عالم الطيور
تعد الطيور من أنجح الفقاريات، إذ يتواجد حوالي 8700 نوع من الطيور تأقلمت العيش في مختلف الظروف ...

تعد الطيور من أنجح الفقاريات، إذ يتواجد حوالي 8700 نوع من الطيور تأقلمت العيش في مختلف الظروف البيئية والمناخية على الكرة الأرضية، من الصحاري القاحلة إلى المناطق المكسوة بالثلج والجليد وذلك بالمقارنة مع 6000 نوع من الزواحف 4100 نوع من الثدييات و3000 نوع من البرمائيات كما وأن للطيور فوائد عديدة للإنسان والبيئة والزراعة.
اعتمد الإنسان على الطيور وبيوضها كمصدر غذائي منذ وجوده. تشير الحفريات الأثرية إلى تدجين الدجاج البري (Red Jungle Fowl) في الهند منذ حوالي 3200 سنة ق.م. وأصبح يربى حالياً ما يزيد عن 60 صنف من الدجاج للحم والبيض أو للزينة.
 




بعض الإحصائيات المتعلقة بالطيور:

يستهلك الفرد حوالي 18 كلغ من الدجاج سنوياً. تستهلك الولايات المتحدة حوالي 100 مليون طائر حبش سنوياً. وحوالي 11 مليون بطة، وإعداد أقل من الأوز، والفيزان، والفري، والحجل، والحمام الداجن والذي دجن من أصل الحمام الصخري البري في مصر منذ حوالي 3100 سنة ق.م.
صحيح أن مطاردة وصيد الطيور لم تعد تقتصر فقط على الغذاء كما كان يحصل في الماضي ولكن في بعض البلدان مثل إيطاليا مثلاً، فإن ملايين الطيور تلتقط بالشباك وتحبس وتباع إما للأكل أو للتغريد والزينة، كما يستعمل ريشها وجلدها في الصناعات المختلفة كما أن أعشاش طيور السنونو تباع بكثرة في الأسواق الصينية لصناعة حساء أعشاش السنونو المرغوبة جداً وتصل أسعار أصنافه إلى ما يزيد عن 120 دولار للكيلو غرام الواحد.
أظهرت الدراسات العلمية أهمية الطيور الاقتصادية بسبب رغبتهم الكبيرة وشرههم بالحشرات والقوارض وغيرها من المخلوقات المضرة بالزراعة.

* فطائر الزرزور يضبط أعداد الجراد.
* السنونو يضبط أعداد الحشرات الطائرة )يستهلك السنونو الواحد حوالي 4000 حشرة في اليوم(.
* الفري يضبط أعداد حشرة السونة المضرة بالقمح.
* الهدد يضبط أعداد الديدان في التربة.
* الطيبط يضبط أعداد بذور النباتات الطفيلية.
* نقار الخشب يقضي على الحشرات ويرقاتها المتواجدة تحت غلاف جذع الشجرة فيحمي الغابات من الأمراض.
* البوم يسيطر ويمنع الانتشار الهائل للفئران والجرذان المضرة بالمزروعات خلال الليل وتكمل الطيور الجارحة الأخرى مثل العقبان والصقور عمله خلال النهار.
* تعمل النسور على أكل الجيف فتحد من انتشار الأمراض.
* يتغدى طائر الكوكو على دودة الصندل التي تفتك بالغابات فيحد من انتشارها وضررها.
* تعمل العديد من الطيور على انتشار الغابات من خلال توزيع بزورها في الطبيعة مثل طائر الكيخن الذي يساعد على انتشار شجر اللزاب ويعمل أبو زريق، والحمام والسمن والبط على تلقيح المزروعات والأعشاب والحبوب وتوزيعها.

للطيور دور مهم جداً فهي تعمل كجهاز إنذار مبكر للإنسان في الطبيعة وذلك بسبب شدة حساسيتها فهي تتأثر بأي خلل في أماكن تواجدها فتخفض أعدادها عند تعرض بيئتها للتلوث بالمبيدات السامة وغيرها وبالتالي تحذر الإنسان عند وجود مثل هذا الخطر الصحي.
كما يدرس العلماء العديد من الأمراض على الطيور مثل مداواة الملاريا والحصبة والحمى الصفراء ومؤخراً حمى وادي النيل المميتة التي اكتشف وجودها مؤخراً في الولايات المتحدة من خلال موت الغربان في أماكن انتشار المرض وتجري الآن حملة واسعة للحد من انتشار هذا المرض القاتل.
ما زال العلماء في طور دراسة معجزة هجرة الطيور حول الكرة الأرضية سنوياً لبعض أنواع الطيور ومحاولة الاستفادة العلمية من هذه الأبحاث في مجالات الطيران المدني والحربي وغيرها. لقد ازدادت نسبة اهتمام الإنسان بالطيور في أواخر القرن الماضي بسبب هذه الاكتشافات العلمية ولم يعد هذا الاهتمام يقتصر على المطاردة والصيد بل تعداه إلى مراقبة هذه الطيور لدراستها ومعرفة أسرارها وفوائدها أو لمجرد الاستمتاع بمراقبتها وتغريدها وهذا حق مشروع ومحبب أيضاً.
ومن هنا قامت الحكومات والمنظمات الدولية والجمعيات البيئية بالعمل والمطالبة لسن التشريعات والقوانين وإقامة المحميات الطبيعية ونشر الوعي البيئي في محاولة لحماية هذه الطيور من الانقراض وهذا ليس بالشي‏ء الجديد بالرغم من ازدياده مؤخراً.
فالعديد من الديانات السماوية ومنها الإسلام قد أشارت إلى أهمية هذه المخلوقات وإلى فوائدها ودعت الإنسان إلى حمايتها وأذكر على سبيل المثال الحديث (اقروا الطيور في وكناتها) ولربما هذا الحديث يعد أول محاولة لتنظيم صيد هذه الطيور وحمايتها. والقصد هنا حماية هذه الطيور في مواسم تكاثرها بالامتناع عن صيدها والافساح بالمجال لزيادة اعدادها.
وبالفعل فإن الطيور على تناقص على مستوى الأنواع والاعداد عالمياً، وتشير بعض الاحصائيات إلى تعرض نوع من الطيور لخطر الانقراض مع انقضاء كل يوم وذلك لأسباب عديدة تختصرها بالعناوين الرئيسية التالية:
1 تدمير البيئة الطبيعية.
2 الاستعمال العشوائي للمبيدات والأسمدة السامة.
3 الصيد الجائر وغيرها.
في مقابل هذه الممارسات السلبية من قبل الإنسان هنالك حركة ناشطة من قبل مجموعات تزداد يومياً لحماية هذه المخلوقات حفاظاً على فوائدها من خلال نشر الوعي والمعرفة، والضغط لتحديث القوانين والتشريعات والعمل على تطبيقها والمتعلقة بحماية هذه الطيور وموائلها الطبيعية، وإقامة المحميات الطبيعية وإدارتها بالوسائل العلمية الحديثة والتوقيع على الاتفاقيات الدولية المعنية مثل:
* اتفاقية التنوع البيولوجي (Biodiversity).
* اتفاقية رامسار للأراضي الرطبة (RAMSAR).
* اتفاقية بون (Bonn Convertion).
* اتفاقية الاتجار بالأنواع بالانقراض (Cites)، وغيرها.
وأصبحت المنظمات الأهلية والدولية المهتمة بالطيور على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تضم عشرات الملايين من الأنصار وأعطي على سبيل المثال منظمة Birdlife International مركزها الرئيسي في بريطانيا ولها شركاء في معظم دول العالم ومراكز إقليمية مثل مكتب الشرق الأوسط في الأردن، وجمعية حماية الطبيعة في لبنان حيث تسعى لإقامة وحماية المواقع المهمة للطيور، والمساهمة في وضع قوانين لتنظيم الصيد.
لقد سعينا والمهتمين بالطيور في لبنان ومن خلال الجمعيات البيئية وبالتعاون مع وزارتي البيئة والزراعة على وضع مسودة قانون لتنظيم الصيد البري في لبنان يتماشى مع روحية العصر وعلم البيئة وحماية المخلوقات وتنظيم هواية الصيد. وبالفعل فقد توصلنا ومن خلال العديد من ورشات العمل والندوات إلى التوصل إلى حل علمي ومقبول إلى تحديد أنواع طرائد الصيد في لبنان والتي لا تتجاوز إعدادها اليد من أصل حوالي 300 نوع يمر أو يعيش في لبنان.
وذلك تحديداً (دجاج الأرض، البط، الفري، الترغل، السمن، الحجل، والمطوق) وذلك من الفترة الممتدة من شهر أيلول وحين أوائل شهر شباط أي خارج مواسم التكاثر والإمتناع عن التعرض لأي من الأنواع الأخرى من الطيور على مدار السنة.
والعبرة الآن في مدى التزام الصياد اللبناني والجدية في تطبيق القانون من قبل السلطات المختصة وذلك من خلال وصع الآليات العملية لتطبيق القانون وذلك قبل فتح موسم الصيد، وتزويد هذه السلطات بالإمكانيات الضرورية للتمكن من تنفيذ المطلوب منها. كذلك ضرورة القيام بحملات توعية مستمرة لجميع شرائح المجتمع وخاصة الصيادين واجراء عملية إعادة تأهيل وإقامة دورات تدريبية قبل اعطاء رخص الصيد.
ولنتذكر جميعاً القول الشعبي القديم (قل الطير قل الخير) .
 
    
أسعد رحال - مدير محمية أرز الشوف