جهاد البناء تعلن في ذكراها عن تأسيس «حاضنة الأعمال» للتدريب المهني

جهاد البناء تعلن في ذكراها عن تأسيس «حاضنة الأعمال» للتدريب المهني
يعتبر عنوان «معا نقاوم معا نبني» الذي رفعته مؤسسة «جهاد البناء»، لمشروع إعادة الإعمار، بعد حرب تموز في ...

يعتبر عنوان «معا نقاوم معا نبني» الذي رفعته مؤسسة «جهاد البناء»، لمشروع إعادة الإعمار، بعد حرب تموز في العام 2006، الأكثر تعبيرا عن أهداف المؤسسة، منذ نشأتها في العام 1988 حتى اليوم.
فقد ربطت «جهاد البناء» دائما في مجالات عملها، بين الأهداف الإنمائية، وأهداف تجميع المناصرين حول «حزب الله» في مقاومة إسرائيل.
ومع توسيع أعمالها وتطويرها عاما بعد عام، تحولت المؤسسة إلى واحدة من أهم مؤسسات حزب الله... فوصفها كتاب من أوروبا والولايات المتحدة بأنها الذراع الإنمائية لحزب الله مقابل الذراع العسكرية وهي المقاومة، ووضعتها الإدارة الأميركية بعد حرب تموز على لائحة المؤسسات الإرهابية.
اليوم، تحتفل «جهاد البناء» في ذكرى تأسيسها الثالثة والعشرين، وتطلق في المناسبة آخر مشاريعها في المجال المهني والحرفي، ويحمل تسمية «حاضنة الأعمال». وقد عرفت المؤسسة بإعطاء كل مشروع كبير من مشاريعها اسما خاصا، فأطلقت «معا نبني معا نقاوم»، على مشروع إعادة الاعمار، و«الأرض الطيبة» على مشروع التشجير، «وأرضي» على المعرض السنوي للمؤن.
ويوضح المدير العام الحالي للمؤسسة المهندس محمد الحاج أنه بدأ الإعداد لمشروع «حاضنة الأعمال» منذ سنتين، ولكي لا يكون اعتباطيا، أجرت المؤسسة مسحا لكل الحرف والمهن في لبنان، ثم أعدت مخططا توجيهيا، لكي يتم بموجبه اختيار المهن والحرف التي سيتم التدريب عليها.
وتتوزع الدورات التدريبية على مجالين: الأول يتناول تطوير المهارات الخاصة باستخدام التكنولوجيا، مثل تعلم طريقة العمل على الماسحات الضوئية (سكانر) لدى فحص كهرباء السيارات، وتصليح أجهزة الخلوي وصيانتها، وتصليح أجهزة الكمبيوتر وصيانتها، وأجهزة التلفزة «إل سي دي»، ومد الشبكات الإلكترونية (نتورك)، وأجهزة «يو بي إس».
يتناول المجال الثاني تعليم المهن والحرف التي لا تحتاج إلى معاهد تخصص مهنية. كما يشمل المشروع تطوير مهارات العاملين الإداريين في مجالات الأنظمة المكتبية والقوانين، بما فيها قوانين العمل والضمان، والتسويق، وكيفية إنشاء علاقات مع الجهات التي تقدم القروض. ويشير الحاج في هذا الإطار إلى أن الفشل الإداري والمالي لدى العديد من المؤسسات، وخاصة الصغرى منها، يعود إلى جهل أصحابها بالأنظمة الإدارية والمالية.
وتبعا لتطورها، يقسم الحاج المراحل التي مرت بها «جهاد البناء» إلى أربع مراحل: الأولى تمتد منذ العام 1988 حتى العام 1992، أي قبل توقيع اتفاق الطائف، وبدء العمل الحكومي الرسمي. في تلك المرحلة، كانت «جهاد البناء» تعمل في إرشاد المزارعين على كيفية رش المبيدات أو معالجة الأمراض التي تصيب المزروعات. وقامت بتمديدات شبكات مياه في عدد من القرى، ووضع محولات كهربائية، وخزانات لمياه الشرب في الطرق، وجمع النفايات، بالإضافة إلى إعادة بناء وترميم ما تهدمه القوات الإسرائيلية، من منازل ومحال.
وتمتد المرحلة الثانية بين العامين 1992 و2005، وقد شنت إسرائيل في تلك المرحلة عدوانين كبيرين على لبنان هما: عدوان تموز في العام 1993، وعدوان نيسان في العام 1996، فواجهت «جهاد البناء» واقعا مختلفا عما سبقه، رتب عليها مهمات أكبر وأوسع، فبدأت تتخلى عن تمديدات المياه والكهرباء وجمع النفايات، وتركتها للوزارات والبلديات، لكنها بقيت تعمل في المجال الزراعي.
وبالإضافة إلى متابعة إعمار ما يُهدم، دخلت المؤسسة مرحلة بناء المساجد والمجمعات الثقافية والدينية التابعة لحزب الله، كما بنت «مدارس المهدي» في لبنان، و«مستشفى الشيخ راغب حرب» في تول. ويقول الحاج إن المؤسسة بنت مساجد في الأماكن التي لم تكن موجودة فيها، سواء في الضاحية الجنوبية، أو في القرى، مشيرا إلى أن المساجد لم تكن منتشرة حينها كما هي عليه اليوم.
أما المرحلة الثالثة، وتمتد من التحرير في العام 2000 حتى العام 2006، فقد نفذت فيها «جهاد البناء» مجموعة مشاريع في القرى المحررة، بوصفها قرى زراعية، فأسست عددا من التعاونيات الزراعية، وساعدت الأهالي في شراء آليات زراعية، وعملت على توسيع برامج الإرشاد الزراعي، باتجاه صغار مزارعي الخضار والفواكه والزيتون والبطاطا.
وقد توسع نطاق الإرشاد الزراعي، حتى أصبح لدى «جهاد البناء» حاليا فريق إرشاد زراعي، يضم مهندسين زراعيين وأطباء بيطريين، يعملون مع عشرة آلاف مزارع، من خلال ثلاثة مراكز ثابتة هي في دورس والهرمل في البقاع، ودردغيا في صور.
ويوضح الحاج أن موضوع تغيير أنواع الزراعة في القرى، وخاصة التبغ، يحتاج إلى تسويق الإنتاج الزراعي وتوفير مياه الري، لافتا إلى مشروع الحكومة لري الأراضي في الجنوب من نهر الليطاني، ويشمل الأراضي التي تنخفض ثمانمئة متر عن سطح البحر، وهي عمليا جميع قرى الجنوب باستثناء بلدة مارون الراس التي ترتفع أكثر من ثمانمئة متر، وسوف يؤمن المشروع في حال تنفيذه ري خمسة عشر ألف هكتار من الأراضي.
وفي خلال المرحلة الرابعة، التي تمتد من العام 2006 حتى اليوم، وقعت حرب تموز، فواجهت «جهاد البناء» مهمة التعامل مع أكبر عملية تدمير للمنازل والبنى التحتية في تاريخ العدوان الإسرائيلي على لبنان. ويقول الحاج إن الدمار الذي حصل خلال الحرب يوازي عشرة أضعاف الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي خلال أربعة وعشرين عاما على لبنان، منذ اجتياح العام 1982 حتى العام 2006.
وكانت المهمة الأولى التي أنجزتها المؤسسة بعد توقف الحرب، هي فتح الطرق من أجل عودة المواطنين إلى قراهم ومنازلهم، ثم إجراء إصلاحات سريعة للمنازل المتضررة والصالحة للسكن. بعد ذلك نفذت مشروع ترميم جميع المنازل المتضررة والأقسام المشتركة في المباني والمحال والمؤسسات. وأنشأت شركة «وعد» لإعادة إعمار المباني المهدمة في الضاحية الجنوبية، بإدارة مستقلة، كما ساعدت في مسح الأضرار الخاصة بالمؤسسات التي قام بها المركز الاستشاري للدراسات.
وإلى جانب مشروع الإعمار الكبير، قامت المؤسسة بعمليات إغاثة بيطرية وزراعية، ورش مبيدات وأدوية لمنع انتشار العدوى في المناطق التي شهدت نفوق أعداد كبيرة من المواشي، وفي مراكز تجمع النفايات.
ولا يزال مشروع «وعد» قيد التنفيذ في مراحله الأخيرة، مع العلم أن جميع الذين تهدمت منازلهم في الضاحية الجنوبية لم يتقاضوا حتى الآن الدفعة الثانية من التعويضات.
بعد العام 2006، قررت «جهاد البناء» إقامة معرض «أرضي» السنوي في مجمع سيد الشهداء في الضاحية، لمساعدة صغار المزارعين والمنتجين على تسويق إنتاجهم، وإقامة علاقات تجارية مع زبائن جدد من خلاله.
ويعتبر «أرضي» أكبر معرض مؤن ومنتجات زراعية في لبنان، شارك فيه العام الماضي ثمانمئة مؤسسة وفرد، بينما بلغ عدد العاملين في إعداد المؤن والحرف ألفين وخمسمئة شخص. وزار المعرض خلال السنوات الأربع الماضية ما يقارب نصف مليون زائر.
وضمن مشروع «الأرض الطيبة»، قامت جهاد البناء بتشجير ثمانية ملايين شجرة منذ بدايات وجودها إلى اليوم، بمشاركة بلديات وأندية كشفية وكشافة ومدارس ومزارعين. ويقول الحاج إنه تبين بعد التجربة أن قيام الأفراد بالتشجير هو من أنجع الطرق للحفاظ على الأشجار، لأن الأفراد يحرصون على رعاية الغرسات، بينما تعتمد البلديات على عمال البلدية، وهؤلاء لا يتابعون غرساتهم.
وتعمل المؤسسة مع بلديات وجمعيات وأندية ومدارس على نشر طريقة فرز النفايات، وترشيد استهلاك الكهرباء والمياه، فيما يرى الحاج أن مشكلة التوعية البيئية في الضاحية هي من المشاكل الكبرى بسبب الكثافة السكانية، لذلك يجب أن تأخذ البلديات تلك المهمة على عاتقها.
وبالتزامن مع توسيع نشاطاتها، بدأت «جهاد البناء» تسلك طرق مأسسة عملها، فقررت استخدام العقود والاتفاقيات مع المنظمات الدولية ومع البلديات والمؤسسات التي تتعاون معها في القيام بمشاريع ذات التمويل المشترك، وتعلن المؤسسة قيمة تمويل المشاريع، لكن موازنتها تبقى سرية. /

السفير - زينب ياغي