تراجع إنتاج الزيتون في عاليه إلى مستويات متدنية جداً: يواجه العاملون في قطاع زراعة الزيتون، في قضاء عاليه، واقعاً مأسوياً، مع تراجع الانتاج هذه السنة إلى مستويات متدنية جداً، حتى أن بعض الكروم انعدم فيها الانتاج تماماً، وهذه ظاهرة لم يعهد مثلها قطاع الزيتون من
يواجه العاملون في قطاع زراعة الزيتون، في قضاء عاليه، واقعاً مأسوياً، مع تراجع الانتاج هذه السنة إلى مستويات متدنية جداً، حتى أن بعض الكروم انعدم فيها الانتاج تماماً، وهذه ظاهرة لم يعهد مثلها قطاع الزيتون من قبل، خصوصا في منطقة «وادي شارون» التي تضم معظم قرى وبلدات الجرد الاعلى، من بحمدون حتى صوفر وعين دارة، وصولاً إلى تخوم قضاء الشوف.
«صار عمري 80 سنة وهذه اول مرة ارى شجرة زيتون من دون ثمار»، يقول سعيد الاحمدية. ويضيف: «كنا نواجه مواسم ماحلة ولم نواجه مواسم شبه معدومة وشجرة زيتون لا تحمل ثماراً»، لكن المشكلة تتعدى المواسم، ذلك أن هذا القطاع آيل الى الاندثار، مع تمدد الزحف العمراني، وعدم اهتمام الدولة بالقطاع الزراعي ومنافسة الزيتون المستورد، حتى أن ثمة ظاهرة من شأنها ان تقضي على ما بقي من أشجار زيتون معمرة، حيث يضطر المزارع، تحت وطاة الازمة الاقتصادية، الى أن يبيع هذه الاشجار للزينة، فضلا عن مشكلات كثيرة يتساوى فيها العاملون في القطاع الزراعي.
جرد عاليه
أحمد الصايغ، أحد مؤسسي «جمعية شارون التعاونية الزراعية العامة» وأمين سرها، أشار إلى «اننا حصلنا هذا الموسم على ربع انتاج، وكمزارع كان إنتاجي من الزيت يتخطى 30 تنكة فيما اليوم لم احصل الا على 8 تنكات، وكان انتاج الزيتون في الكروم التي أملكها يقدر بنحو 3 أطنان ولم يتعد الانتاج هذا العام الـ 500 كيلو فقط».
وأضاف الصايغ: في وادي شارون ومنطقة الجرد الاعلى ثمة مناطق كان الانتاج فيها قليلا أو شبه معدوم ومناطق انتاجها مقبول نسبيا، ربما بسبب عامل الارتفاع عن سطح البحر، لكن سبب تراجع الانتاج يعود الى قلة الامطار وارتفاع درجات الحرارة في فصلي الربيع والصيف الماضيين، فضلاً عما شهدناه من ظاهرة ارتفاع الحرارة في فصل الخريف، كل ذلك أدى إلى تساقط الازهار وما بقي من ثمار تعرض للحرارة الشديدة وتساقط بعضه او ضمر بسبب قلة الامطار وفقدت الثمار القدرة على مواجهة الامراض واهمها «عين الطاوس».
البنا
رئيس التعاونية رامز البنا، قال ان «انتاج المنطقة من الزيتون يتعدى 200 طن في السنة فيما لم يتجاوز هذه السنة 60 طناً»، ولفت الى ان «هناك ازمة اقتصادية واجتماعية في معظم القرى التي تعتمد قطاع الزيتون مورد رزق اول»، وتابع: «لا يمكن للمزارع هذه السنة ان يسترد قسماً من كلفة الانتاج، خصوصا ان الزيتون بحاجة الى رعاية من حراثة واسمدة وادوية زراعية وكلفة قطاف ونقل وتقليم واجور عمال وغيرها».
وعرض البنا لتكاليف عصر الزيتون «بحيث نقصد القرى القريبة والبعيدة، مثل: الرملية، كفرنبرخ، بعقلين، المعوش وعرمون والبنيه»، وقال: «اشترينا قطعة ارض سنة 2004 لانشاء معصرة زيتون حديثة، وانجزنا بناء الاساسات والركائز ووصل البناء الى مستوى الارض ونحن الآن نفتش عن مصادر تمويل لاستكمال البناء»، لافتا الى ان «ثمن المعصرة 80 ألف دولار ونحاول مع بعض السفارات والسوق الاوروبية المشتركة فضلاً عن وزارات الدولة المعنية تأمين التمويل وهذا مشروع يخفف كلفة انتاج الزيت».
وقال «تقدمنا من وزارة الشؤون الاجتماعية بمشروع تبلغ كلفته 60 الف دولار لاستكمال المركز ولم نحصل الا على 10 ملايين ليرة، مع العلم بأن الوزارة صرفت عامي 2001 و 2002 مبلغ 3 ملايين ومن ثم 7 ملايين ودفعنا على المبلغين نسبة 10 بالمئة والتاني 15 بالمئة ولم نحصل الا على مليوني ليرة فيما الخمسة ملايين لا تزال في ادراج الوزراة رغم مطالبتنا بها».
وعن مشاكل المزارعين قال «حدث ولا حرج، المزارعون على حافة الفقر»، وطالب «الوزارات المعنية بدعم التعاويات والمزارعين لتثبيتهم في قراهم».
استغلال زيتون شارون
المزارع شوقي البنا أسف «لاستغلال سمعة زيتون شارون»، وقال «تجار ومواطنون يعرضون الزيتون على الطريق الدولية بين ضهر البيدر وصوفر ويبيعونه على انه من انتاج شارون»، لافتاً الى ان «ظريف لبنان الراحل نجيب حنكش كان يردد دائما على التلفزيون (زيتون شارون وزيت الكورة هما الافضل في لبنان) لكن للاسف ثمة استغلالا لسمعة زيتون وادي شارون من خلال هؤلاء التجار الذين يشترون الزيتون من الدول المجاورة ويغرقون به السوق»، وأكد أن «هناك مشكلة تتمثل في عدم قدرتنا على منافسة الزيتون في الدول العربية بسبب ارتفاع كلفة الانتاج».
المتن الاعلى وغرب عاليه
وتبقى هذه المشكلة أقل حضوراً في عاليه والمتن، لأن هذه الزراعة غير معممة على كل القرى والبلدات على غرار موسمي الصنوبر والتفاح، سامي ابو سعيد من بلدة شويت قال «أملك كرم زيتون فيه عشر اشجار معمرة وكانت تؤمن لي حاجة البيت من زيت وزيتون وكنت اقوم بصناعة الصابون، لكن هذا العام لم احصل الا على 20 كيلو فقط».
رجا المهتار صاحب معصرة زيت في منطقة عرمون اشار الى ان «الانتاج في غرب عاليه كان مقبولا في مقارنة مع الانتاج في منطقة الجرد الاعلى»، ولفت الى ان «العمل في المعصرة كان اقل مما كان في العام الماضي».
وانتقد محمود السوقي من منطقة الشويفات «تقاعس الدولة»، وأكد أنه «لو كان الانتاج وافرا لا نخاف المضاربة لان انتاجنا لا يضاهى بجودته»، واعتبر «ان المزارعين الذين يعتمدون قطاع الزيتون مورد رزق اساسيا ستواجههم ازمة معيشية واجتماعية ما يستدعي حضوراً للدولة التي للأسف لا تولي القطاع الزراعي اي اهتمام».
ويشير شفيق الجردي الى أن «مدينة الشويفات كانت تضم عـشرات المعاصر فيما اليوم لم يعد هناك في المدينة كرم زيتون واحد»، ويلفت إلى أن «شعار الشويفات تتصدره شجرة الزيتون لكن الزحف العمراني أتي على مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية»، ويؤكد انه «لم يبقَ من زيتون الشويفات الا الشجرة ـ الرمز الموجودة على العلم الذي رسمه الاجداد قبل مئات السنين».
أما المشكلة الأبرز هذا العام، فتمثلت في عدد الحرائق التي التهمت مساحات كبيرة من كروم الزيتون، ويؤكد رئيس بلدية عيناب فؤاد الشعار، أن «كارثة بكل ما للكلمة من معنى حلت بالبلدة»، وطالب «ذوي الشأن في الدولة المبادرة الى دفع تعويضات للمتضررين من اصحاب كروم الزيتون والاراضي الزراعية».
وأشار أنور العريضي من بلدة بيصور المجاورة إلى أنه «اذا لم نلق تجاوباً فسنكون بصدد لقاء المسؤولين لرفع معاناتنا وصوتنا بما يمكننا من تجاوز بعض تبعات ونتائج الكارثة بوجهيها قلة الانتاج من جهة ونتائج الحرائق من جهة ثانية».
ويضيف العريضي: «يبدو كأننا في موسم وداع شجرة الخير والبركة، ربما في السنوات المقبلة نحول ما تبقى من اشجار الزيتون الى اشجار زينة في احواض المنازل فقط».