسعت الحكومة السابقة الدعم ليشمل زراعة الشعير والعدس والحمص». أما بالنسبة لتصدير البطاطا، «فإننا لا ندري إن كان كاتب المقال يعرف أن المشكلة تكمن في المنافسة غير المتكافئة في كلفة الإنتاج بين لبنان والدول العربية الشقيقة (كلفة طاقة/ يد عاملة/ كلفة الأرض) ولا ندري إن كانت لديه اقتراحات حلول غير برنامج دعم الصادرات، الذي كان وزير الزراعة الحالي من أوائل من عملوا لإطلاقه واستمراره منذ كان رئيساً للجنة النيابية للزراعة، وللأسف أجهضته ممارسات الحكومات السابقة، وما زال وزير الزراعة الحالي يسعى لاستمراره ولإعادة إحيائه أقوى». وعن «اللجان القطاعية التي شكلتها الوزارة، فإننا نؤكد أن عضويتها مفتوحة، وكل من طلب المشاركة فيها أصبح عضواً، وقد وقّع وزير الزراعة مؤخراً قراراً بإضافة عدد من الأعضاء على عدد من اللجان بناءً لطلبهم».
.. وللرد متابعة
في موضوع «المصادر الصحيحة»، لم تفلح محاولتنا الاتصال ثلاث مرات بوزير الزراعة حسين الحاج حسن. أما في موضوع العنب، فقد أكد «البيان» على صوابية ما أشرنا إليه من خلال وصول الأسمدة إلى مزارعين دون آخرين، وأيضا إلى عدم حسم موضوع التعويضات، وهذان الأمران ربطهما «البيان» بموضوع كشف الجيش، لكنه لم يذكر أن «لجنة الكشف» تضم ممثلين عن وزارة الزراعة.
وفي مسألة «ايدال»، أكثر ما يعانيه القطاع الزراعي هو اللجان التي تبحث ليس من العام 2010، إنما من العام 2006، حين جرى الإعلان عن آلية جديدة لمشروع «إكسبورت بلاس». وقضت بحسم مقداره 20 في المئة على الرديات المالية سنويا، حتى العام الحالي، حيث أوقف المشروع، علما أنه عندما تم التوافق على الحسم قيل أيضا إن لجانا ستبحث البدائل عن «اكسبورت بلاس»، وستعمل على توفير مقومات أخرى، وكلها بقيت حبرا على ورق حتى اليوم.
وفي خصوص «الأدوية الزراعية»، أن التسجيلات على الأربعمئة دواء خضعت لطلب إعادة تسجيل وفق مستندات، أقل ما يقال عنها من قبل العشرات من المستوردين بأنها تعجيزية، وذلك ما يفسر أسباب ارتفاع أسعار المبيدات والأدوية الزراعية. ولعل أبرز مثال على ذلك، دواء مكافحة اللفحة، وهو من الأمراض الفطرية، حيث ارتفع سعر الكيلو من 8 دولارات إلى 13 دولارا، في حين قال عدد من المزارعين إنه كان الأجدى على الوزارة ألا تطلب إعادة التسجيل للأدوية والمبيدات الزراعية كافة المقسمة على خمسة أنواع ومراحل في الوقت نفسه، إذ كل نوع وفق «تسمية المواد» التي يضمها مع إعطاء مهلة لم تكن كافية، ما خلق البلبلة في الموضوع.
وفي موضوع «الصادرات الزراعية»، نعم، ارتفعت قياسيا، وتجاوزت الـ 550 ألف طن في العام 2006، وكان من المتوقع لها أن تصل إلى 600 ألف طن، لولا عدوان تموز في العام 2006، وبدأ ذلك الرقم بالتراجع بعد العراقيل التي وضعت في مسيرة «اكسبورت بلاس».
يبقى القول إن التحقيق ليس هدفه التصويب على وزير الزراعة، والكل يعلم دوره وجهوده الكبيرة في محاولته النهوض بالقطاع الذي يحمل تراكمات سنين من الإهمال، وذلك موثق في المواضيع السابقة، التي تأخذ الحيز الأكبر على صفحات «السفير»، لكن الهدف هو الإضاءة على المشاكل الزراعية التي استفحلت في الموسم الحالي، لأن الكارثة اليوم في سهل البقاع باتت أكبر من أن يتحملها المزارع المحاصر بضعف الاستهلاك المحلي وتراجعه مع إقفال الحدود والأسواق العربية في وجه إنتاجه. وما نأمله عبر التحقيق هو إعلان حالة طوارئ، وإعادة ايدال إلى سابق عهدها، وليس التمديد الذي يقول عنه المزارعون إنه «تمديد يتيم وغير مجدٍ» مع وصول قيمة الحسم على الرديات المالية إلى 80 في المئة.