تجربة زراعة النباتات العطرية والطبية كبدائل إنتاجية وبيئية

تجربة زراعة النباتات العطرية والطبية كبدائل إنتاجية وبيئية
بعد نجاح تجربتها في تعميم زراعة وتدجين الزعتر البري في مختلف المناطق اللبنانية، كنوع من الزراعات البديلة ...

بعد نجاح تجربتها في تعميم زراعة وتدجين الزعتر البري في مختلف المناطق اللبنانية، كنوع من الزراعات البديلة، أثبتت بالتجربة ومن خلال ربط الإنتاج بالسوق المحلية أهميتها الاقتصادية، انطلقت «جمعية اليد الخضراء» في مشروع يستهدف أنواعاً عدة من النباتات الطبية والعطرية في سياق التوجه عينه الهادف إلى تكريس أنواع من زراعات بديلة صديقة للبيئة، بالتعاون مع مركز البحوث البيئية والتنموية في جامعة بيروت العربية التي شرّعت للجمعية أبوابها ومختبراتها في الدبية (الشوف) وتعنايل (البقاع)، في إطار شراكة قائمة على التكامل في الرؤى والأهداف، توائم بين البيئة والتنمية المستدامة، خصوصاً أن هذه النباتات تمثل في المحصلة قيمة اقتصادية تضاف إلى أهميتها الغذائية والصحية، بعيداً من الموروث الشعبي في ما يتعلق بالعلاج والاستطباب، وإن كان هذا الأمر سيكون لاحقاً موضع دراسة من قبل كلية الصيدلة في الجامعة.


إعادة الاعتبار للأعشاب

«مشروع تشجيع زراعة النباتات الصيدلانية (الطبية) والعطرية والاستهلاكية MEA Plants» هو عنوان هذا التعاون الذي انطلق قبل أقل من سنة، لكن بدأت تظهر نتائجه تباعاً، وأشار رئيس «جمعية اليد الخضراء» زاهر رضوان إلى أن «الهدف منه إعادة الاعتبار الى الأعشاب العطرية، فضلاً عن انه يحمي النباتات وبعضها المعرض للانقراض، وبالوقت ذاته الحفاظ عليها في موائلها الطبيعية وتشجيع المزارعين على تبني زراعتها كنوع أو أنواع عدة من زراعات بديلة وأساسية على غرار المشروع الذي أطلقناه قبل نحو سنتين وشمل الزعتر البري الذي شكل خطوة ناجحة، إذ تمكّنا من تعميم زراعة الزعتر من الجنوب إلى الشمال والبقاع والجبل، وبدأ المزارعون مراحل الإنتاج والتسويق والتوسع في مشاريعهم».
وأكد أن «هناك أهمية استثنائية أيضاً لهذا المشروع لكونه يندرج ضمن الزراعات البيئية النظيفة التي لا تحتاج الى أسمدة ومبيدات كيميائية»، لافتاً إلى أن «عملنا يتركز الآن في بلدة تعنايل في البقاع الأوسط حيث وضعت الجامعة بتصرف المشروع 15 ألف متر».


أنواع النباتات

أما أنواع النباتات التي تمت زراعتها حتى الآن، فهي: الزعتر، إكليل الجبل، لافندر (الخزامى)، المردقوش، البنفسج، البابونج، الزعفران، النعناع البري، الورد الجوري، القصعين (المريمية)، الشمرا والشيح.
وأشار رضوان إلى «اننا قمنا بزراعة كل صنف من هذه النباتات على مساحة نصف دونم (500 م2)، لدراسة قيمتها الإنتاجية، وبالتوازي نقوم بتحليل المياه التي نقوم بتقطيرها والزيوت العطرية في مختبرات الجامعة العربية في الدبية بالتعاون الكامل مع كلية الصيدلة في الجامعة».
وأضاف: «أنجزنا مؤخراً دراسة الزعتر واكتشفنا بعض الفروق في نوعية الزيت حسب تنوّع المناطق، بحيث أحضرنا نباتات من أربع محافظات، وتمت دراسة المياه المقطرة والزيوت وسوف نصدر نتائج هذه الدراسة قريباً، وهي تؤكد جميعها أن ثمة قيمة لمركبات الزيوت صحية وطبية»، لكنه استدرك «نحن لسنا في موقع تحديد خواصها العلاجية. فهذا أمر ستتابعه كلية الصيدلية في دراسات معمّقة لتثبيت أو نقض المعلومات التقليدية والمتوارثة في مجتمعاتنا التي تستهلك وتؤمن بالعلاجات العشبية».
وأكد رضوان «ضرورة دراسة المقطرات وأهميتها من قصعين وماء زهر وماء ورد وغيرها الموجودة في الأسواق لتكون حاملة المواصفات المطلوبة من خلال الجهات المعنية في الدولة»، لافتاً إلى أن «الجمعية شاركت في اللجنة المتخصصة في مواصفات بيع الزعتر التابعة لوزارة الاقتصاد ومؤسسة المواصفات والمقاييس ».
منوهاً إلى أن «كل هذا العمل حالياً تقوم به اليد الخضراء باستشارة الدكتور فؤاد سعد وبالتعاون الوثيق مع مسؤولة العلاقات العامة في جامعة بيروت العربية زينة العريس والدكتورة صفاء بيضون».


بدائل بيئية وإنتاجية

لا يقتصر المشروع على أحد عشر نوعاً من النباتات، ذلك أن «ثمة ثلاثة أنواع نعمل عليها، وهي الحبق والكمون اليانسون»، كما يقول رضوان. ويضيف «نعرف أن الحبق يجد بيئة ملائمة في لبنان، ولكن الدراسة تركز على الكمون واليانسون في إطار مشروعنا الرامي الى خلق بدائل زراعية بيئية وإنتاجية، ونحن الآن في طور استكمال استنباتها لزراعتها في مواسمها المحددة».
ولفت إلى أن «هناك جهوداً نقوم بها مع مزارعين لزراعة الزعفران في منطقة الهرمل».
فيما أشار ناصر عقل إلى أنه زرع الزعتر على مساحة 7 آلاف متر مربع في أحراج الصنوبر من المتن الأعلى»، وقال: «تمكنت من الاستفادة من أحراج الصنوبر في مجال الزراعة وهذه سابقة لم يقدم عليها أحد»، لافتاً إلى «أنني أواكب المشروع في تعنايل لزراعة أنواع عدة من النباتات الأكثر ملائمة لطبيعة احراج الصنوبر».


بروتوكولات زراعية مستدامة

أما مركز أبحاث البيئة والتنمية في جامعة بيروت العربية، فكان قد أشار إلى أن «المركز عمل على حماية الموارد الطبيعية والاستفادة من النباتات العطرية والطبية المستوطنة في لبنان، والمهددة بالانقراض نتيجة للقطف العشوائي والرعي الجائر وغياب الاستراتيجيات الوطنية لإدارته».
ولفت إلى أن «المشروع يمتد على ثلاث مراحل وعلى مساحة 15000 متر مربع من أرض المركز في البقاع، بحيث تتم زراعة كل من هذه الأعشاب في قطع زراعية بمساحة 500 متر مربع بطرق زراعية مستدامة تساعد على نمو النباتات والمحافظة على البيئة. وهو يهدف الى المحافظة على النباتات المستوطنة في لبنان ودراسة امكانية زراعة بعض الأعشاب غير المستوطنة كزراعات بديلة، كما يعمل على دراسة ووضع بروتوكولات زراعية مستدامة لزراعة هذه الأعشاب في البقاع مع الجهات المعنية والعاملة في هذا الحقل مع مواكبة هذه الدراسة ببحوث علمية على المستوى الأكاديمي والتطبيقي».
وأضاف إن «المشروع يقوم على تقديم وسائل عملية وعلمية للمجتمع الزراعي لتشجيع زراعة هذه الأعشاب كمورد اقتصادي هام يساعد في تنمية المجتمعات الريفية وإشراك المرأة الريفية في ادارتها. وسيقوم المركز بالتعاون مع جمعية اليد الخضراء بتحويل انتاج هذا المشروع الى منتجات استهلاكية وطبية وصيدلانية لتتم دراسة مكوناتها وخصائصها باشراف عدد من الباحثين في كلية الصيدلة في الجامعة، على أن يتم نقل هذه الخبرات الى الفعاليات الزراعية والأهلية البقاعية للاستفادة منها والانطلاق الى تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة تساعد في التطوير الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع البقاعي والمناطق الريفية المحيطة».


السفير