"ازرعوا واغرسوا فلا والله ما عمل الناس عملاً أحل ولا أطيب منه" - الإمام الحسين (ع) ...
(ازرعوا واغرسوا فلا والله ما عمل الناس عملاً أحل ولا أطيب منه) - الإمام الحسين (ع)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد (ص) وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين السلام على مولانا صاحب العصر والزمان (عج). خلق الله الإنسان من الأرض وقد جعلت همته في الأرض ولذا نجد أن العلاقة بينهما ليست عرضية وإنما هي ذاتية لكونها داخلية في تكوين الإنسان ومن الآثار البارزة في مقام التعاطي مع الأرض يحاول الإنسان دائماً أن يوجد فيها الحياة من خلال استعمارها، وقد فسر الاستعمار في الروايات بما يخرج من الأرض من الحب والثمرات، إذ جاء في قوله تعالى ملخصاً الأمرين المذكورين وهما خلق الإنسان منها وأحياءها (هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها)، وقد روي عن أمير المؤمنين (ع) في تفسير الآية الشريفة بقوله: فأعلمنا سبحانه وتعالى أنه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سبباً لمعايشهم بما يخرج من الأرض من الحب والثمرات وما شاكل ذلك بما جعله الله معايش للخلق ولنزيد المطلب بياناً نتحدث عن الزراعة ومتعلقاتها في لسان الروايات من جهتين:
1. الجهة الأولى: الزراعة بحد ذاتها
عبر عن الزراعة في لسان الروايات بعبارات متعددة.
الأول: الزراعة هي أحل الأعمال وأطيبها.
الثاني: الزراعة هي رزق الأنبياء.
الثالث: الزراعة هي خير الأعمال.
الرابع: خير المال.
أما النحو الأول: فقد ورد في الكافي عن أبي عبد الله (ع) بعد أن سأله رجل فقال له جعلت فداك اسمع قوماً يقولون: إن الزراعة مكروهة: فقال ازرعوا واغرسوا فلا والله ما عمل الناس عملاً أحل ولا أطيب منه.
وأما النحو الثاني: فقد روى الكليني أيضاً في الكافي عن محمد بن عطية قال: سمعت أبا عبدا لله (ع) يقول: إن الله تعالى اختار لأنبيائه الحرث والزرع كي لا يكرهوا شيئاً من قطر السماء.
أما النحو الثالث: أيضاً في الكافي عن أبي جعفر (ع) أنه قال: كان أبي يقول: خير الاعمال الحرث يزرعه فيأكل منه البر والفاجر... (الحديث).
وأما النحو الرابع: عن أبي عبدالله (ع) قال... النبي (ص) أي المال خير؟ قال: زرع زرعة صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده.
2. الجهة الثانية: الزارع
لقد امتدحت الأخبار المزارعين وأطلقت عليهم أحسن النعوت وأجملها وهي متعددة سنشير إليها تفصيلاً ليرى المزارع أنه موضع اهتمام الإسلام كثيراً ومحل عناية فائقة.
أما النحو الأول: المتوكلون، روى الصدوق بإسناده عن محمد بن عطية ومما قال: وسئل الإمام الصادق(ع)، عن قول الله عز وجل: (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)، قال الزارعون.
النحو الثاني: وصفهم الإمام الصادق(ع) بأنهم كنوز الأنام وهم المباركون كما جاء في رواية يزيد بن هارون قال: سمعت أبا عبدا لله (ع) يقول: الزراعون كنوز الأنام يزرعون طيباً أخرجه الله عز وجل وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً وأقربهم منزلة يدعون المباركين .
ولم يكتف الإسلام بالحث على الزراعة والغرس بل عمل أيضا عملاً وقائياً للحفاظ على ما زرع وغرس من خلال النهي عن قطع الأشجار لا سيما المثمرة منها. كما ورد عن أبي عبدالله (ع) لا تقطعوا الثمار فيصب الله عليكم العذاب صباً. وأما غير المثمرة فإن قطعها ليغرس مكانها شجراً مثمراً فلا بأس به. وإلا فهو منهي عنه وهكذا لو كانت الشجرة في الصحراء نهى الإسلام عن قطعها مهما كانت لما لذلك من دور أساسي في الحفاظ على الطبيعة وربما هناك أمور لا نعلمها وهم أعلم بذلك منا.