شجرة الزيتون «الدهرية» تتحول إلى زينة للمتاجرة!

شجرة الزيتون «الدهرية» تتحول إلى زينة للمتاجرة!
شجرة الزيتون «الدهرية» تتحول إلى زينة للمتاجرة!: تنشط تجارة اشجار الزيتون في الكورة مع تزايد الامتداد العمراني، الذي يؤدي الى اقتلاعها من جهة، وارتفاع اسعارها من جهة اخرى، لإقبال الاثرياء عليها... ولكن للزينة! وقد باتت تشكّل تجارة رابحة وهي معروضة بقياسات مختل

تنشط تجارة اشجار الزيتون في الكورة مع تزايد الامتداد العمراني، الذي يؤدي الى اقتلاعها من جهة، وارتفاع اسعارها من جهة اخرى، لإقبال الاثرياء عليها... ولكن للزينة! وقد باتت تشكّل تجارة رابحة وهي معروضة بقياسات مختلفة وانواع متعددة، لتختلف اسعارها بحسب العرض والطلب، الأمر الذي يرفع منسوب الخوف في قضاء الكورة الغني بأشجار الزيتون من أن يقضي عليها الزحف العمراني المتوحش، في ظل ركود اقتصادي وأزمات متلاحقة، منها صعوبة تصريف الزيت، وارتفاع كلفة خدمة الزيتون.
هذا الواقع يدفع بالمزارعين والملاّكين ليس فقط الى بيع أشجارهم، بل وأراضيهم أيضا. إلا أن الاقبال عليها للزينة في القصور والساحات العامة يبرره اصحابه بأنها «تجسّد تراثا لبنانيا قديما وهي تحافظ على اخضرارها طوال السنة»، في حين «تتطلب الكثير من العناية عند اقتلاعها من الارض كما عند زرعها»، حسبما لفت احد التجار. كما أن «نقلها يستوجب مراعاة التوازن بين الجذور والاغصان، وبعد زراعتها تحتاج لسنة كاملة لتتمكن من التغلغل في أحشاء الارض، وسنتين لتظهر عليها علامات العيش الطبيعي، وخمس سنوات لتثمر.


بين إغراء السعر والحماية

يتفاوت سعر مبيع أشجار الزيتون من 200 الى ألف دولار وذلك بحسب عمرها ونوعيتها، وهذه التجارة تزدهر اليوم اكثر من أي وقت مضى للطلب عليها للزينة وليس للاستفادة من ثمارها، وهي تؤمن ربحا وافرا للبائع والتاجر، في ظل غياب قرارات الدولة عن التطبيق للحفاظ على تراث هذه الزراعة.
في مقابل ذلك يطالب المعنيون في الشأن البيئي تصــنيف الكورة «محمية»، للحــفاظ على ما تبــقى من اشجار الزيتون، ومنــع بيع الاراضي لإنشاء مجمّعات سكنية، متمنين على التنــظيم المدني الزام كل متقدم للحصول على رخصة بناء تشجير محيط المبنى بالزيتون».
ويؤكد رئيس مجلس انماء الكورة المهندس جورج جحى أن «اقتلاع اشجار الزيتون ممنوع قانونا، ويحتاج الى اذن من وزارة الزراعة «. ويرى أنه من الواجب «زرع مقابل كل شجرة تقلع شجرتين في ارض تملكها البلدية او الدولة، او في حديقة عامة. وليس من المعيب على من يبني فيللا دفع مبلغ من المال لزراعة شجرة كنوع من الضريبة على ما اقتلعه من اشجار الزيتون، وبذلك تتكون الحدائق العامة». مشددا على أن شجرة الزيتون هي رمز للكورة منذ آلاف السنين وهي توضع في الحدائق العامة للمباهاة بها وللزينة فقط، وليس للاستفادة من خيراتها، ولا اعتراض لنا على ذلك انما في الحياة هناك ما هو اكثر ايجابية من عرض شجرة نحبها الا وهو المساعدة في تحسينها، والاهتمام بها على صعيد القضاء، والمساهمة مع الفلاح ليبقى في ارضه ويهتم برزقه، وتشجيع الجيل الجديد على خدمة الارض. اذ المطلوب الاهتمام بالجوهر وليس بالمظهر».
وتطرق جحى، من باب حرصه على المحافظة على اشجار الزيتون، الى مناشدته البلديات «التعميم على النواطير والشرطة، تسجيل اسماء المتنزهين بين الزيتون وتحميلهم المسؤولية عند اندلاع حريق بالمكان الذي تركوه بعد حفلات شوائهم اللحوم». اضافة الى تمنيه «تدريب الشرطيين البلديين على العمليات الاطفائية ليتمكنوا عند اندلاع اي حريق في الزيتون من السيطرة عليه بسرعة، ووضع براميل للمياه في اماكن التنزه العامة التي يقصدها المتنزهون للشواء فيها لاطفاء الجمر قبل ترك المكان.» الا انه يتأسف لعدم التجاوب مع هذه الرغبات الملحّة رغم تكرارها سنويا.
ويرى البيئيون الكورانيون أن ما تتعرض له شجرة الزيتون اليوم من تعدٍ عليها يستوجب اعلان حالة استنفار عامة لحمايتها عبر القوانين والانظمة والاجراءات الضرورية، لما لها من انعكاسات خطيرة على المجتمع الكوراني. اذ بفضلها أطلقت الكورة الى لبنان والعالم، اهم المثقفين والمتعلمين، الذين يفتخرون انهم ثمرة انتاج شجرة الزيتون.

السفير