البحث عن أسواق وممرّات جديدة للمنتجات الزراعية

البحث عن أسواق وممرّات جديدة للمنتجات الزراعية
البحث عن أسواق وممرّات جديدة للمنتجات الزراعية: فتحت الأزمة السورية باب الأسئلة الصعبة لدى المزارعين ــ التجّار في لبنان. فهؤلاء كانوا يصدّرون منتجاتهم الزراعية برّاً عبر سوريا إلى دول الخليج، إلا أن كلفة النقل عبر هذا الممر تضاعفت، ما يمثّل بداية جديدة لرحلة

فتحت الأزمة السورية باب الأسئلة الصعبة لدى المزارعين ــ التجّار في لبنان. فهؤلاء كانوا يصدّرون منتجاتهم الزراعية برّاً عبر سوريا إلى دول الخليج، إلا أن كلفة النقل عبر هذا الممر تضاعفت، ما يمثّل بداية جديدة لرحلة البحث عن طرق جديدة لتصريف الإنتاج
في الاجتماع الأخير الذي عُقد في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات «إيدال» قبل أيام، وحضره وزير الزراعة حسين الحاج حسن، وبعض كبار المزارعين ــ التجّار، كان محور النقاش يتركز على تداعيات الأزمة السورية على تصدير المنتجات الزراعية. حينها، أكد المزارعون ــ التجّار أن التصدير تراجع 80%، مطالبين بزيادة دعم الصادرات الزراعية عبر «إيدال».
لكن ما تبيّنه الأرقام ووقائع السوق مختلف عن هذا الواقع. فبحسب إحصاءات جمعية المزارعين، لم يظهر كل هذا التراجع. ففي الأشهر الخمسة الأولى من عام 2012، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2010 (التراجع بدأ في عام 2011، وبالتالي تبدو المقارنة أكثر بروزاً بين 2010 و2012) تبيّن أن تصدير البطاطا والموز والحمضيات والتفاح والعنب والثوم والبصل هو على النحو الآتي:
ــ في كانون الثاني 2012 صدّر لبنان من الأنواع المذكورة نحو 35 ألف طن مقارنة مع 48 ألف طن في كانون الثاني 2010، وبالتالي فإن نسبة التراجع 27%.
ــ في شباط 2012 صدّر لبنان 29 ألف طن مقارنة مع 41 ألف طن في شباط 2010، أي بتراجع نسبته 30%.
ــ في آذار 2012 صدّر لبنان 31 ألف طن مقارنة مع 38 ألف طن في آذار 2010، أي بتراجع نسبته 18.5%.
ــ في نيسان 2012 صدّر لبنان 27800 طن مقارنة مع 27800 طن في نيسان 2010.
ــ في أيار 2012 صدّر لبنان 25 ألف طن مقارنة مع 31600 طن في أيار 2010، أي بتراجع 20.8%.
هكذا يبدو واضحاً أن حجم التراجع خلال الفترة المذكورة لم يتجاوز 30%، وهذا التراجع ليس بسيطاً، إلا أن تضخيمه يدفع إلى الشكوك بأهداف كبار التجّار، الذين يخططون للضغط باتجاه تمويل كلفة النقل التي ارتفعت إلى سوريا عبر أموال ضرائب اللبنانيين، فيما هم يرفضون اعتماد النقل البحري والبحث عن أسواق جديدة.
ما حصل هو أنه في الفترة الأخيرة تضاعفت كلفة النقل من 2500 دولار لكل شاحنة، إلى 5000 دولار؛ لأن المرور عبر الأراضي السورية بات يحمل مخاطرة كبيرة يتحمّلها مالكو الشاحنات وسائقوها. وما أسهم في ارتفاع هذه الكلفة، هو أن السعودية أغلقت سفارتها في سوريا فبات صعباً على الشاحنات أن تحصل على «فيزا ترانزيت» من السفارة السعودية في لبنان، حيث العمل الإداري مترهل وغير مؤهل ليقوم بمثل هذه المهمات الجديدة.
هذا التراجع ينبئ بوجود أزمة في تصريف المنتجات، سواء محلياً أو خارجياً، على ما يقول رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك. فمن المعروف أن قسماً كبيراً من المنتجات الزراعية يستهلك محلياً عندما تزداد حركتي السياحة والاصطياف. إلا أنه في هذه السنة أصدرت دول الخليج تحذيراً لرعاياها من السفر إلى لبنان بسبب ارتفاع المخاطر، ما أدّى إلى خسارة عدد كبير من السياح، وبالتالي خسارة الحركة الاستهلاكية التي كانت تنجم عنهم. ويضاف إلى هذا الوضع، أن الأزمة في سوريا كانت لها امتدادات جزئية إلى لبنان أثّرت سلباً على حركة الاستهلاك المحليّة.
أما على صعيد التصريف الخارجي، فمن المعروف أن التجار اللبنانيين يصدّرون كميات كبيرة برّاً إلى العراق والسعودية والإمارات والكويت وقطر... لكن هذه الأسواق لم تعد متوافرة بالسهولة التي كانت عليها سابقاً بسبب مخاطر العبور في الأراضي السورية، وبالتالي باتوا في حاجة أكثر إلى أسواق جديدة، أو إلى تغيير طرق النقل من البرّ إلى البحر.
لكلٍّ من هذين الخيارين كلفة يرفض التجّار سدادها، بحسب ما يؤكد المطلعون. فالبحث عن أسواق جديدة يصطدم بكون المصدّرين اللبنانيين يفضّلون الدول الخليجية حيث يحققون أرباحاً كبيرة، فيما هناك تساهل إلى حدّ كبير في تطبيق المواصفات والمعايير على المنتجات اللبنانية. أما في الأسواق المحتملة الأخرى في روسيا والدول الأوروبية وغيرها، فإن هناك تشدداً في المعايير قد يؤدي إلى خسارة التجّار جزءاً من أرباحهم التي كانوا يحققونها بسبب تساهل دول الخليج.
البديل المطروح أمام هؤلاء التجّار، في ظل صعوبة التصدير عبر سوريا، هو تصدير بضائعهم عبر البحر، لكنه يستدعي تجميع الكميات من عدد كبير من المزارعين لتصديرها على البواخر مرّة واحدة. إلا أن هذا الخيار يعني أنهم سيكشفون لبعضهم عن الكميات المصدّرة والزبائن وكل ما يعدّونه «أسرار المهنة».

محمد وهبة - الأخبار