النباتات الطبية والعطرية زراعة بديلة مجدية اقتصاديا

النباتات الطبية والعطرية زراعة بديلة مجدية اقتصاديا
النباتات الطبية والعطرية زراعة بديلة مجدية اقتصاديا: قبل نحو سنتين واجه المزارع مروان حمدان كساد مواسمه الزراعية من فاكهة وبعض أنواع الزراعات الصيفية، فقرر أن يعمد إلى زراعة أنواع من النباتات الطبية والعطرية كحلٍ يمكن أن يؤمن له مردوداً يمكنه من مواجهة تبعات ا

قبل نحو سنتين واجه المزارع مروان حمدان كساد مواسمه الزراعية من فاكهة وبعض أنواع الزراعات الصيفية، فقرر أن يعمد إلى زراعة أنواع من النباتات الطبية والعطرية كحلٍ يمكن أن يؤمن له مردوداً يمكنه من مواجهة تبعات الزراعات التقليدية، خصوصا إذا علمنا أن المزارعين في عاليه والمتن الاعلى متروكون لمصيرهم، دون حد أدنى من الرعاية والاهتمام.

ضربة حظ
"كانت ضربة حظ" يقول حمدان، ويضيف: "اننا متروكون لمصيرنا ولا من يلتفت الينا، ففكرت بزراعة الزعتر البري وتدجينه ونجحت التجربة أكثر مما كنا نتوقع"، ويشير إلى أن "ثروة لبنان الحقيقية في ما يملك من غطاء نباتي يفترض الحفاظ عليه وتأمين استدامته".
ونجد اليوم أن المئات من المزارعين والمواطنين يعتمدون زراعة النبات البرية العطرية والطبية والغذائية، في ظاهرة آخذة في التوسع من خلال "جمعية اليد الخضراء" في مدينة عاليه، وهي آثرت توظيف البيئة في مجال التنمية المستدامة، وكان لها ما أرادت حتى أنها تعمم الآن تجاربها في الجنوب والبقاع وعكار فضلا عن سائر مناطق الجبل.
ويقول رئيس الجمعية زاهر رضوان "لدينا هدف كبير وهو انشاء او مركز نباتات حيوي Botanical Garden في لبنان من اجل الحفاظ على التنوع النباتي خصوصا وان في لبنان 3600 نوع من النباتات البرية ومن بينها العطرية والطبية، ومن اهدافنا الا يكون المركز مجرد متحف، وانما هو مركز تفاعلي مع المجتمع الاهلي والمزارعين واصحاب الاراضي".

مشروع (البيت الاخضر)
ويضيف: "تحت هذا الاطار، اطلقنا برامج عدة، منها: برنامج دعم وتطوير قدرات العائلات والمزارعين من خلال مشروع (البيت الاخضر) وبتمويل ذاتي من الجمعية، والهدف منه ايجاد ربط تسويقي بينهم وبين المستهلك من خلال معارض دورية محلية تنظمها الجمعية في مختلف المناطق".
ويشير إلى أن "البرنامج الثاني هو عبارة عن مشغل بيئي يهدف الى خلق فرص عمل لاكثر من 35 عائلة عبر ايجاد خطوط انتاج لمنتجات بيئية تستخدم بشكل اساس الاعشاب البرية بهدف تسويق هذه الاعشاب من جهة وحمايتها من جهة ثانية، لجهة معرفة كيفية الاستفادة المستدامة من الاعشاب والحفاظ عليها واكثارها وايضا بدعم ذاتي من الجمعية، فيما البرنامج الثالث انطلق قبل سنتين وهو مشتل النباتات الطبية والعطرية والهدف منه انتاج البذور والشتول وتأمينها للمزارعين واصحاب الارض البور، وهذه البذور والشتول مؤصلة ومن الطبيعة اللبنانية، ومنها على سبيل المثال: الصعتر، اكليل الجبل، الورد الجوري، الخزامى (لافاندر)، السماق، المليسة (عشبة عطرية تستخدم العلاج العطري وهي منتج غذائي)، وهذا البرنامج اطلقناه بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP وصندوق البيئة العالمي GEF، وقمنا بتوزيع الشتول على المزارعين في قضاء عاليه، لكن آثرنا التوسع ليستفيد من المشروع مزارعون من اقضية الشوف، بعبدا، النبطية وعكار، وقمنا بتوزيع 50 الف شتلة زعتر في النبطية، و4 آلاف شتلة مختلفة في عكار، و20 الف شتلة في قضاء عاليه، 5 آلاف شتلة في قضاء بعبدا وحوالي 3 آلاف في الشوف، ومن بين الشتول المركدوش والحبق، وجاء التوسع في سياق دراسة علمية للقيمة الانتاجية لهذه الاصناف على مساحات محددة من الاراضي، فضلا عن حث المزارعين على ادراج هذه الانواع كزراعة بديلة او اضافية ضمن اراضيهم البائرة او حتى المزروعة".

لا مبيدات مضرة للبيئة
وأشار رضوان الى ان "هذا المشروع جاء ليعوض معاناة مزارعي المنتجات التقليدية، لان الزراعات البديلة لا تتطلب عناية كثيرا ولا اي مبيدات مضرة للبيئة، كما أن نسبة استهلاك المياه ضئيلة للغاية وقيمة مردودها المادية مهم في مقارنة مع كلفة انتاجها".
ولفت إلى أن "هذا المشروع تطلبت انشاء مشتلين واحد في مدينة عاليه والثاني في زوطر - النبطية"، منوهاً إلى "اننا في المستقبل سنقوم بتطوير هذه البرامج لخدمة عدد اكبر من المواطنين وهذا يتطلب تمويلا، خصوصا اذا اذا علمنا ان مساعدات الجهات الشريكة لم يتجاوز حتى الان 35 الف دولار وهذه مساعدة قيمة، لكن مشروعا من هذا النوع يتطلب تمويلا اكبر، التجربة نجحت والعديد من المواطنين يقدمون على زراعة النباتات العطرية والطبية بشكل عام".
هناك خطوط انتاج مرتبطة بالاسواق
وعن التسويق، قال رضوان: "بالنسبة لسوق الزعتر والسماق والورد الجوري فهو يتطلب اكثر بكثير من القدرة الانتاجية المحلية المتوفرة، ونشير الى ان بعض المصانع في الدول المجاورة تأخذ القصعين البري والزعتر وغيرها من البرية اللبنانية بشكل عشوائي يؤثر على انقراض العديد من هذه الاعشاب ويؤثر على الانتاج"، واشار الى انه "بالنسبة للمشغل البيئي فسيكون هناك خطوط انتاج مرتبطة بالاسواق المحلية والخارجية".
وأشار الى أن "جمعية اليد الخضراء تعتبر بموقع مدير تنفيذي لنقابة الحرفيين الفنيين في لبنان، وفي هذا المجال نساهم بدعم الحرفيين بتطوير تقنياتهم المستخدمة للموارد الطبيعية بشكل يراعي المعايير البيئية، ولا سيما الحرفيين العاملين في منتجات متضمنة للاعشاب مثل سلال (الحلفا) المشهورة في بلدة الكواشرة في عكار، فضلا عن منتجي الصابون الذين يعتمدون الزيوت العطرية الطبيعية في صناعتهم".
المزارع محمد نعمة، قال: "في اطار تعاوننا مع جمعية اليد الخضراء تبين ان دراستنا أثبتت ان كل الف متر مزروعة من الزعتر البري في السنة تنتج ما يقارب الـ 480 كيلوغرام وهي عبارة قيمة ما بين 5 و 7 آلاف دولار أميركي، ويمكن أن تتجاوز الـ 10 آلاف دولار إذا ما تم تصنيع الزعتر كمنتج صالح للاستهلاك".

مردوه مادي اضافي
رئيس الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الاعلى عبد الناصر المصري، قال: "حصلت على 400 شتلة زعتر من جمعية اليد الخضراء في اطار التعاون بيننا، وقمت بزراعتها من اجل تشجيع مربي النحل على زراعة الزعتر البري للوصول مستقبلا لانتاج عسل الزعتر نظرا لاهميته الصحية والغذائية والطبية فضلا عن مردوه المادي الاضافي"، لافتاً إلى أن "هناك نتائج واعدة في مجال الزراعات البديلة ولا سيما منها النبات الطبية والعطرية وهي تصنف من بين الازهار العاسلة التي يستفيد منها النحل ايضا"، مشيراً إلى أنه "سيكون هناك تعاون على نطاق واسع مع جميعة اليد الخضراء".
المهندس ناصر عقل، قال: "لدي قطعة أرض في منطقة المتن الاعلى تضم اشجار الصنوبر وهي غير مكتظة بالاشجار مساحتها 7 آلاف متر مربع، اود زراعتها بشتول الزعتر البري للاستفادة منها، علما ان الاراضي المزروعة بالصنوبر لا يمكن الاستفادة منها في مجالات اخرى كالزراعات التقليدية، ولكن اكتشفنا ان احراج الصنوبر تمثل بيئة ملائمة لزراعة نباتات عطرية ومنها الزعتر، وفي المتن ملايين الامتار من احراج الصنوبر لا يستفاد منها في زراعات اضافية".
أما المزارع سامي ابو سعيد فاشار إلى أن "الزعتر يعطي موسما واحدا في بيئته البرية، ولكن عندما نزرعه ونعتني به يعطي موسمين في السنة الواحدة"، وتمنى على "الجهات المعنية في الدولة ايلاء الزراعات البديلة اهتماما عبر مساعدة المزارعين في مجالات فنية وتقنية".

"غدي نيوز"