سهل البقاع: مزارعو البطاطا يتحسرون علـى موسـم ممتـاز لا يمكـن تصريفـه: تحكي حقول البطاطا في البقاع الأوسط قصة موسم لا يجد له المزارعون أسواقا للتصريف، إن كان في الداخل الغارق بالبطاطا السورية، والمصرية، والسعودية، أو في الخارج حيث المنافسة معدومة في ظل عدد من
تحكي حقول البطاطا في البقاع الأوسط قصة موسم لا يجد له المزارعون أسواقا للتصريف، إن كان في الداخل الغارق بالبطاطا السورية، والمصرية، والسعودية، أو في الخارج حيث المنافسة معدومة في ظل عدد من العراقيل والعقبات، التي توالت على المزارعين، حتى حرمتهم إمكانية المنافسة.
سامر الحسيني - السفير
وفيما السوق اللبنانية لا تستوعب أكثر من مئة وخمسين ألف طن، تحجز كمية للتصدير تبلغ حوالي 300 ألف طن، لتشحن إلى الأسواق العربية، في فترة تبدأ من 15 حزيران إلى 15 تشرين الثاني، بمعدل ألفي طن يومياً. ولكن مجموع تصريف الإنتاج في الفترة الحالية لا يتعدى 500 طن في اليوم الواحد. من السهول والأراضي الزراعية، إلى البرادات والمستودعات، تلك حال حقول البطاطا في قضاء زحلة، التي نعمت بإنتاج غزير، ونوعية سليمة، وخالية من الأمراض، إلا أن تلك الفرحة لم تكتمل بسبب ما يواجهه المزارعون من مشاكل مستجدة على واقع التصريف، وخصوصاً إلى الخارج. وتبدأ مشاكلهم مع ارتفاع أسعار الشحن والنقل حوالى 40 دولارا على كل طن مقارنة بالعام الماضي، ما أوصل كلفة النقل لكل طن من البطاطا إلى 120 دولارا، وفق رئيس «تجمع مزارعي وفلاحي البقاع» إبراهيم الترشيشي، الذي يلفت إلى أن «سعر شحن البراد ارتفع من 8500 ريال سعودي (إلى دول الخليج) إلى 12000 ريال مقارنة مع السنة الماضية، وهو رقم كبير في أسعار الشحن يتكبده اللبناني دون سواه». ومسيرة العراقيل التي تعترض الموسم الحالي طويلة، وفق الترشيشي، الذي يتحسر على موسم يصفه بـ «المميز والأكثر من رائع»، لكن مشكلته تنحصر بانسداد أفق للتصريف، إن في الداخل أو إلى الخارج.
ويتناول الترشيشي «كارثة برنامج إكسبورت بلاس، المتوقف عن العمل على الرغم من التمديد لفترة عمله حتى نهاية شهر تموز المقبل. فإن ذروة التصدير البقاعي تبدأ مع نهاية شهر تموز، الأمر الذي يفقد ذلك التمديد أي فوائد تطال مزارعي البقاع، كأنه يراد معاقبة المنطقة الزراعية الأولى في لبنان»، معتبراً أن «اكسبورت بلاس، هو في حكم الميت سريرياً اليوم، بفعل عملية حسم ما قيمته 80 بالمئة من قيمة الرديات». ويحول ذلك الحسم دون التصدير الزراعي إلى الخارج، ويفقد أي مكسب للمصدر والمزارع، ويدمر حركة التصدير التي «كان من المفترض أن تتلقى حوافز إضافية في العام الحالي، بسبب ما يحيط لبنان من مشاكل وعقبات، لا أن تتلقى عراقيل تدمر موسم من البطاطا، هو الافضل في البقاع منذ سنوات طويلة».
ويلفت الترشيشي إلى «معاناة المزارعين المستمرة بسبب تدفق قوافل وشاحنات البطاطا من الخارج إلى الأسواق اللبنانية، ما يؤدي إلى كساد الإنتاج اللبناني، الذي يفقد أية حماية ومزايا تنافسية»، محذرا من «واقع صعب قد تشهده الأسواق الزراعة البقاعية في الأيام المقبلة، ومن اعتصامات واحتجاجات في الشارع بسبب الأزمــــة، التي من المتـــوقع لها أن تتفاقم مع استكمال عملية قلع مواسم البطاطا في البقاع».
ويشير رئيس نقابة مزارعي البطاطا في البقاع جورج الصقر إلى أن «عنوان مأساة مزارعي البطاطا في البقاع للموسم الحالي هو انعدام سوق التصدير»، مطالباً بـ «إدراج موضوع إكسبورت بلاس كأولى مهام الحكومة الجديدة، والتمديد له مع إلغاء الحسومات على الرديات المالية، التي أفقدت ذلك المشروع الحيوي للمزارعين من مضمونه وفوائده». ويتوقع الصقر إنتاج ما بين 400 ألف و450 ألف طن من البطاطا في العام الحالي، «وهو رقم جيد جداً قياساً إلى السنوات الماضية، لكن الإنتاج مع غياب أفق للتصدير، تحوّل إلى عبء على المزارعين، الذين يشكون من انهيار الأسعار»، التي تتراوح اليوم بين أربعمئة ليرة وأربعمئة وخمسين ليرة للكيلوغرام الواحد. «والسعر سيتراجع اكثر في الأيام المقبلة، مع توالي قلع مواسم البطاطا في الحقول البقاعية»، وفق الصقر.
بدوره، يؤكد وزير الزراعة الدكتور حسين الحاج حسن على «أولوية وحتمية دعم الإنتاج الزراعي اللبناني، الذي يظل بحاجة إلى دعم مالي للتصدير والتصريف، برغم تحسين كل عمليات الإنتاج والممارسات الزراعية»، مشددا على «أولوية إعادة إطلاق إكسبورت بلاس بطريقة جديدة، مع العمل على دعم زراعات أخرى من شأنها تخفيف الضغط عن زراعة البطاطا».