«الزراعة الحافظة» تعتمد التسميد بالنباتات وتستغني عن الفلاحة

«الزراعة الحافظة» تعتمد التسميد بالنباتات وتستغني عن الفلاحة
«الزراعة الحافظة» تعتمد التسميد بالنباتات وتستغني عن الفلاحة: يتفقد نجيب زيتوناته بشكل شبه يومي، ويرعاهم كأولاده، ويقدم لهم الخدمـة المطلوبة رغم ما يتكبده من مصاريف مرتفعة علـيهم. اذ أن اكثر ما يسعــده في الحــياة هو وفــرة الموسم، وأشد ما يؤلمه عدم تصريف الا

يتفقد نجيب زيتوناته بشكل شبه يومي، ويرعاهم كأولاده، ويقدم لهم الخدمـة المطلوبة رغم ما يتكبده من مصاريف مرتفعة علـيهم. اذ أن اكثر ما يسعــده في الحــياة هو وفــرة الموسم، وأشد ما يؤلمه عدم تصريف الانتاج من الزيت والزيتون لارتفاع كلفة نفقات الانتاج. وغالبا ما تختلط هذه المشاعر المتناقضة لدى نجيب وغيره من الملاكين في الكورة، فتعلو صرختهم لانقاذ زيتهم المتراكم في الخوابي وانقاذ عائلاتهم من براثن الدائنين الذين لا رحمة لهم ولا شفقة.
تجاه هذا الواقع المزمن احجم مجلس انماء الكورة عن تنظيم المحاضرات التوجيهية للمزارعين وتوجه الى العمل الميداني، وحقول التجارب. وفتح باب المشاهدات الحقلية، امام الجميع، للنظر بأم العين الى السبل الكفيلة بمساعدة المزارع في خدمة حقله باقل تكاليف مادية ممكنة وبافضل انتاجية. وكانت» الزراعة الحافظة» من أهم السبل الآيلة لتحقيق هذه الغاية، فباشر المجلس تجاربه عليها منذ العام 2008 على مساحة الف متر مربع، ما لبثت ان تطورت وتوزعت لتصل الى مساحة 20 الف متر مربع.


ما الزراعة الحافظة؟

تجدر الإشارة الى ان «الزراعة الحافظة»، أي الزراعة التي تحفظ التربة وتؤمن الغذاء الطبيعي للمزروعات معا. هي نتاج محصول من العائلة البقولية مثــل «الباقية» و«الترمس» و«الكرسنّة» و«الفول».
يعتمد مجلس الانماء في الكورة على»الباقية» التي يزرعـها، ويتركها في الارض حتى تجف، فتتكون بذلك طبقة من المواد العضوية، تمنع التبخر من التربة، وتحافظ على مياه الامطار فيها لتمتصها الجذور. وبما ان الباقية هي محصول سنوي، فإنه يجف ويهترئ طبيعيا ما يضيف موادا عضوية الى الاشجار تقوم مقام السماد (الزبل) الحيواني سنويا الذي بامكان المزارع ان يوفر ثمنه. اضافة لذلك فهي اسوة بسائر البقوليات تمد الاشجار عبر الهواء بمادة» الازوت».
وتبرز ميزات» الزراعة الحافظة» لدى المزارع باستغنائه كليا عن فلاحة الارض. اذ يوفر في الفدان الواحد اجرة فلاحة تبلغ 220 الف ل.ل.، اضافة لثــمن السماد (الزبل) الذي تبلغ قيـمته للــفدان الواحد 50 الف ل.ل.، وبدل نقل وتوزيـع الزبل بما يعـادل الـ90 الف ل.ل. وتزويــد الارض بثلث احتياجاتها من المخصّبات مثل الازوت بقيمة 47 الف ل.ل. في حين ان كلفة «الزراعة الحافظة» تقتصر على ثمن البذور للفــدان الواحد مقسّــمة على ثلاث سنــوات بـ25 الف ل.ل.، و30 الف ل.ل. نقل، وأجــرة بذر الحبوب 15 الف ل.ل. ومكافحـة للاعشـاب الضــارة بـ25 الف ل.ل. اي بما مجــموعه 95 الف ل.ل. ما يساعد الفـلاح على التــوفير باعتماد «الزراعة الحافــظة» التي تبلـغ كلفــة انتـاجها بما يقارب 312 الف ل.ل. بالسنة الواحدة، في حين ان الزراعة التقليدية تقدر كلفتها سنويا بمليون ل.ل.اي ان نسبة التوفير تقدر بـ34 في المئة من الكلفة المعتمــدة اي الثلت.


كلفة الإنتاج

يرى رئيس مجلس انماء الكورة المهندس جورج جحى ان «التحدي الكبير اليوم والاساسي الذي يواجه الفلاحين هو كلفة الانتاج المرتفعة. اذ ان بقاء الزيتون واستمرار صناعة الزيت منه يتوقف على نجاح اربعة امور، وهي زيادة الانتاج، تخفيض كلفته، تحسين خصوبة التربة وتحسين صحة الاشجار التي يستدل عليها من لونها الاخضر الداكن».
وهذه الشروط توفرها «الزراعة الحافــظة» التي تحتاج حسب الدراسات لعامين بحدهـا الادنى كي تعطي نتائج ملموسـة، وعشر سنــوات بحدها الاقصى. انما اللافت كان في محصول الزيتون عام 2010 الذي عومل بـ« الزراعة الحافظة» لدى المجلس، وكان غزيرا، مقابل موسم قاحل في سهول الكــورة. ما استدعى بمجلس انماء الكورة الى تنظيم ثلاث مشاهدات حقلية متتالية حول هذه الزراعة لتشجيع المزارعين على اعتمــادها، ووضـع نفسه ولا يزال تحت تصرف المهتمين لما فيه خيرالمزارع للبقاء في ارضه ومع زيتوناته الدهرية.

فاديا دعبول - السفير