تراجع المتساقطات يربك القطاع الزراعي

تراجع المتساقطات يربك القطاع الزراعي
يعيش المزارعون حالة إرباك وفوضى، نتيجة التبدل المناخي، وتراجع المتساقطات، بشكل لم تشهده المنطقة، منذ عقود طويلة....

يعيش المزارعون حالة إرباك وفوضى، نتيجة التبدل المناخي، وتراجع المتساقطات، بشكل لم تشهده المنطقة، منذ عقود طويلة.
أمام النتائج الكارثية على المواسم الزراعية الحالية، فإن مزارعين وخبراء زراعيين يخشون من أزمة أكبر على المواسم المقبلة، في ظل عدم تساقط الأمطار الكافية لتغذية التربة من جهة، وتحصين المياه الجوفية من جهة أخرى، عبر عملية التخزين الموسمية.
ولم يطفئ مزارعون هذا العام، محركات مولداتهم الكهربائية، حيث يواصلون ري بساتينهم من الحمضيات والموز، والمزروعات على أنواعها، معربين عن قلقهم من تفاقم واقع القطاع الزراعي، جراء الارتفاع المتزايد في كلفة الانتاج، التي أضيف إليها هذا العام عمليات الري، حتى في شهري كانون وشباط، ما رفع من التكاليف غير المنظورة في حساباتهم.

الحمضيات
إلى هذه الهموم، يشكو مزارعون في الساحل الجنوبي، من اضطرارهم لقطف مواسمهم في غير أوانها، لا سيما أنواع من الحمضيات (الفالنسيا والحامض) بعدما نضجت من الخارج، ولم تنضج كلياً من الداخل، بسبب قلة المياه، وهذا ما سيؤدي إلى إغراق السوق وتراجع الأسعار.
ويؤكد عبدالله نسر أحد العاملين في قطاع الحمضيات لـ"السفير" أن "تراجع معدل المتساقطات هذا العام، ينذر بكارثة حقيقية على المزارعين وعلى مختلف أنواع الزراعات وحتى البعلية منها".
ويشير إلى أن "من النتائج المباشرة لتراجع المتساقطات، دفع المزارعين لا سيما مزارعي الحمضيات إلى قطف مواسمهم قبل موعدها المعتاد، بحوالي الشهرين بسبب نضوجها وتلوحها المبكر من الخارج، والتي لا يمكن تأجيلها، ما سينجم عنه إغراق الأسواق بمعدلات كبيرة من هذه الأنواع، التي عادة ما يعوّل عليها المزارعون لرفع مستوى الموسم والإيرادات".
ويوضح أن "عدم سقوط الأمطار بالكميات المطلوبة وفي مواعيدها، يُحرم المزارعين من تسميد أرضهم بالشكل المطلوب، بحيث يحتاج هذا السماد إلى كميات من المياه كي يتسرّب إلى التربة".

كأنهم في آب
يلحظ المزارع إبراهيم الزين الذي يعمل في الزراعات الشمسية (خس، ملفوف وزعتر وسواها) أن "التدني الكبير في كميات الأمطار وعدم تساقطها في مواعيدها الموسمية، قد انعكسا سلباً على كل أنواع الزراعات، إضافة إلى ارتفاع الأكلاف على المزارعين، الذين يواصلون ري مزروعاتهم وكأنهم في شهر آب".
ويقول لـ"السفير": "إن التفاوت الكبير في درجات الحرارة بين ساعات النهار والليل، يؤثر في عملية نمو المزروعات، ويتلفها أحياناً".
من جهته، يفيد المهندس الزراعي محسن جفال "السفير" بأن "معدل المتساقطات السنوية يتراوح بين 140 إلى 160 يوماً، بمعدل عام يصل إلى حوالي 750 ملم، لكن ما يحصل هذا العام مغاير كلياً، ولم يسبق أن حصل منذ زمن بعيد". ويشير إلى أن ذلك يؤدي إلى عدم تلبية حاجة الأرض من المياه، التي تحتضن كل أنواع المزروعات، ما يتسبب بانخفاض مستوى المياه الجوفية والبحيرات والأنهر، التي تعتبر واحدة من ركائز المياه.

فوضى في الإنتاج
يرى جفال أن "هذا الواقع المستجد، تسبب بفوضى كبيرة في عملية الانتاج والعمليات الزراعية، إذ يلجأ عدد لا يستهان به من المزارعين في المنطقة الساحلية إلى التفكير باستعجال زرع أنواع قبل أوانها، وهذا ما ينذر بمخاطر عديدة على المزارعين وأرزاقهم في حال تبدل الطقس". ويوضح أن لجوء المزارعين بشكل غير مسبوق إلى زراعة "الأنفاق"، وهي عملية يعبر عنها بوضع النايلون على المزروعات في المراحل الأولى، يعود في أحد أسبابه الرئيسية إلى قلة المتساقطات".
ويساهم الإقدام على زراعة "الأنفاق"، خصوصاً البطيخ، في الانتاج المبكر من جهة، وحماية المزروعات من العواصف والأمطار، لكنه في المقابل، يتطلب كلفة اضافية عالية.
أما عن الزراعات البعلية، فيوضح جفال أن "هذه الزراعات، وفي مقدمها الزيتون، ستتأثر كثيراً من جراء الانخفاض الحاد في هطول الأمطار، لان مثل هذه الأنواع تعتمد على التخزين".

السفير

تراجع المتساقطات يربك القطاع الزراعي