يعتمد أغلب سكان العالم في غذائهم على الخضار، ويعود ذلك إلى القيمة الغذائية الكبيرة الموجودة فيها حيث يصل متوسط استهلاك الشخص من الخضار إلى حوالي 69 كيلو سنويًّا.
يحتل قطاع الخضروات 10 في المئة من مجمل أسواق الغذاء العالمية، ويقدّر الدخل العالمي من هذا القطاع بحوالي 0.98 تريليون دولار، كما تعتبر الصين أكثر الدول ربحًا من قطاع الخضروات (141 بليون دولار). تُشير الإحصاءات أن مستوى النمو السنوي لقطاع الخضار العالمي قد يصل إلى 6.4 في المئة سنويًا.
مكونات قطاع الخضروات: الخضار الطازجة، المثلّجة والمصنّعة. أمّا الخضار الطازجة فهي الورقيات، الدرنيات، الفطر وكل الخضار المقطوفة طازجة كالبندورة والباذنجان وغيرها. وأمّا الخضار المصنّعة فتتضمن المجففات من الخضار والمعلبات.
قطاع الخضروات في العالم العربي:
تعتبر الزراعة من أكثر الأنشطة أهمية في العالم العربي لأنّها تعزّز من اقتصاديات دول المنطقة، فهناك عدد كبير من هذه الدول يعتمد بشكل أساسي على الزراعة، خاصةً في دول الشمال الإفريقي مثل: مصر والجزائر والمغرب وتونس. كما تساعد زراعة الخضروات في الوطن العربي على توفير الأمن الغذائي، حيث تستورد الدول العربية ما يقارب 50 في المئة من الأطعمة الغذائية من الخارج؛ مما يشكل خطرًا كبيرًا عليها وتهديدًا للأمن القومي والغذائي لها؛ لأنه يجعلها تحت رحمة الدول المصدرة وتحت رحمة الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وتقلّبات السوق العالمي. يُظهر المستند أدناه أبرز الدول العربية المنتجة للخضار.
قطاع الخضار في لبنان:
ارتفعت كلفة إنتاج الخضار في العام 2020 بنسبة تقدّر بنحو 40 في المئة منذ العام 2019، عند احتسابها بالليرة اللبنانية. في المقابل، ازدادت تكاليف الاستثمارات الجديدة، كأنظمة الري الجديدة أو المعدات الضرورية للخيم الزراعية، بنسبة 80 في المئة عموماً. وقد سجلت نسبة المبيعات انخفاضًا يبلغ متوسطه 40 في المئة، ما يعكس اعتماد المزارعين استراتيجيات ترمي إلى خفض التكاليف، شملت تقليص المساحات المزروعة، أو زيادة المساحات المخصصة للمحاصيل الأقل كلفة كالقمح، والاعتماد على البذور المحلية أو تلك المهرّبة من سورية، واستخدام الري الانسيابي الذي لا يتطلب شبكات ري بلاستيكية مستوردة بدلًا من الري بالتنقيط، فضلًا عن الحدّ من استخدام الأسمدة ومواد أخرى لحماية النباتات. في موسم 2021، أدى التراجع المتزايد في سعر صرف الليرة إلى زيادة كلًّا من التكاليف التشغيلية بنسبة 175 في المئة، وتكاليف الاستثمارات الجديدة في قطاع الخضار حتى 350 في المئة. وفي ظل هذه الضغوط لم يتمكّن عدد كبير من المزارعين من الحفاظ على مستوياتهم الإنتاجية.
بحسب تقديرات منظمة الأغذية والزراعة العالمية تقدّر مساحة الأراضي المزروعة بالخضار في لبنان في العام 2021 بـِ 50,000 هكتار. تحتل زراعة البطاطا (659,000 طن) المرتبة الأولى ضن قطاع الخضروات، تليها البندورة (271,000 طن) وثالثا زراعة الخيار التي ينتج عنها حوالي 120,000 طن.
التجارة الخارجية للخضار في لبنان:
يظهر المستند أعلاه التغيرات التي طرأت على قطاع الخضروات في السنوات الأربعة قبل الأزمة، حيث يظهر بشكل واضح التدنّي في الإنتاجية ما بين العامين 2014 و2017 والذي وصل إلى ما يقارب 900,000 طن. في المقابل تزايدت معدلات الاستيراد لتصل في العام 2017 إلى ما يقارب 200,000 طن بعد أن تراجعت في العام 2016 بشكل ملحوظ، أمّا التصدير فقد تراجع ليصل في العام 2017 إلى ما يقارب الصفر. هذه الأرقام تدل على تراجع كبير في قوة هذا القطاع والاعتماد على الاستيراد لتلبية حاجات البلد.
وإذا ما قارنّا البيانات مع قيمة الواردات والصادرات لعام 2022، تقتصر قيمة الصادرات الملحوظة على قطاعي البطاطا والبقول، أمّا ما تبقى من مكونات هذا القطاع فيعتمد على الاستيراد لأنّ ما ينتج في البلد لا يكفي لسد حاجة السوق.
ويمكن القول بأنّ الإنتاج في العام 2022 بلغ فقط 30% من قيمة الإنتاج السنوي في السنوات الماضية لهذا القطاع، فمثلًا بالنسبة لإنتاج البندورة الذي لم يتجاوز 10% من حاجة السوق، ممّا أدى إلى زيادة الاستيراد من سوريا للحصول عليها بأسعار مقبولة نسبيًّا لدى المستهلك، أمّا على صعيد قطاع الخيار فالإنتاج كان يكفي 60% من حاجة السوق لهذا يُلاحظ قيمة الاستيراد المتدنية في هذا المنتج.
وبناءً على ما تقدّم، من أجل إعادة النهوض في قطاع الخضروات لا بدّ من دعم المزارعين إمّا من حيث تيسير القروض الماليّة لسد الفجوة التي سبّبها ارتفاع التكاليف التشغيلية، أو من حيث تأمين الأسواق التصريفية للإنتاج وذلك لضمان وصول المدخول الكافي إلى يد المزارع. وأمّا إذا ما بقي الحال على ما هو عليه، فقد تصل أسعار سوق الخضروات الى ما يفوق القدرة الشرائية للمستهلك مع تراجع مستمر في قيمة الإنتاج المحلية.