"المن القطني" يضرب الصبّار.. ولا خطورة على الصحة: فوجئ مزارعو الصبّار في منطقة النبطية، لا سيما في بلدة عبّا المشهورة بهذه الزراعة، بإصابة موسم الصبّار لهذا العام بمرض «المن القطني»، كما وصفه مهندسون زراعيون، ما جعل الثمار تصفرّ وتذوي قبل أوانها، إذ يميل لون
فوجئ مزارعو الصبّار في منطقة النبطية، لا سيما في بلدة عبّا المشهورة بهذه الزراعة، بإصابة موسم الصبّار لهذا العام بمرض «المن القطني»، كما وصفه مهندسون زراعيون، ما جعل الثمار تصفرّ وتذوي قبل أوانها، إذ يميل لونها إلى الأصفر الفاتح الذي يشبه لون الموز الناضج بدلاً من اللون الوردي الطبيعي لنضوج الثمرة.
وقد منع المرض 80 في المئة من مزارعي المنطقة من قطاف مواسمهم، لاعتقادهم بخطورة هذا المرض على صحتهم وعلى صحة المشترين منه عند تناول الثمار المذكورة. فيما قلل الخبراء الزراعيون من خطورة المرض وانعكاسه سلباً على سلامة المواطنين، مؤكدين أنه بالإمكان تناول ثمار الصبار وبيعها طبيعيا.
ويوضح رئيس بلدية عبّا داوود ترحيني لـ«السفير» أن «البلدية أخذت على عاتقها الاهتمام بمكافحة المرض الذي أصاب أشجار الصبّار في البلدة، عبر إرسال صور وعينات إلى وزارة الزراعة التي بدورها أرسلت المهندس الزراعي زاهر أيوب الذي عاين نخبة من الأشجار المريضة، ونتيجة لذلك، وجد أن هذا المرض ليس خطيراً جداً، وهو عبارة عن حشرة ليست مضرة تشبه دودة القز، وتفرز مادة من القطن على غلاف الثمرة وتحتها مادة قرمزية».
ويشير ترحيني إلى أن «أيوب نظم حملة إرشادية للمزارعين في حسينية البلدة، تضمنت إرشادات عن كيفية مكافحة المرض عبر رشه بالمبيد الزراعي اللازم الذي أرسلته الوزارة إلى البلدية في وقتٍ لاحق، ووزعته على المزارعين لرش الأشجار به».
وينصح أيوب «المزارعين برش الأشجار بعد الانتهاء من قطاف الموسم وليس قبله، لكي يستفيدوا من أكبر قدر من المحصول».
خسارة مورد مادي
وسبب مرض موسم الصبار خسارة مورد مادي لا يستهان به لأهالي البلدة، وفق المزارع محمد علي ترحيني، مضيفا «يسمى هذا المرض بحسب الخبراء الزراعيين الذين عاينوا كروم الصبّار من قبل وزارة الزراعة، بالمن القطني». ويفيد أن «بلدية عبا أحضرت كميات وافية من الأدوية اللازمة لمكافحة المرض، وسلمتها لمن يرغب من المزارعين الذين باشروا رشّ كرومهم، حيث تتطلب عملية الرش حوالي أسبوعين لكي يُقضى على المرض، وتصبح الثمرة صالحة للأكل، وهذا ما يأمله الكثير من المزارعين».
وتحتل زراعة الصبّار التي ورثها أهالي عبّا عن أجدادهم وآبائهم، مساحات واسعة من أراضي البلدة البعلية والجبلية الصخرية، بحسب المزارع اسماعيل ترحيني، ما جعل من الصبار «العبّاوي»، لا سيما «البراوي» الذي يعيش في البرية، صباراً مميزاً بنكهته الطيبة وطعمه اللذيذ. ويلفت الانتباه إلى أنه «من أسباب تفوق شجرة الصبّار على الزراعات الأخرى، أنها تنتج بعمر ثلاث سنوات، وينتج الدونم الواحد منها حوالي 200 كلغ، ويبدأ قطافها في بداية شهر تموز، وينتهي في بداية شهر أيلول، كما أنها تعطي من دون مقابل، وهي تعمر طويلاً كشجرة الزيتون».
ويعتمد مزارعو عبّا اعتماداً كلياً على زراعة الصبار الذي بات إنتاجه منقذاً لهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها القطاع الزراعي إلى جانب زراعة الزيتون، وفق المزارع علي قاووق الذي يشير إلى «تراجع زراعة التبغ التي كانت تعتبر الزراعة الأساسية لهم على مدار السنين، لكنها وصلت حتى الآن إلى حد الانقراض بعدما تفوقت عليها زراعة الصبّار والزيتون لإنتاجهما الوافر وقلة كلفتهما المادية، بينما العكس تماماً بالنسية لزراعة التبغ».
ويقدر قاووق إنتاج البلدة من الصبّار بمئات الأطنان التي يبلغ ثمنها عشرات الآلاف من الدولارات، بحيث يبلغ متوسط دخل كل مزارع حوالي خمسة آلاف دولار أميركي، ويباع الإنتاج في الأسواق المحلية وأسواق الجملة، ويتراوح سعر كل مئة حبة منه بين سبعة وعشرة آلاف ليرة في البلدة، بينما تباع بعشرين ألف ليرة في الأسواق المحلية، كما تباع في الجملة في أسواق النبطية وصيدا وبيروت ومختلف المناطق اللبنانية الأخرى.
«فيتامينات ومقويات.. وبوظة»
ويصف المزارع حسين حسونة ثمار الصبار بـ«المفيدة جداً للجسم، لاحتوائها على كل الفيتامينات والمقويات والمنشطات، لا سيما في معالجة الضعف الجنسي، كما يفيد الخبراء، كما أنها تستعمل في صناعة المربيات والحلويات والبوظة والشامبو والمنظفات»، متمنياً أن «يطول عمر هذه الشجرة ودوام إنتاجها، لأنها شجرة الخير والبركة كأشجار التين والزيتون».
يذكر أن أشجار الصبار زُرعت بكثافة في بلدة «عبّا» الجنوبية منذ عقود كثيرة، لتسييج الكروم المثمرة والحقول الزراعية، وحماية أثمارها من العابثين والمتطفلين من خلال أشواكها المدببة كالإبر، حيث قامت بواجبها المطلوب على أحسن ما يرام، وكانت بديلاً من السياجات الحديدية الشائكة التي لم تكن موجودة في ذلك الحين، وإذا وجدت فإنها كانت باهظة الثمن، ولا يستعملها سوى الميسورين من المزارعين والأهالي. أما الآن فقد تحولت شجرة الصبار إلى ملجأ لمئات العائلات من أهالي البلدة إلى جانب شجرة الزيتون، نظراً لوفرة إنتاجهما وانخفاض كلفتهما وسهولة العمل فيهما مقارنة مع زراعة التبغ التي بالرغم من أسعارها المدعومة من الدولة، لكنها زراعة صعبة، تتطلب العمل على مدار السنة، وإنتاجها لا يوازي كلفة العمل فيها، بينما يعمل المزارعون في موسم الصبار والزيتون أثناء موسم الإنتاج فقط.
السفير