ما هي الزراعة الحافظة

ما هي الزراعة الحافظة

مقدمة:

تعد التربة أحد أهم العوامل الرئيسة المرتبطة بتحقيق التنمية المستدامة في النظم البيئية الزراعية، لأنها المهد الذي تزرع فيه الأنواع النباتية التي تقدم الغذاء والكساء للإنسان، والعلف للحيوان، لذلك لا بد من المزيد من الجهود لتقليل انجراف التربة والمحافظة على خصوبتها. تعرف الزراعة المستدامة بأنها التأسيس لإنتاج اقتصادي عالٍ، ومستمر للأرض والمحصول، من خلال الحد من مقدار الضرر الذي يمكن أن يلحق بالأرض والبيئة، وتحسين نوعية الحياة. ان استنزاف السريع لخصوبة التربة بسبب الفلاحات المتكررة والمكثفة، وعدم ترك كامل البقايا النباتية crop residues، أو حتى جزء منها، وغياب الدورة الزراعية المناسبة، ولا سيما في الدول النامية، من الأسباب الرئيسة لتدهور الأراضي الزراعية، وتدني كفاءتها الإنتاجية، وتعد التربة من المصادر الطبيعية غير المتجددة، وبما ان مساحة الأراضي الصالحة للزراعة محدودة، فغالبا ما يؤدي ترك سطح التربة عارٍ وغير مغطى بالبقايا النباتية التي تعرضها للانجراف. يتلخص عمليات المتبعة للحصول على الزراعة المستدامة باستخدام العمليات الزراعية الجيدة، مثل اجراء العمليات في وقتها المناسب، بما في ذلك استخدام البذور العالية الجودة، والإدارة المتكاملة للآفات والامراض والأعشاب الضارة، وما الى ذلك، كل ذلك يعتبر قاعدة لتكثيف الإنتاج الزراعي. ومن هنا نجد ان الزراعة الحافظة تحمل جميع الأفكار المتبناة حول الاستدامة البيئية. فمن هنا تكمن الإشكالية التالية: ما أهمية الزراعة الحافظة؟ وهل تؤثر على إنتاجية الشجر؟

فوائد فلاحة التربة:

تحقق عملية فلاحة التربة العديد من الفوائد أهمها: تأمين بيئة جيدة لإنبات البذور وظهور البادرات فوق سطح التربة، وزيادة معدل رشح المياه الى باطن التربة، وتحسين تهويتها، والتخلص من الأعشاب الضارة، والحد من منافستها لنباتات المحصول الاقتصادي، وخلط المخلفات العضوية، وطمرها في التربة. وسببت عملية على المدى القصير زيادة في غلة بعض الأنواع المحصولية، مثل الذرة البيضاء، والذرة الصفراء بنسبة 20 - 50% في غرب افريقيا.

عواقب الفلاحة المكثفة للتربة:

أدت عمليات الفلاحة المتكررة للتربة الى تهديم الكتل الترابية، وتقليل مسامية التربة الامر الذي أثر سلبا في الخصائص الوظيفية للتربة كوسط ملائم لنمو النباتات وتطورها، حيث أسهمت هذه العمليات في خفض أعداد الكائنات الحية في التربة، وخاصة الديدان التي تتسمم بمقدرتها على حفر الانفاق داخل التربة، ما يساعد في تحسين تهوية التربة، وتحويل البقايا النباتية الى مادة عضوية في أعماق التربة. كما سببت الفلاحة على المدى البعيد تراجعا ملحوظا في خصائص التربة الفيزيائية (التهوية، والنفاذية، والمقدرة على الاحتفاظ بالماء وغيرها)، الامر الذي اثر سلبا في مقدرة الترب على تشرب الماء والاحتفاظ به، وانحسار حجم الفراغات البينية التي تؤمن الاكسجين اللازم لتنفس الجذور، ما أثر سلبا في نمو النباتات وتطورها، وخاصة في البيئات المعرضة للجفاف. يؤدي تدهور الأراضي الزراعية نتيجة التكثيف الزراعي، وشح الموارد المائية العذبة الى تدني إنتاجية الأرض والمحاصيل الزراعية، وتتمثل أعراض تدهور الأراضي الزراعية بالنقاط التالية:

  1. ازدياد حساسية الترب الزراعية للانجرافين الريحي والمائي wind and water erosion.
  2. تدني خصوبة التربة، وانضغاط طبقات التربة تحت السطحية.
  3. تراجع مقدرة التربة على الاحتفاظ بالمياه، بسبب تراجع حجم الكتل الترابية ومسامية التربة، نتيجة استنفاد محتوى التربة من المادة العضوية.

وأصبح تبعا لذلك لزاما على المزارعين أن يبحثوا عن طرق الإنتاج الزراعي المستدامة، والمنتجة، والمربحة. والاقل استنفادا للموارد الطبيعية (التربة، والمياه). والأكثر حفاظا على النظم البيئية الزراعية والطبيعية، والحل الأساسي لذلك يتمثل بتطبيق الزراعة الحافظة.

مفهوم الزراعة الحافظة:

تعرف الزراعة الحافظة (المباشرة أو بدون فلاحة)، بأنها زراعة المحاصيل بتربة غير محضرة بشكل مسبق، من خلال فتح شق على شكل خندق trench أو شريط بعرض وعمق كافيين فقط لوضع الأسمدة والبذار وتغطيهما بشكل ملائم.

زراعة المحاصيل الحقلية في طوباس دون حراثة
زراعة المحاصيل الحقلية في طوباس دون حراثة

يعتمد نجاح نظام الزراعة الحافظة على أربع ركائز أساسية، وهي:

  1. عدم فلاحة التربة أو فلاحتها بالحد الأدنى من تحريك التربة (البذر المباشر): لا يتم في هذه العملية قلب التربة, وانما فلاحتها يشكل سطحي فقط لفتح سطور الزراعة بواسطة المحاريث الحفارة. وتتم في هذه العملية إضافة السماد وزراعة البذار بعملية زراعية واحدة، وتؤدي عملية قلب التربة الى تعريض الكائنات الحية في التربة الى الاشعاع الشمسي بشكل مباشر، وتسريع تجفيف التربة نتيجة فقد الماء من التبخر المباشر.
  2. المحافظة على تغطية التربة: يجب أن تبقى التربة محمية من التأثير المفرق لوقع قطرات المطر، وتأثير الرياح، والتسخين الزائد الناتج عن التعرض المباشر لأشعة الشمس، من خلال تغطيتها ببقايا المحصول السابق، أو محاصيل التغطية الخضراء. ويجب أن لاتقل نسبة التغطية لسطح التربة عن 30% في المناطق الجافة وشبه الجافة، وذلك لان عملية تغطية سطح التربة تحد وبشكل فعال من الانجراف الريحي، والمائي. وتحول دون فقد مياه الامطار الثمينة بواسطة الجريان السطحي للمياه، وتساعد في زيادة معدل الرشح المياه إلى باطن التربة.
  3. تطبيق الدورة الزراعية المناسبة: يساعد تطبيق الدورة الزراعية المناسبة، وخاصة التي تتضمن المحاصيل البقولية المثبتة للآزوت الجوي بفضل العقد البكتيرية المتشكلة على جذورها في تحسين خصوبة التربة، والقضاء على الكثير من الامراض والآفات الزراعية من خلال كسر دورة حياتها، وتثبيط نمو الأعشاب الضارة.
  4. المكافحة الفعالة للأعشاب الضارة: خاصة في الحقول الموبوءة بالأعشاب، وذلك باستخدام مبيدات الأعشاب أو تطبيق توليفة من الخيارات والطرق الزراعية والفيزيائية والكيميائية والحيوية ان أمكن.
أرض فلسطينية مزروعة حسب نمط الزراعة الحافظة
أرض فلسطينية مزروعة حسب نمط الزراعة الحافظة

تطور نظام الزراعة الحافظة والمساحات المزروعة في العالم والوطن العربي:

تزداد مساحة الأراضي الزراعية التي يطبق فيها نظام الزراعة الحافظة سنة بعد أخرى، ويلاحظ الانتشار الاوسع لهذا النظام في أميركا اللاتينية، ولاسيما في الارجنتين، والبرازيل، والباراغواي، حيث تقدر نسبة مساحة الأراضي المزروعة بهذا النظام حوالي 60%، وتوجد أيضا مساحات شاسعة مزروعة بنظام الزراعة الحافظة في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا.

تقدر مساحة الأراضي التي طبقت تقنية زراعة الحافظة بنحو 125 مليون هكتار في العالم. وتأتي الولايات المتحدة الأميركية في مقدمة الدول المطبقة لنظام الزراعة الحافظة من حيث التبني للفكرة، والمساحة المزروعة، حيث تقدر مساحة الأرض المزروعة بنظام الزراعة الحافظة بنحو 26.5 مليون هكتار، تليها الارجنتين بنحو 26.8 مليون هكتار ثم البرازيل بنحو 25.5 مليون هكتار.

أما في الدول العربية، لا تزال هذه المساحات محدودة جداً، ولا تتجاوز 40 ألف هكتار، بسبب وجود العديد من المعوقات التي تحول دون تسريع وتيرة تبني وانتشار هذا النظام الزراعي. أهمها عدم توافر الآلات الزراعية المناسبة، وسيادة العقلية التقليدية في الإنتاج الزراعي. وعدم توافر المعرفة والخبرة في مجال تطبيق نظام الزراعة الحافظة. عموما على مستوى الوطن العربي بدأ السودان عام 2000 بتطبيق نظام الزراعة الحافظة على مساحة 67.2 هكتار ووصلت مساحة 10.000 هكتار خلال عام 2006.

متوسط المساحات المزروعة بنظام الزراعة الحافظة في معظم الدول العربية عام 2012-2013

الدولة

المساحة (هكتار)

سوريا

18000

لبنان

562

الاردن

422

تونس

12000

المغرب

3200

الجزائر

1800

موريتانيا

100

السودان

2400

ليبيا

1680

المجموع

40164

 

 

تأثير نظام الزراعة الحافظة في التربة:

إن المشكلة الرئيسية للزراعة التقليدية هي الانخفاض المستمر في خصوبة التربة، ما يؤثر سلباً في استمدادها، وصلاحيتها للإنتاج الزراعي لفترة أطول، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى انجراف التربة، وفقد مادتها العضوية نتيجة عمليات الفلاحة المكثفة والمتكررة، التي تبقي التربة عارية تماماً من الغطاء النباتي، وغير محمية من التعرض المباشر لأشعة الشمس، أو تأثير الهطولات المطرية الغزيرة، بالرغم من التقدم الكبير عي علوم الوراثة، والتربة، والتسميد، ووقاية المزروعات وإدارة المحصول والأرض والمياه، فلا يزال هناك تدهور واضح ومستمر في إنتاجية الأنواع النباتية عبر الزمن.

 

الانجراف:

يعد حدوث الانجراف أحد أهم العوامل المسببة لتدهور التربة، وعندما تكون الأراضي الزراعية على شكل منحدرات، حيث يؤدي استعمال المحاريث القرصية الى عدم ترك البقايا النباتية فوق سطح التربة، وسوف يؤدي هطول الامطار بغزارة الى انجراف التربة.

 

انعكاسات الحد من انجراف التربة نتيجة تطبيق الزراعة الحافظة:

  1. الحد من تشكل ترسبات مطية في الأنهار، وخزانات المياه، والبحيرات وأماكن حصاد المياه، ما يحافظ على كفاءتها التخزينية.
  2. تحسن نوعية المياه
  3. لا توجد تغطية للطرقات العامة بنواتج انجراف التربة.
  4. تحسن الإنتاج والاقتصاد الوطني بسبب زيادة الإنتاج، وتحسن نوعية الأرض واستدامها, ما يسمح بالاستخدام المستدام للأرض, بسبب الاستعمال المتقن, والمنظم والتوازن للأرض.

التأثيرات الأساسية لنظام الزراعة الحافظة في خصائص التربة:

إن التطبيق السليم لنظام الزراعة الحافظة يحقق عددا من التأثيرات التي تساعد في التغلب على تدهور التربة وتحسن بشكل بطيء نوعية التربة, وكلما كان غطاء التربة أكثر وعملية إثارة التربة أقل كلما كانت النتائج أفضل. والتأثيرات هي:

  • تقليل انجراف التربة بفعل الريح والمياه.
  • تقليل الجريان السطحي
  • تخفيض الفاقد من المياه بالتبخر
  • زيادة تسرب وتخزين المياه في التربة
  • منع التسخين الزائد لسطح التربة المؤثر في انبات البذور
  • زيادة عمق منطقة الجذور من خلال ديدان الأرض وجذور نباتات محصول التغطية
  • زيادة التنوع الحيوي في التربة، الكائنات الحية الدقيقة، مثبتات الآزوت، محللات الفسفور، الكائنات الحية الكبيرة مثل ديدان الأرض
  • تحسين حياة التربة، حيث تقوم ديدان الأرض والكائنات الحية بتفكيك التربة السطحية، المادة العضوية، وتزيد ثباتية سطح التربة بمفرزات تحلل المادة العضوية (مثال فضلات ديدان الأرض)
تستضيف التربة أكثر من 25% من التنوع البيولوجي العالمي في التربة (FAO)
تستضيف التربة أكثر من 25% من التنوع البيولوجي العالمي في التربة (FAO)

إدارة المادة العضوية في التربة:

تشكل المادة العضوية العنصر الأساسي للترب، خاصة الترب الرملية الخفيفة ذات المحتوى المنخفض من معادن الطين المنتفخ. لذلك تعد إدارة المادة العضوية للتربة الأساس في الإدارة المستدامة للتربة، تتحلل المادة العضوية للتربة بسرعة أكبر في المناخ الدافئ والرطب وعند قلب التربة، لذلك فإن زيادة تهوية التربة تسرع عملية التحلل. من أجل إدارة التربة بطريقة مستدامة يجب تقليل حراثة التربة أو حتى ايقافها يشكل كامل مع إعادة بناء المادة العضوية في التربة، وتتجلى أهم وظائف المادة العضوية بما يلي:

  • تحسين تركيب التربة soil structure.
  • زيادة قدرة التربة على تخزين المياه water storage capacity.
  • التحرير البطيء للعناصر المعدنية المغذية للنبات " غذاء كائنات التربة".

تأثير الزراعة الحافظة في خصائص التربة الكيميائية:

سجلت تحت ظروف الزراعة الحافظة بالمقارنة مع الزراعة التقليدية قيم أعلى من محتوى التربة من المادة العضوية، الآزوت، والفوسفور، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنزيوم، وقيم أعلى من درجة الحموضة (pH)، والقدرة على التبادل الايوني، ولمن تراجع من الألمينيوم.

تأثير الزراعة الحافظة في خصائص التربة الفيزيائية:

يؤدي تطبيق نظام الزراعة الحافظة الى زيادة معدلات رشح المياه، ما يؤدي الى الحد ويشكل كبير من فقد المياه بالجريان السطحي وانجراف التربة، ويؤدي الى زيادة محتوى التربة المائي ودرجة حرارة التربة، والمحافظة على ثبات الكتل الترابية. وتزيد أيضا كثافة التربة. وتؤدي هذه الخصائص مجتمعة الى زيادة غلة الأنواع المحصولية بشكل معنوي بالمقارنة مع نظم الزراعة التقليدية.

محتوى التربة المائي وثباتية الكتل الترابية تحت نظام الزراعة الحافظة
محتوى التربة المائي وثباتية الكتل الترابية تحت نظام الزراعة الحافظة

تأثير الزراعة الحافظة في خصائص التربة الحيوية:

يؤدي عدم استخدام المحاريث إلى المحافظة على الاعشاش والقنوات التي بنتها الكائنات الحية الدقيقة، ما يؤدي الى زيادة أعداد الكائنات الحية في التربة ونشاطها بالمقارنة مع نظام الفلاحة التقليدية. ويساعد ترك البقايا فوق سطح التربة في نظام الزراعة الحافظة في تأمين الغذاء اللازم لحياة الكائنات الحية في التربة وتكاثرها.

أشارت العديد من الدراسات الى زيادة عدد ديدان الأرض earthworms، والكائنات الحية الدقيقة (الرايزوبيوم، والبكتيريا و actinomicites) وأيضا الفطريات في التربة التي طبقت فيها الزراعة الحافظة بالمقارنة مع الترب التي استمرت بالزراعة التقليدية. وعلى الرغم من ازدياد معدل استعمال مبيدات الأعشاب، ولا سيما خلال السنوات الأولى من تطبيق تقنية الزراعة الحافظة إلا أن ذلك لا يؤثر سلبا في النشاط الحيوي للتربة.

 

تأثير نظام الزراعة الحافظة مقارنة مع الزراعة الحافظة في زيادة عدد ديدان الارض في التربة

المؤشر المدروس

نظام الزراعة المطبق (التقليدية)

نظام الزراعة المطبق (الحافظة)

عدد ديدان الأرض\ m2 (آذار 1989)

5.8

123.2

عدد ديدان الأرض \m2 (تشرين الثاني 1991)

3.2

136.4

صويا\قمح\محصول تغطية

Anthropod\300 cm2

7

33

صويا\محصول تغطية

Anthropod\300 cm2

23

192

 

 

 

دور الزراعة الحافظة في تحسين محتوى التربة من المادة العضوية:

تقلل الفلاحة المكثفة والمتكررة للتربة كمية بقايا المحصول العائدة للتربة، وتزيد في الوقت نفسه من معدل أكسدة المادة العضوية، الامر الذي يؤدي مع مرور الزمن الى استنفاد المادة العضوية في التربة.

يزيد تطبيق نظام الزراعة الحافظة من محتوى التربة من المادة العضوية من خلال:

  1. بقايا المحصول المتروكة فوق سطح التربة.
  2. جذور النباتات المتحللة.
  3. حماية الدبال  humusمن أشعة الشمس، أو العوامل الخارجية.
  4. تقليل معدل تحلل المادة العضوية نتيجة خفض درجة حرارة التربة.

 

مكافحة الأعشاب والآفات الزراعية في حقول الزراعة الحافظة:

تعد مكافحة الأعشاب أو إدارة الأعشاب في نظام الزراعة الحافظة أحد المبادئ الأساسية لتبني هذا النظام، وإن تقليل او وقف حراثة التربة تتطلب جوانب مختلفة لمكافحة الأعشاب، لذلك قبل أخذ القرار بتبني نظام الزراعة الحافظة على المزارع أن يتعلم إمكانية مكافحة الأعشاب، عموما لا يوجد اجراء محدد حيث أن مكافحة الأعشاب تتم حسب الموقع مع الاخذ بعين الاعتبار جوانب المناخ، والتربة، والنظام المحصولي وأنواع الأعشاب المسيطرة في المنطقة. ان المكافحة الفعالة للأعشاب الضارة في نظام الزراعة الحافظة يتطلب المراقبة الدقيقة والتعلم المستمر، عموما يوجد إرشادات عامة تم وضعها اعتمادا على الخبرة الطويلة.

تأثير ممارسات الحراثة في توزيع بذور الأعشاب في التربة:

 

ممارسات الحراثة

عمق التربة (سم)

0-5 سم

5-10 سم

10-15 سم

حراثة بالمحرث المطرحي

37%

25%

38%

حراثة بالمحراث النقاب

61%

23%

16%

بدون حراثة

74%

9%

18%

 

أساسيات مكافحة الأعشاب في حقول الزراعة الحافظة:

تعتمد مكافحة الأعشاب في حقول الزراعة الحافظة بشكل أساسي على المبيدات، حيث تعد المبيدات هي العامود الفقري للقضاء على الأعشاب. ومن أهم هذه المبيدات Glyphosate (Round UP)، paraquat, 2-4-D. من المتوقع مواجهة مشكلة الأعشاب في السنوات الأولى من تبني نظام الزراعة الحافظة، لذلك يجب:

  1. مكافحة الأعشاب يشكل مبكر من الموسم الزراعي، قبل الازهار وتحرير البذور.
  2. تطبيق الدورة الزراعية.
  3. زراعة المحاصيل المنافسة للعشب Smoother crops, محاصيل التسميد الأخضر.
  4. يعتمد نجاح مكافحة الأعشاب في نظام الزراعة الحافظة على مكافحة الأعشاب قبل انتاجها للبذور، وتراكم هذه البذور في بنك التربة.
  5. الإبقاء على المناطق المحيطة بحقول الزراعة الحافظة وقنوات الري نظيفة من الأعشاب ومنع تراكم بذور الأعشاب فيها.
  6. استخدام المكافحة المتكاملة للأعشاب (IWM).

 

الزراعة الحافظة في حقول أشجار المثمرة وحقول الزيتون:

 

 غالباً ما ينتشر مصطلح “المعاومة" الزراعي بين مزارعي الأشجار المثمرة، وخصوصاً الزيتون، للتعبير عن «اعتقاد» لديهم بأن الموسم «يتغير إنتاجه من عامٍ إلى آخر». لكن النظرة العلمية الزراعية تنسف هذا الاعتقاد وتراه خاطئاً، مرجعة السبب الأساسي لهذه التقلبات إلى المشاكل التي تصيب الأشجار، والتي غالباً ما تكون ناتجة من الزراعة التقليدية المعتمدة في حراثة الأرض. هذه النظرة العلمية كانت أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت المركز العربي لدراسة المناطق الجافة وشبه القاحلة «أكساد» إلى تعزيز تقنية الزراعة الحافظة. وإن كانت هذه التقنية قد سجلت نجاحاً في الزراعات المطرية الشتوية من قمح وشعير وبطاطا، فهي أيضاً تناسب الأشجار المثمرة من زيتون وتفاح وكرز وغيرها. هذا ما أثبتته تجارب الأعوام الخمسة الماضية، التي قام بها المركز العربي، بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي«GIZ»، فقد أسقطت هذه التقنية عبارة «المعاومة»، بحيث سجلت زيادة في الإنتاج بنسبة 10% وبنوعية من الدرجة الأولى. وقد جاءت التجارب شاملة، من الجنوب إلى الشمال، مروراً بالبقاعين الغربي والشمالي. وفي حديثٍ إلى "لأخبار"، يشير المهندس الزراعي والمستشار التقني في «giz»  قاسم جوني إلى تقنية الزراعة الحافظة، التي بدأت عام 2007 بالتعاون مع الجامعة الأميركية كلية الزراعة - حوش سنيد والجامعة اللبنانية ومصلحة الأبحاث العلمية والزراعية، وأنه «أمام تقلبات المناخ وارتفاع معدلات الحرارة والجفاف، لجأت الكثير من الدول إلى اعتماد هذه التقنية، لكونها الأكثر نجاحاً». ويوضح أن «العلاقة المتكررة والعشوائية عبر الزمن في حراثة الأرض أدت إلى هدم الكتل الترابية وتقليل مسامية التربة التي لا تحفظ عادة إلا من خلال تهويتها ورشح المياه إليها بحيث تحافظ على قوامها والعناصر الغذائية والمواد العضوية المتوافرة فيها، ما يسمح بنمو الجذور للأشجار المثمرة بنحو صحيح». وبدلاً من حراثة الأرض التقليدية في البساتين، يقول جوني إن «طريقة الزراعة الحافظة أثبتت جدارتها». وبحسب جوني «زراعة البقوليات في البساتين وتحت الأشجار بدلاً من الحراثة، بحيث تسمح هذه النباتات بزيادة حجم مسام التربة وبنشاط للكائنات الحيّة الدقيقة، ما ينتج من ذلك ارتفاع في معدلات تحلل المواد العضوية في التربة وتوفر العناصر الغذائية التي تمتصها جذور الأشجار». وتالياً "الحصول على إنتاجية ونوعية جيدة، كما حصل في الزيتون الذي زادت نسبة إنتاج الزيت فيه، فبدلاً من 20 ليتر زيت زيتون من 110 كيلو زيتون، سجل الحصول على ذات كمية الزيت ولكن من 75 كيلو زيتون".

ولعلّ اللافت، إضافة إلى زيادة الإنتاج التي حققتها الزراعة الحافظة للأشجار المثمرة، أن نوعية الإنتاج تصبح جميعها من الدرجة الأولى (Class a). ويعزو ذلك إلى «الطبقة الرخوة التي تكوّنها البقوليات تحت الأشجار، والتي تمنع خلال فترة القطاف الحبات التي تتساقط من الأشجار على الأرض من أن تجرح، مهما كانت نوعيتها: تفاحاً أو زيتوناً أو كرزاً». وبمجرّد منع حدوث ذلك، من المؤكد أن تعتدل الأسعار ويكون الموسم ناجحاً.

أضف إلى ذلك، سُجّل للزراعة الحافظة الخاصة بالأشجار المثمرة انتشار واسع في الكثير من المناطق اللبنانية. ففي البقاع مثلاً، يتّبع هذه التقنية المزارعون في بلدات رأس بعلبك وحوش الرافقة وحوش سنيد وغيرها. وهنا، يرجّح جوني أن تتوسّع أكثر مع توافر العلم بها في ما بين المزارعين، ومن خلال ورش العمل التي تنظمها GIZ والجامعة الأميركية ومصلحة الأبحاث الزراعية في تل عمارة والجامعة اللبنانية، حيث لفت جوني إلى أن التركيز الأساسي في نشر الزراعة الحافظة يعتمد على الجيل الجديد الذي يتنبه لعوامل المناخ المتغير ونجاح الزراعة الحافظة في الوقت الذي لا يزال فيه بعض المزارعين يتمسكون بالسبل التقليدية التي تحدّ من الإنتاجية ونوعيتها.
ما يقوله جوني يختبره المزارعون منذ بدء تطبيقهم لهذه التقنية؛ فالمزارع علي يزبك الذي يعتمد منذ سنتين مبدأ الزراعة الحافظة للأشجار المثمرة في بستانه، أكد «زيادة الإنتاج في أشجاره بنحو ملحوظ بمعدل 10% على مدى العامين الماضيين، مع نوعية لافتة». وليس هذا فحسب، فقد منعت هذه التقنية انجراف تربة البستان، فضلاً عن غور الحجارة في التربة.

الحراثة المتكررة بين اشجار الزيتون تترك التربة جرداء مسببة تشكل السيول وانجراف التربة وعلى المدى البعيد تدهور التربة.
الحراثة المتكررة بين اشجار الزيتون تترك التربة جرداء مسببة تشكل السيول وانجراف التربة وعلى المدى البعيد تدهور التربة.

عدم الفلاحة وتغطية التربة كوسائل لتحقيق الإنتاج المستدام:

إن الحراثة المتكررة ليس لها تأثير سلبي فقط على نوعية التربة لكن أيضا على ربحية المزرعة، خاصة مع ارتفاع أسعار الوقود، نتائج التجارب في اسبانيا، لبنان، وسورية أشارت إلى أن استخدام أعشاب التغطية cover grass من الحبوب أو البيقية، كانت ناجحة حيث أدت إلى تخفيف فقدان التربة بالانجراف، وتؤكد هذه النتائج أن هذا النظام يخفف من انجراف التربة في بساتين الزيتون.

يفضل المزارعين استخدام الأعشاب الميتة كغطاء للتربة، لأن زراعة المحاصيل للتغطية سنويًا غير مجدٍ مادياً، حيث يفيد غطاء سطح التربة في منع تشكل القشرة السطحية الكتيمة بتقليل انتشار حبيبات التربة بوساطة مياه الامطار والري، ويعيد الغطاء النباتي ونظامه الجذري المادة العضوية للتربة ويعزز من حياة التربة، بما فيها أعداد ونشاط ديدان الأرض، ويزيد من معدل الرشح وحركية المياه الى داخل التربة ويقلل من معدل الجريان السطحي وانجراف التربة ومخاطر الفيضانات.

ان معارضة المزارعين لترك محصول التغطية او الغطاء النباتي الطبيعي في حقول الأشجار المثمرة هي بسبب الخوف من منافسة هذا الغطاء النباتي للأشجار على الماء المخزن في التربة، أشارت عدة دراسات في اسبانيا، أنه من الممكن تأمين غطاء نباتي في بساتين الزيتون بدوت التأثير في انتاج الزيتون، حيث يتم التحكم بالغطاء النباتي بشكل كافٍ، فإذا كان الغطاء النباتي عشباً أم غطاءً نباتياً طبيعياً يمكن قصه وتقليمه.

البيقية تحت أشجار الزيتون في لبنان
البيقية تحت أشجار الزيتون في لبنان

مقارنة بين نظام الزراعة الحافظة بنظام الزراعة التقليدية:

الزراعة التقليدية

الزراعة الحافظة

الفلاحة ضرورية لإنتاج المحاصيل

إنتاج المحاصيل لا يتطلب فلاحة الأرض ابداً

تدفن بقايا المحصول السابق بواسطة آلات الفلاحة

تبقى بقايا المحصول السابق على سطح الأرض كغطاء نباتي.

تبقى الأرض جرداء لعدة أسابيع وحتى شهر

الارض مغطاة بشكل دائم بالبقايا النباتية.

عادة ما ترفع حرارة التربة بسبب تعرضها بشكل مباشر للشمس

درجة حرارة الأرض أقل بسبب تغطيتها ببقايا المحصول

يسمح نظام الزراعة القديم بحرق بقايا المحصول السابق لتسهيل عمليات تحضير الأرض للمحصول اللاحق.

لا يسمح نظام الزراعة الحديث بتاتاً بحرق البقايا النباتية

تركز بشكل أكبر على العمليات الكيميائية في التربة

تركز بشكل قوي على عمليات الحيوية في التربة

تعد المكافحة الكيميائية للآفات بمنزلة الخيار الاول

تعد المكافحة البيولوجية للآفات بمنزلة الخيار الاول

زراعة محاصيل التغطية كسماد أخضر، واتباع الدورة الزراعية أمر اختياري

زراعة محاصيل التغطية واتباع الدورة الزراعية امر اجباري

يعد انجراف التربة ظاهرة مقبولة لأنها عملية لا يمكن تجنبها

يشير انجراف التربة ان وجد الى عدم ملاءمة نظام الزراعة في تلك النظم البيئية

 

 

 

 

الخاتمة

تعد الأرض أحد أهم العوامل الرئيسية المرتبطة بتحقيق التنمية المستدامة في نظم البيئية الزراعية، لأنها المهد الذي تزرع فيه الأنواع النباتية التي تقدم الغذاء والكساء للإنسان. فيجب المحافظة على الأرض وعلى خصوبة التربة وذلك من خلال الزراعة الحافظة. فالزراعة الحافظة، بحسب تعريف منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة هو إنتاج المحاصيل الزراعية الموفرة للموارد الذي تسعى إلى تحقيق أرباح مقبولة مع مستويات إنتاج عالية ومستدامة مع الحفاظ في نفس الوقت على البيئة .وتهدف الزراعة الحافظة إلى تحقيق الزراعة المستدامة والمربحة وتهدف في وقت لاحق إلي تحسين سبل معيشة المزارعين من خلال تطبيق المبادئ الثلاثة، الحد الأدنى من اضطراب التربة وغطاء دائم للتربة وتناوب المحاصيل.