
مزارعو الحمضيات في البترون يهجرون بساتينهم بسبب الخسائر: لميا شديد لم يتمكن مزارعو الحمضيات على ساحل البترون من إنقاذ موسمهم، فسبقتهم العاصفة وأسقطت الليمون على اختلاف أنواعه على الأرض، وغرقت حباته في مستنقعات المياه والوحول التي تجمعت في بساتين الليمون، وك
لم يتمكن مزارعو الحمضيات على ساحل البترون من إنقاذ موسمهم، فسبقتهم العاصفة وأسقطت الليمون على اختلاف أنواعه على الأرض، وغرقت حباته في مستنقعات المياه والوحول التي تجمعت في بساتين الليمون، وكل ما يفعله المزارعون في الأيام الحالية هو جمع الليمون عن الأرض يوميا، ورميه في مستوعبات النفايات أو في أماكن بعيدة لأنه غير صالح لا للأكل ولا للعصير، وها هم يدفعون كلفة اليد العاملة لتلف إنتاجهم بدلا من أن يقطفوه لإرساله إلى أسواق الخضار.
لميا شديد - السفير
ولم يعد يعرف المزارعون إلى أي زراعات بديلة يتحولون، لأن زراعة الحمضيات لم تعد تسد كلفة الإنتاج، بل أصبحت تكبد أصحابها خسائر كبيرة، وبعدما كانوا يعتمدون عليها كمصدر رزق أساسي أصبحت منذ سنوات مصدر خسارة، ها هم المزارعون يشبهونها "بلعبة القمار" كما وصفها المزارع الياس مينا من بلدة كوبا الساحلية "لم نستفد من الموسم في العام الحالي، وخسرناه بكامله لأن الامطار والعواصف أتلفت موسم الليمون على أنواعه من أفندي، وكليمنتين، وايفاوي. وصار الأفضل بالنسبة لنا عدم التوجه إلى البساتين كي نوفر كلفة القطاف".
ولا تختلف أوضاع العديد من مزارعي الحمضيات عن وضع مينا وقرروا مقاطعة بساتينهم كي يوفروا على جيوبهم، وكي يوفروا على قلوبهم قهرا وحزنا على مواسم تذهب للتلف عاما بعد عام. وعندما نستطلع آراءهم لمعرفة وضعهم ووضع إنتاجهم يفضلون عدم الكلام "ولماذا نتكلم عن الخسائر والأضرار، في كل سنة "نشكو وننعى" مواسم كاملة ويأتون ليكشفوا ويحرروا التقارير بعد المسح وبعد ذلك لا نرى أحدا، لا تعويضات ولا مساعدات كأننا معلقون في الهواء لا وجود لمسؤولين عنا".
منذ 7 سنوات توقفت المساعدات والتعويضات عن مزارعي الحمضيات وأصبحوا يعتمدون على أنفسهم ولا يفكرون بوعود من هنا أو هناك، لأن الأمل بالحصول على أي شيء بات معدوما، وبالأمس أرسل المزارع مينا 30 صندوقة ليمون أفندي إلى سوق الخضار، فجاء المردود 84 ألف ليرة، فيقول: "ألم يكن من الأفضل ألا أقطفها وكان الأوفر لو لم أدفع بدل يد عاملة للقطاف، كان معي 3 عمال للقطاف كلفة عملهم 90 ألف ليرة يوميا، وتقدر الكمية التي يقطفونها في يوم واحد 70 صندوقا واذا أجرينا حسابات ماذا تكون النتيجة، لا استطيع أن أفكر لأن الخسارة كبيرة، لقد كلفني الموسم بين 67 و68 مليون ليرة بين أسمدة وأدوية ورش أعشاب ورش أشجار وبدل تفريد وكلفة يد عاملة، وعندي 60 دونم أرض وحتى اليوم لم أقطف بـ 20 مليون ليرة. وخسارتي قدرت حتى الآن بـ 40 مليون ليرة، لا أستطيع التفكير، إنه شيء مؤلم جدا".
وعندما رافقنا المزارع رئيف الياس إلى بساتينه رأينا سجادا برتقاليا كسا الأرض، وفي كل يوم يستعين رئيف بعمال كي يجمعوا الليمون عن الأرض ورميه بعيدا، لكنه تمكن من إنقاذ إنتاج الأفندي والحامض والكليمنتين، بعدما عاش سباقا مع العاصفة وسبقها حتى منتصف الطريق وعادت لتسبقه فعطلت موسم الليمون الإيفاوي (الشموطي). يقول الياس: "عندي 10 دونمات وكل دونم يكلف مليونا ومئتي ألف ليرة بحسب الدراسات العلمية، ولا نستطيع أن نلغي أي مرحلة من مراحل الاهتمام والعناية بالشجر ورش الأسمدة والادوية، وبدل العامل الواحد ألف ليرة لقطاف كل صندوق ليمون إيفاوي، أما البدل المحدد لقطاف صندوق الأفندي والكليمنتين هو ألفا ليرة، واذا أجرينا الحسابات الدقيقة تظهر الخسائر الكبيرة فالأفضل ألا نجري حساباتنا، لكن المشهد مؤلم أن نرى إنتاجنا على الأرض وكل يوم نجمع منه بالكميات بالصناديق للتلف والرمي بين النفايات. وقد كنا نعتمد على إنتاجنا من الحمضيات لنعلم ونعيل العائلات لكن زمن الأول تحول ولم تعد زراعة الحمضيات تسد حاجة".