«مؤونة زغرتا»: صناعة منزلية «تسند الخابية»

«مؤونة زغرتا»: صناعة منزلية «تسند الخابية»
«مؤونة زغرتا»: صناعة منزلية «تسند الخابية»: كانت مؤونة البيت حتى الأمس القريب عادة تتوارثها الفتاة من والدتها أو جدتها، وتحفظها عن ظهر قلب. فلكل موسم مؤونته في قضاء زغرتا، إذ لتحضير رب البندورة زمن محدد وللكشك زمن آخر، أما المربيات فتختلف أوقاتها باختلاف الموا

كانت مؤونة البيت حتى الأمس القريب عادة تتوارثها الفتاة من والدتها أو جدتها، وتحفظها عن ظهر قلب. فلكل موسم مؤونته في قضاء زغرتا، إذ لتحضير رب البندورة زمن محدد وللكشك زمن آخر، أما المربيات فتختلف أوقاتها باختلاف المواسم، إلا أن أكثريتها يتم تحضيرها خلال الصيف لتشكل حلويات الشتاء. أما اليوم، وفي ظل الوضع الاقتصادي الصعب يعمد عدد كبير من ربات المنزل غير العاملات خارج منازلهن إلى تحويل تلك العادة المتوارثة إلى صناعة تؤمن لهن مدخولاً لا بأس به، كما المثل اللبناني «بحصة تسند الخابية». حيث يؤمن ذلك المدخول قسماً من المعيشة اليومية كما تؤكد ريا حامض، التي أشارت إلى أنها كانت لسنوات مضت تقوم بتحضير دبس الرمان لعائلتها، إلا أنها ومنذ خمس سنوات تقريبا عمدت إلى بيع الفائض، ولاحظت أن هناك إقبالاً عليه ما دفعها إلى تحويله إلى صناعة منزلية.
من جهتها، فدوى المختفي، تقول إنها تصنع أنواعا جيدة جداً من الكشك، وأن «هناك تهافتاً على شرائه»، حيث تبيع سنويا نحو مئة مرطبان، ما يؤمن قسط أحد أولادها الأربعة في مدرسته الخاصة، فيما تشير جميلة مكاري التي باتت «من ذوات الاختصاص في تحضير رب البندورة»، إلى أن ربات المنازل من مختلف بلدات قضاء زغرتا تقصدها لشرائه. كما أشارت إلى أنه عندما ضاقت فرص العمل أمامها، عمدت إلى استغلال ما تعلمته من جدتها بشطارة إلى مهنة تقيها شر العوز، وتؤمن لها قسطا من المدخول يسمح بتحسين ظروف حياتها.
أما عائلة جورج الدويهي، التي باتت مشهورة بتحضير شراب ماء الورد وماء الزهر، فيشير أحد أبنائها إلى أنه ورث هواية «التقطير» عن والده، الذي كان يجمع ليمون «بو صفير» والورود لتحضير ذلك الشراب من أجل استهلاكه في المنزل، إلا أنه عندما اضطر إلى ترك عمله في إحدى الشركات، باشر صناعة ماء الورد وماء الزهر، لتصبح مع الوقت مهنته المعروفة في زغرتا والتي يقصده من أجلها العديد من أبناء المدن.
من مؤونة المنزل، إلى تحضير المأكولات البيتية الصحية التي تتهافت على شرائها النساء العاملات، تقول مرتا ساروفيم، إنها تمكنت من تعليم أولادها في أفضل المدارس ومن تأمين حياة لائقة لعائلتها، لافتة إلى أن اكثر الطلبيات تكون على «الورق عريش» و«الكبة الزغرتاوية» بمختلف أنواعها، مشيرة إلى أن «السيدة العاملة تفضل شراء أكل بيت لأولادها على شراء الوجبات السريعة. وهذا ما جعل هذه المهنة تزدهر في زغرتا»، موضحة أن هناك عشرات السيدات اللواتي يُؤَمِّنَّ الأكل البيتي للعديد من العائلات بأسعار مقبولة، ما يوفر على المرأة العاملة الوقت ويؤمن لأولادها طعاماً صحياً.
من تخزين لبن الماعز، إلى تجفيف الفواكه، إلى تحضير المكدوس، وكبس الزيتون الأخضر والأسود، وصولاً إلى إعداد مآكل يومية لبيعها لمن يرغب، تحولت منازل عديدة في قضاء زغرتا إلى متاجر صغيرة تبيع مؤونة لمن لا يسمح له وقته بتحضيرها، وتؤمن أطايب قد لا تتمكن معظم ربات المنازل العاملات من تأمينها بفعل دوام العمل أو ضيق الوقت.

السفير